9 أبريل، 2024 1:59 ص
Search
Close this search box.

ومضات مشرقة من بحث الدولة المارقة-..الجزء الخامس

Facebook
Twitter
LinkedIn

كما وعدنا في المقال السابق أن نتحدث عن مفهوم ( الغاية تبرر الوسيلة ) هو مبدأ ليس جديدا كما يعتقد البعض غاية الأمر إن المفهوم قد تم تقنينه وتطويره وشرعنته في بعض الأحيان ليصبح شيئا عاديا مستساغا وطبيعيا وفك ارتباطه بالأخلاقيات ونشره وتدريسه في المناهج الأكاديمية ووضعت حوله الدراسات والبحوث وتم استخدامه بصورة اشمل وأكثر تركيزا واتساعا ووضعت له الأفكار والتصورات التي تبيح لأصحابها انتهاج أساليب المراوغة والغش والعمل بروح المؤامرة أو اتخاذ نمط ( البراغماتية ) التي تعني سياسة فرض الأمر الواقع التي ينسلخ فيها الإنسان من مبادئه ويتماشى مع بيئة ملوثة بالفساد والانحراف إلى الدرجة التي يصبح فيها المفسد وانحرافه أمرا طبيعيا لكن الحقيقة ان هذا المبدأ أول من عمل به ووضع له الحجر الأساس في بلاد الإسلام هم الأمويون لان غايتهم هي الحكم والسلطة ولم يتورعوا في استخدام كل الوسائل والأدوات والأساليب المتاحة للوصول للسلطة والبقاء فيها أطول فترة ممكنة لذلك قال معاوية قولته المشهورة حين قتل الصحابي مالك الاشتر( إن لله جنودا من عسل ) ويقصد انه قام بدس السم إليه في عسل وقتله للتخلص منه , كما أنهم أول من استخدم الرشا وشراء الذمم لاستقطاب الناس حولهم واستخدموا كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة المحرمة وغير المحرمة لأجل إدامة وصيانة حكمهم وتبعهم مريديهم والسائرون على نهجهم ومن أولئك ( ابن تيمية الحراني ) الذي أطلقوا عليه ( شيخ الإسلام ) حيث استخدم الأكاذيب والتدليس والتحريف لنشر أفكاره الهدامة في المجتمع الإسلامي.. والغاية تبرر الوسيلة” شعار له تأثير عميق في نفوس الكثيرين ويستخدمونه من أجل الوصول إلى أهدافهم وغاياتهم ولعل السلطة والحكم من أهم تلك الأهداف التي يسعى لها البعض والشواهد التاريخية كثيرة جدا ولا يمكن حصرها فهناك من أتخذ منهج الدس والتحريف والكذب من أجل تحقيق هدفه في الوصول للسلطة والحكم وهناك من اتخذ أسلوب قتل وسفك دماء أهل البيت عليهم السلام من أجل الحكم وهناك من رفع شعارات الثأر والرضا لأهل البيت عليهم السلام من أجل الحكم كالمختار الثقفي وبني العباس وغيرهم , وفي العصور المتأخرة وعلى الصعيد العالمي وبالخصوص في أوربا أول من نظّر وروج لهذا المنهج هو نيكولو دي برناردو دي ماكيافيلّي (3 مايو 1469 – 21 يونيو 1527) ولد وتوفي في فلورنسا ،كان مفكرا وفيلسوفا سياسيا إيطاليا إبان ما يسمى بعصر النهضة. أصبح مكيافيلي الشخصية الرئيسية والمؤسس للتنظير السياسي الواقعي،والذي أصبحت فيما بعد عصب دراسات العلم السياسي. أشهر كتبه على الإطلاق، كتاب ( الأمير ) ،والذي كان عملاً أراد مكيافيلي منه أن يكتب تعليمات للحكام، نُشرَ الكتاب بعد موته،وأيد فيه فكرة أن ما هو مفيد فهو ضروري، والتي كان عبارة عن صورة مبكرة للنفعية والواقعية السياسية. ولقد فُصلت نظريات مكيافيلي في القرن العشرين. ويذهب الكثير من المفكرين السياسيين بان لميكيافيلي دور هام في تطور الفكر السياسي الحالي الذي يعتمد الأكاذيب والخديعة والإعلام المزيف ،حيث انه أسس منهجا جديدا في السياسة، بأفكار تبشر بمحاولات لتجاوز الفكر الديني. نقطة التحول هذه لتجاوز السلطة الدينية التي كانت سائدة في الفكر السياسي الأوروبي في القرون الوسطى أعقبت بتحولات أخرى أكثر جدية من طرف فولتير , ومونتسكيو , وجون لوك , وجان جاك روسو , وغيرهم من المفكرين التنويريين الليبراليين في اوربا وهكذا كان ميكافيلي نقطة تحول هامة في تاريخ الفكر السياسي الحديث والمجتمع عند ماكيافيلي يتطور بأسباب طبيعية،فالقوى المحركة للتاريخ عنده هي “المصلحة المادية” و”السلطة”. وقد لاحظ صراع المصالح بين جماهير الشعب والطبقات الحاكمة،وطالب ماكيافيلي بخلق دولة وطنية حرة من الصراعات الإقطاعية القاتلة، وقادرة على قمع الاضطرابات الشعبية وكان يعتبر من المسموح به استخدام كل الوسائل في الصراع السياسي..وبرر القسوة والوحشية في صراع الحكام على السلطة. ومن أقواله “الغاية تبرر الوسيلة” . و ”إنها متعة مضاعفة عندما تخدع المخادع“.و”الطريقة الأولى لتقييم حكمة الحاكم،هي النظر إلى الرجال المحيطين به“ و”إن الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس.” كان المواطن الروماني يخشى حنث اليمين أكثر من القوانين،لأنه يهاب أولئك الذين يمثلون سلطات الرب أكثر من الرجال“.
و “حبي لنفسي قبل حبي لبلادي” .و «جميع الأمراء يريدون الظهور بمظهر الرحمة لا القسوة، ولكن عليه التأكد ألا يسيء استخدام هذه الرحمة. لا ينبغي على الأمير التردد في إظهار القسوة للإبقاء على رعاياه متحدين،لأنه بقسوته هذه هو أكثر رحمة من أولئك الذين يسمحون بظهور الفوضى بسبب لينهم. ولكن عليه أن يكون حذرًا، لن يستطيع تجنب سمعة القسوة فجميع الدول الجديدة محاطة بالمخاطر. لكن بإمكانه المضي قدمًا بكثير من الحكمة والإنسانية. فالثقة المفرطة ستكسبه سمعة المغفل، وعدم الثقة ستظهره بمظهر الغير متسامح. من هنا يأتي السؤال، هل من الأفضل أن تكون مهابًا أم محبوبًا؟ الإجابة هي من الجيد أن تكون مهابًا ومحبوبًا ولكن من الصعب تحقيق ذلك، والأضمن أن تكون مهابًا على أن تكون محبوبًا،إذا لم تستطع أن تكون كليهما. الرجال بشكل عام جاحدون، طليقوا اللسان، جشعون ويحرصون على تجنب المخاطر. طالما أنهم مستفيدون منك، فأنت تملكهم بشكل كامل، يعرضون عليك دمائهم وسلعهم وأطفالهم عندما تكون المخاطر بعيدة. ولكنهم يتمردون عندما يقترب الخطر والأمير الذي يعتمد على كلماتهم دون الاستعداد لإجراءات أخرى، سيزول لأنه اشترى صداقتهم ولم ينلها بنبله وعظمة روحه. يتردد الرجال في إهانة ملهمي الخوف مقارنة بملهمي المحبة،لأن الحب يتماسك بسلسلة من الالتزامات التي سيكسرها الرجال فور خدمة أغراضهم. لكن الخوف يتماسك برعب من العقوبة لا يفشل أبدًا»انتهت أقوال ميكافيلي ..
اعتقد ان الغاية تبرر الوسيلة اخطر ما فيها هي وصولها بوسيلة شرعية !! الى مرادها وغايتها ومن ثم تلتف على تلك الوسيلة لتحرقها وتضربها بشدة بسكاكين أعدائها كما حصل للإسلام فقد تعرض لظلم واعتداء كبير عندما وصلت الحكومات والإمبراطوريات تحت اسمه وشعاراته ولكنها بمجرد أن يستتب لها الأمر وتسيطر وتستحوذ على كافة السلطات الدينية والزمنية واذا بها تعرض الدين والإسلام في مزادات التشويه والتسقيط وتحت وطأة سياساتها وإجراءاتها ذاتها كما حصل ذلك إبان الحكم الأموي والعباسي وما تلاهما من حكومات وسلاطين واستمرت هذه المتلازمة إلى يومنا هذا وأخذت طابعا مهولا من التعرض والتسقيط المقنن والمطور والمستحدث ليس فقط لخدمة بقائها بقدر إيجاد الأسباب لإنهاء وإزالة الدين الإسلامي لان الإسلام دين الإنسانية وضد مقولة الغاية تبرر الوسيلة .. يقول سماحة المحقق الأستاذ الصرخي الحسني في بيــان رقم –77 – الموسوم ( الحركة الإصلاحية بين الإيثار والانتهازية ..) ..
[ ونفس الكلام يجري على أهل الكوفة هذا الزمان فإنهم لتبرير أو لمعالجة حالتهم النفسية أو لتحسين سمعتهم وواجهاتهم أو لفلسفة عملهم أو للتقليل من خطورته وتأثيراته أو لفلسفة البديل أو لفلسفة التكفير عن الذنب فإن المجتمع الكوفي المعاصر المتدين السالك والعامل بنهج التقليد الذي لم يقلد المرجع القائد المصلح أصلا أو قلده لكن تخلى عنه (وكل ذلك لأن طريق المصلح صعب وفيه المؤونة الكبيرة والمشقة الشديدة والتضحيات الكثيرة بالرغم من معرفتهم وتيقنهم بأحقية المصلح ومنهجه لكنهم يجحدون )..فهذا المجتمع ينافق ويفلسف جبنه وخنوعه بتقليد الخط الآخر المتمثل بالمرجع الساكت الصامت لأن الطريقة أسهل وأخف مؤونة ولا مشقة فيها.. لكن مع ذلك فانه يبقى المرجع المصلح ومنهجه هو القدوة والمثل الأعلى وهذا ما يعتقده المجتمع ويعلم به المرجع الساكت الصامت وعندما تتوفر الظروف لإظهار ما يرجع إلى منهج ونظريات المصلح ويكون إظهار ذلك خفيف المؤونة وكان في إظهاره الربح والمنفعة والواجهة والسمعة مع عدم أي مضرة او مشقة فإن المجتمع والمرجع الصامت كلاهما يتسارعان ويتسابقان ويدفع أحدهما الآخر نحو تطبيق ذاك المنهج ظاهرا وهذا ما شاهدناه ولمسناه وعشناه في تصدي الحوزة والمرجعية الساكتة الصامتة للتصدي والعمل وكأنها هي صاحبة الولاية العامة ونظرياتها الإصلاحية التي تخالف فكرها ومنهجها ومعتقده الأصلي بل فعلت ذلك من أجل محاكاة ومجاراة المجتمع وكسب المنافع المالية والسمعة والواجهة..وكسب رضا السلطة الفاسدة او قوى محتلة كافرة..ومما سبق يمكن أن تقول وباختصار (أن المرجع القائد المصلح يكون قائدا للمجتمع بينما المرجع الساكت الصامت يكون منقادا للمجتمع وللهوى والنفس والسمعة والواجهة)..ومما يدخل في التحليل السابق ويؤثر فيه أن المرجعية الصالحة المصلحة تكون متصفة بنكران الذات والإيثار وشعارها دائما وأبدا أن الغاية لا تبرر الوسيلة ..أما المرجعية الأخرى ومؤسستها فتكون متصفة بالنفاق والانتهازية وشعارها دائما وأبدا أن الغاية تبرر الوسيلة ..وهذا هو الثابت عبر العصور من كبراء الأمة وأغنيائها وذوي الطول والواجهات كأحبار اليهود وأبي سفيان ومعاوية ويزيد مرورا بطواغيت بني العباس حتى طواغيت هذه الأمة وعلماء النفاق ويبقى والمكر والنفاق والانتهازية فيها حتى ظهور المعصوم (عليه السلام) وتحقيق دولة العدل الإلهي المباركة.] …
=========
للاطلاع ..رابط البيان رقم 77
goo.gl/KBGWjx

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب