25 نوفمبر، 2024 5:21 ص
Search
Close this search box.

ومضات جيواستراتيجية

أوكرانيــــــــــــا وروسيا:
في أول مقال حول حرب أوكرانيا ذكرنا أن هنالك حاجة لتفهم وضع روسيا الجيواستراتيجي، وما يحتويه من متطلبات مهمة على مرونة الحركة لأساطيلها البحرية التجارية والعسكرية وكون البحر الأسود والقرم ومنطقة جنوب أوكرانيا الحالية لمنطقة مصب الدنيبر، وتبقى المنطقة الأخرى من أوكرانيا منطقة نفوذ لروسيا وليس لحلف الأطلسي أي امتداد فيها.
الحرب الروسية الغربية من خلال أوكرانيا واقع حال لكن إعلانها يحبطه الخوف من حقيقة وجودها الا أن هذا لن يمنع اندلاعها مع انتقال أمريكا للضغط على الصين ذلك التنين الذي يتحرك ببطيء ويتثاءب.
الولايات المتحدة:
مذهب الولايات المتحدة الإسبرطي المتوافق تماما مع نشأتها ونوعية النفسية والعقلية التي قامت عليها والتي تدارت لضرورات النفعية والنظام الرأسمالي وتطور إدارته وتكامل مستمر في سد الثغرات، هذه كلها تجعل الاسبرطية تحيط بسلوكية الولايات المتحدة الخارجية، فهي إن بنت في الداخل وهو موضوع به تفاصيل كثيرة، فان الهدم ما تفعله حقيقة تحليل سلوكها خارجا، لا تتعامل من خلال منظومة قيمية والخارج لأنها ستتضارب مع قواعد النفعية في الداخل وهذا يعني أن حكامها في امتحان سؤال التوازن الدولي والعالم الخارجي المتكرر لأنها لا تجيد سياسة دون الإخضاع، وهذه تجعل الخاضع ورقة مساومة والمقاوم لها خصم تجري عليه خطوات الاحتواء، وهي تبدو ظاهرا نوعا من التفهم لكنها واقعا إحكام السيطرة وصبر القط على فريسته لا تهجم إلا على عندما لا تتوقع أية مقاومة أو عون من احد.
دول الخليج
دول الخليج دول مهام ولها أدوار في الجيوسياسة ولكنها ليست حرة التصرف بقناعتها بوجوب التزامها بحدود وتعليمات ما مقابل ما تظن انه حماية والتزام، لكن الولايات المتحدة لا التزام لها وإنما هو اعتبار أن هذا رضوخ وفق العقيدة الاسبرطية بينما عند القيم البدوية هي كياسة وعطاء للصديق خصوصا انه حليف وقت الشدة، وكانت بعض الجوار تمثل تهديدا واضحت مع مرور الزمن وسقطات وإخفاقات العلاقة بين الولايات المتحدة وبين دول الخليج أن تكون هنالك مواقف متعددة في الخليج من كل حالة، وهذا أشير هنا إلى وجوب إنهائه وفورا وليس من حاجة إلى اكثر من مصارحة وبغرض التفاهم والتنازل للبعض.
سوء التفاهم كان واضحا عندما يحدث موقف حيث يأخذ الحليف منه مواقف وفق مصلحته ويتصور انه سيأمر ويطاع بلا تفكير بينما يكون موقف العرب خلافه متجاوبا مع المخاوف التي من أجلها أقيم الحلف المنظور من زاويتين، وهنا يواجه برد الفعل القوي، حصل هذا مع الملك عبد العزيز ووزير الخارجية سعود الفيصل والملك فيصل الشهيد، ورد فعل سابق من سمو ولي العهد مثالا لا حصرا وإنما ظهر الأمر لان الموقف متابع من الأعلام.
الولايات المتحدة كانت تخيف المنطقة بإيران وسلوكيات إيران تؤكد تلك المخاوف لكن وان كانت تبدو الولايات المتحدة في حالة إرضاء لإيران حتى على حساب الكيان، فإنها واقعا تستنفر المنطقة لتكون بلا رد فعل عندما لا تجد رد فعل من الصين وروسيا وتركيا، عندما تأتي ساعة احتواء أي دولة في المنطقة ومنها إيران وتحويلها العدو الأخطر في التعريف الجديد لقائمة الأعداء…. هذا التفكير الاستراتيجي الذي ينظر إلى هذه الاستراتيجية بطريقة وأخرى اتخذته دول من الخليج، السعودية نتيجة إغراق المملكة بسوء السلوك والفهم الأمريكي، الإمارات وقطر كل من خلال دوره في السياسة والمال والأعمال، وكان توجه السعودية لحسم الأمر مباشرة خطوة أنهت حالة التخويف المستمر والضرر بالمصالح دون وجود داع لهذا الخلاف الذي انتهى بمساعدة دول عدة كل بدورها وزمنها ليستقر القرار النهائي في الصين وهنا يأتي السؤال المهم، هل ينبغي أن تستغل هذه من اجل أي جهة أو يجري تفاهم وتعاون في الجانب المدني وإزالة أي محتوى قد يرى مصعدا للخلاف أو الإضرار بالمصالح، هذا راجح خصوصا وان ما حصل لا يهدف إلى استقطاب أو دخول محور على حساب محور، بل لإيقاف جر المنطقة هذه إلى أتون حرب قادمة نتيجة وضع الجدران وتخويفها بعضها من بعض.
التموضع لدول الخليج:
مرة أخرى نقول بضرورة تفعيل مجلس التعاون الخليجي ومهام إضافية له أيضا، وان يستفيد من التحول في السياسة تجاه إيران بشكل إيجابي، وان ينفضوا طريقة التعامل بالعطاء وانتظار الآخر للفعل لنقوم برد الفعل، وهذا التردد سيضيع فرصة تاريخية لتكون هذه الدول في مكان عليا بان تقود اقتصاد العالم وتؤثر في قرار التداعي نحو حرب متسارعة في منحدر، النفط هو من يدعم العملة، وان كانت تخاف رد الفعل فممكن أن تكون هذه العملة ليست موحدة مع دول الخليج فقط، هذا الموقف وضع الغرب نفسه به لأنه لم يتعامل بالتكافؤ وفق المعطيات علميا بين الغرب ودول المنطقة وإنما بالتمكين ومقومات القوة، وعدم الوفاء لدول قبلت أن تكون مواردها داعمة لاقتصاد الولايات المتحدة بقبولها الدولار كعملة تداول للنفط، أما أن الداعم هو الاقتصاد الأمريكي فالاقتصاد هو من قوة الدولار ولولا تلك القوة الآتية من النفط الخليجي بالذات لأصبح اقتصادا ذو مديونية مرتفعة جدا ومطالب بها.
ما هو المطلوب:
المطلوب هو إعادة التموضع الجماعي دون كسر طرف لطرف، ودون استغلال سيء، فمن مصلحة دول المنطقة أن يكون هنالك خليجا قويا بأطرافه واقتصاده، وإلا فالاحتواء له خططه وان نقصت أدواته فلا يُعجز عن صناعة أدوات جديدة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات