المؤمن بعمق قضية ما، ينظر بعين الباريء عز وجل، فتجد القائد على أكمل وجه يكتب ويدون، ويضع الخطط ويقدم نفسه على الآخرين، في خط المواجهة والتصدي، ولا يخافون إلا على الدين والعقيدة، فهم نذروا أنفسهم لها، وتراهم سعداء بأية نبوءة مقدسة تخص رحيلهم عن الدنيا، ما دام الأمر يعني، أن تتشح المسافة بين الأرض والسماء، بصفة العطاء والتضحية بلا حدود، عندها يقتحم منايانا لتتحقق أمانينا، فأي جندي أنت أيها الحكيم؟!
مجاهد ثائر يغوص في أعماق الماضين، فيحسب بدقة متناهية عناصر كل معكسر على جهة، ويرى الفرق الكبير بينهما، فيجيب الدم والدمع: هناك رحيل ووادع يرتشف السعادة من خلال الشهادة، وهي هويتنا في الأول من رجب، ذكرى إستشهاد السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)، وفي الجانب الآخر معكسر يذوق الخيبة والخسران، لا يحظى إلا بالخرافة والسخافة، لذا كانت نفوس شهدائنا الأبرار، تبتلع حماقات الآخرين وآخطاءهم، وعلى رأسهم شهيد المحراب وعزيز العراق.
رسالتنا عن الأول من رجب يوم الشهيد العراقي، بدأت من أعماق بيت علوي حسني طاهر، من بيوت أذن الله أن يرفع فيها، إسم الجهاد والمقاومة ضد الظلم والظالمين، ذرية بعضها من بعض، يستريح تحت خيمتها كل مكونات العراق، وأطيافه، وقومياته، إنه يوم لكل الشهداء الذين منحوا أرواحهم لتستريح أرواحنا، ونحن ندرك أن لله جنوداً لايعلمهم إلاهو، حين يختارهم فرداً فرداً، ليكونوا بين شهداء على الأمة، فيحل النصر ببركة أجسادهم المقطعة.
إذا حلَّ حب الخالق في قلب المؤمن المجاهد، وركز الى الحرية الحمراء، فلقد أصلح الله باله، وزاد بدنه قوة ليتحمل مقدار البذل الذي سيمنحه للآخرة، ويسعد قلبه بهذا المنح الإلهي، ويطمئن أن رحيله يعني الحياة مجدداً، ولكن بطريقة مختلفة هذه المرة، فقد أنتج يوم الشهيد العراقي نصراً خالداً وشامل،اً ترنو إليه الأبصار والبصائر، فمواكب الشهداء تكتب تأريخاً عظيماً، يخط في ديباجته: إنما خرجنا لطلب الإصلاح في أمتنا، فهيهات منا الذلة.
الجانب المعنوي العقائدي للشخصية الثائرة، المناهضة للظلم والفساد، يركز عليها العدو التكفيري، بغض النظر عن دينه ومذهبه، فكيف بالإرهاب الوهابي، الذي حاول قمع الروح المطالبة بالجهاد ضد الطغاة، لكي يشيع السكوت والخوف من السلطة الحاكمة، وهذا ما يرفضه الأحرار والصالحين، الذين يخففون الثقل عن الأمة المضطهدة، ويهبون أجسادهم من أجل ولادة جديدة لها، معبدة بدماء طاهرة، فالشهادة لجندي من جنود الله ليست رسالة موت، بل رسالة حياة وخلود هدفها الإنتصار.