صدق من قال ( العاقل من عقل لسانه ) وصدق من قال ( شر البلية ما يضحك ) , ففي حديث له يوم أمس الأثنين 6 شباط 2017 لقناة فرانس 24 نقلته وسائل الإعلام العراقية والعالمية قال رئيس الوزراء حيدر العبادي ( أنّه طلب إجراء تحقيق لمعرفة ما إذا كان الأمريكيون فعلا أخطأوا في العام 2003 كما قال الرئيس ترامب بشأن تحرير العراق ) , ولو كان هذا التصريح صادر من الرئيس الأمريكي ترامب بفتح تحقيق بالحرب التي شنّتها الولايات المتحدة الأمريكية على العراق عام 2003 والتي احتلّت من خلالها العراق وأسقطت نظام الحكم فيه , لربّما كان هذا منطقيا ومبرّرا , وهو بالنتيجة شأن أمريكي داخلي لا شأن لنا فيه , فإذا كان الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأبن قد أخطأ في قراره باحتلال العراق وتسببه في هذه الخسائر الفادحة بالأرواح والأموال لأمريكا لمجرد رغبته في إسقاط نظام الحكم في العراق , فمن حق الرئيس الأمريكي الحالي أن يطلب من الكونغرس الأمريكي فتح تحقيق بهذا الامر من أجل الوقوف على الأسباب الحقيقية التي دفعت الولايات المتحدّة الأمريكية شن الحرب على العراق وإسقاط نظام الحكم فيه , ومن حق رئيس حكومة العراق أيضا أن يطالب بفتح تحقيق بالأضرار التي ألحقها الاحتلال الأمريكي للعراق سواء الأضرار المادية وما يتعلّق بتدمير بنية العراق التحية أو الخسائر بالأرواح التي لحقت بالشعب العراقي جراء هذا الاحتلال وما تمّخض عنه .
أمّا أن يطلب رئيس وزراء العراق إجراء تحقيق لمعرفة إذا كان الأمريكيون قد أخطأوا في تحرير العراق , فهذه هي الطامة الكبرى , أنفتح تحقيقا لمعرفة أنّ أمريكا قد أصابت أو أخطأت بإسقاط الديكتاتورية في العراق وأزالت نظام صدّام المجرم والبعث القذر ؟ أنفتح تحقيقا بأنّ أمريكا أسقطت الديكتاتورية وأقامت النظام الحالي بديلا عنه ؟ أم نفتح تحقيقا أنّ أمريكا قد أزالت صدّام و جائت بك رئيسا للوزراء ؟ أليس من الأجدى أن تطالب يا جناب رئيس الوزراء بإجراء تحقيق بالتصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي الجديد ترامب بأنّ إدارة الرئيس السابق أوباما هي التي أوجدت ودعمت داعش ؟ ثمّ من هي الجهة التي ستتوّلى إجراء هذا التحقيق ؟ فهل هي عراقية أم أمريكية وما دور العراق في هذا التحقيق ؟ وما الفائدة التي ستعود على العراق بمثل هذا التحقيق اللا ممكن واللا منطقي ؟ وهل ستكون نتائج مثل هذا التحقيق ملزمة لأمريكا ؟ وقد يسال سائل أين هي نتائج عشرات اللجان التحقيقية العراقية التي تشّكلّت منذ عام 2003 وحتى هذه اللحظة في النظر في عشرات الجرائم والفساد الذي نخر مؤسسات الدولة العراقية ؟ نصيحتي لك جناب رئيس الوزراء أن تترك منصبك الذي هو أكبر من مقاسك كثيرا وتتركه لمن هو مؤهل لهذا المنصب .
