5 نوفمبر، 2024 4:48 م
Search
Close this search box.

وماذا عن دور المرأة في كربلاء ؟

وماذا عن دور المرأة في كربلاء ؟

-1-
نقرأ قول الشاعر :
لا عَذَّبَ الله أمي إنها شَرِبَتْ
                     حُبَّ الوصيِّ وَغَذَتِنيهِ باللبنِ
وكان لي والدٌ يَهْوَى أبا حسنٍ
                    فصرتُ مِنْ ذي وذا أهوى أبا حَسَنِ
فَنُندركُ قوة تأثير العامل الوراثي في الشخصية الانسانية .
ان الشاعر نشأ وَقَلْبُهُ مواّرٌ بالحب والولاء لامير المؤمنين (ع) بفعل ما ورثه من أبويه …
-2-
وكما يكون (للجينات) أثرُها الفاعل ،يكون للتربية السليمة ، والأجواء النقيّة، والبيئة الصالحة مفاعيلُها الايجابية في تقويم الشخصية ، وطهارة السلوك والمسار .
وهذا ما انعكس بشكل واضح ، على كثير من الأبطال ، الذين خاضوا غمار (معركة الطفوف) تحت راية الامام الحسين (ع) .
-3-
ومن هذه الصفوة الطيّبة فتىً في عمر الورد، اسمه (عمرو بن جنادة) لقد هبّ هذا الفتى مُتَجِهاً الى ميدان القتال، وشمّر عن ساعِدَيْه ، ممتطياً صهوة العزم على المواجهة الساخنة لأعداء الله والانسانية ..
لقد كان أبوه قد استشهد قبل قليل ، فلما رآه الحسين (ع) عزّ عليه ان يخرج للمنازلة بعد مصرعَ أبيه وخشى على أمّه التي قد لاتستطيع تحمّل فقِدِه  فأجاب الفتى البطل قائلاً :
(بأبي أنت وأمي ،
إنّ اميّ هي التي أمرتني بالقتال معك ، وأنشأ يقول :
أميري حسين ونعمَ الأميرْ
                       سرورُ فؤادِ البشيرِ النذيرْ
عليٌ وفاطمةٌ والِداه
                       فهل تعلمون له من نظيرْ
له طلعةٌ مِثْلُ شمس الضحى
        له غُرّةٌ مثل بدِرِ منيرْ
لم يفخر بنسب ولا قبيلة ،
ولم يذكر من مآثر أسلافه شيئاً ،
وانما افتخر بانتسابه الى الحسين (ع) ، فهو أميرُه ، لا الطاغوت المدَّنَس بالآثام والجرائر ، العاهر الفاجر ، المولع بالخمور والقرود والفهود نعم إنّ الحسين (ع) وهو سيد شباب اهل الجنة ، وريحانة رسول الله (ص) هو أميرهُ ، وهو زعيمُه ، وهو القائد الذي يفخر بالقتال تحت رايته المقدّسه .
ومن هو الحسين ؟
انه ابن علي وفاطمة ،
أيقاس به أحدٌ من الناس ؟
وهل له من مماثِل أو نظير ؟
ثم ان (الفتى) لم يغفل حتى عن أوصاف الامام الحسين جمالاً وبهاءً ونوراً ، وكأنه يريد ان يقول :
ان الحسين (ع) جمع المجد من أطرافه ، وحاز أبعاد السمّو والرفعة بكل المعايير …
-4-
وأيةُ منقبة أكبر لأمرأة ثكلى بزوجها الشهيد، ان تكون هي المبادرة لإنزال (ابيها) الوحيد ، الى ميدان المعركة، لينال هو أيضاً شرف الشهادة بين يديّ الامام الحسين، ويتوسد رمال كربلاء المطرزة، بالاشلاء والشهداء دفاعاً عن الدين والمظلومين المعذبين ..؟!
انها سيدةٌ بلغت أوجاً رفيعاً من الايمان والبصيرة والقدرة على تحكيم المعادلات العقلانية الصائبة، على الانفعالات العاطفية المتأججه ، واستحقت ان تكون مثالاً تحتذيه الأمهات الواعيات على مدى الأيام .
-5-
وماذا صنعت هذه السيدة حين ألقي برأس وَلَدِها الشهيد (عمرو بن جنادة)
الى معسكر الحسين ؟
انها أخذت رأس ابنها ،
ووضعته على صدرها ،
وقالت تخاطبه :
أحسنتَ ياولدي ، وياسرورَ قلبي ، ويا نور عيني ،
ثم رمت برأسه وهي غاضبة واحداً من الاعداء فَاَرْدَتْهُ صريعاً .
وتعجز الكلمات عن تثمين هذا الموقف الفريد ، والمشهد الناطق بكلّ ضورب الأصالة والتألق .
-6-
انها لم تكتف بذلك ، وانما انتزعت عمود الخيمة ، وحملت على عسكر العدوّ وهي تقول :
أنا عجوزٌ سيدي ضعيفه
                     خاويةٌ باليةٌ نحيفه
أضربكم بضربة عنيفه
                     دون بني فاطمة الشريفه
فقتلت رجلين من الأعداء
ثم ان الامام الحسين (ع) جاءها ، وهي بتلك الحالة ، وأمرها بالعودة الى مخيم النساء ودعا لها …
لم تكن تملك من سلاحٍ يُمكنها استعماله، فاختارت ان يكون عمود الخيمة سلاحها في المعركة ، وبه قتلت رجلين من الاعداء !!
انها تحوّلت الى (مقاتلة) من طراز متميّز ، فأضافت الى مناقبها العديدة منقبةً جديدة .
انها منقبة الجهاد ، وأكرمْ بها من منقبة سامية عالية .
ان للمرأة دوراً مهماً في معركة الطف لايسوغ إهماله بحالٍ من الأحوال .
ولم تكن الشهيدة العالمة المظلومة المجاهدة (بنت الهدى) ، الاّ المثال الأبرز للمرأة العراقية في وعيها وبطولاتها في ميدان النضال والدفاع عن المقدسات والقيم والمبادئ وكرامة الانسان وحرياته تحت راية أخيها القائد المرجع المجاهد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر – رضوان الله عليه – ، الذي نازل ورثة يزيد بن معاوية على خطى جده الامام الحسين (ع)
وهكذا تواصلت الحلقات ، من الحوراء زينب (ع) ومن معها من بنات الرسالة ، ونساء الأصحاب والأبرار ، حتى موقف (زينب العصر) الشهيدة (آمنة الصدر) والحرائر من طالبات مدرستها المباركة .

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات