يقول عمر بن أبي ربيعة بعد حج :
ولما قضينا من منى كل حاجة …. ومسح بالأركان من هو ماسح
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا …. وسالت بأعناق ألمطي الاباطح
اليوم انفض السامر ورجع الى دياره الزائر ورفعت الصحف وخيام الخدمة وعادت الجموع خدما وزائرين للحسين عليه السلام الى دولهم ومدنهم وبيوتهم بعد ان طافوا حول ضريح الامام الشهيد وتبركت وجوههم واقدامهم بثرى كربلاء الثورة والمجد الحسيني وكحلوا عيونهم بمرأى القباب الذهبية لسيد شباب اهل الجنة والتقى تحت ظلالها الزائر باعراق واجناس مختلفة الالوان والطباع ولايجمعها ويوحدها الا حب الحسين والسعي للاقتراب منه ارضا وضريحا وقبابا ووجودا وكيانا بضخامة الكون وقلة منهم من سعى لمعرفة كنه الحسين وثورته وحاول الاقتراب من سر توهج ثورة الحسين حد هزهزت كل عروش الظلم والطغيان وارعابها على مر الازمنة . كربلاء كعبة للاحرار والثورة ولايكفي القيام بطقوس احتفالية قريبا منها ولا السير مشيا على الاقدام من اماكن قريبة وبعيدة منها وحتى زيارة التبرك وحدها غير كافية والذي يكفي فقط هو ممارسة الطقوس التي مارسها الحسين ومن كانوا معه هي وحدها التي تجعل الممارس لها منتميا للحسين وثورته العظيمة وكربلائه وليس المسح بالاركان والاخذ باطراف الحديث عند العودة عن ذكريات طرية تمثلت بالسهر والخدمة او اللطم والبكاء في عرصات كربلاء او في القرب منها .. من يريد الانتماء للحسين عليه ان يتأسى به ويتابعه حذو الخطوة بالخطوة .. الحسين لم يرض الذلة له او لغيره .. الحسين لم يساوم على كرامته .. الحسين لم يترك حقه .. الحسين لم يسكت على ظلم وجور حاكم .. الحسين حارب السارق والظالم والطاغي والمستعبد والمستحل لحرمات الله في ساحة واحدة .. الحسين تحلى بالورع والانسانية وجمال الخلق والتراحم والمشاركة والمواساة والحب للاخرين مثل ما احب لنفسه .. الحسين لم يكن يفرق بين اسود واحمر الا بالتقوى ولم يكن طائفيا او عنصريا . وعليه يجب ان نقف كمشاركين في هذا الحشد المليوني الذي اتجه للحسين متوحدا كبحر بشري زاخر ورجعنا زرافات ووحدانا ونسأل انفسنا : بماذا نتحلى من صفات الحسين ؟ وماهو كسبنا منها في زيارتنا له في موسمه هذا؟ هل غرست ملاقاة الحسين في نفوسنا بذرة رفض الظلم والثورة عليه ؟ هل توسعت مداركنا وتفتحت ازاهير انسانيتنا وتذكرنا ونحن في طريق العودة ان هناك من هجروا من ديارهم قسريا يعانون زمهرير الشتاء وحمارة القيظ وهم بحاجة لمساعدتنا او مواساتنا على الاقل ؟ والاف الاسئلة التي تكمن اجاباتها في فهمنا الصحيح للحسين عليه السلام . اذا لم تساورنا هكذا افكار ومقارنات وتعتمل في قلوبنا وعقولنا فلن نتعدى مافعله بن ابي ربيعة وصحبه من مسح اركان والاخذ باطراف الاحاديث وسيل الاودية بخطوات العائدين ولم يكن للحسين وثورته ومبادئه في ضمائرنا من وجود.