هناك ثمة مفارقة ولکن ليست ذات مضمون يثير الضحك والسخرية وإنما يثير الحزن والاسى، وهکذا مفارقة قد لانجدها وبصورة متکررة حتى تبدو کظاهرة إلا في ظل حکم نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، إذ أننا لو دققنا في الاعتراف الاکثر من صادم لعضو مجلس الشورى(البرلمان الايراني) بيکلري والذي يوجه خطابه لرئيس الجمهورية روحاني قائلا:” سيدي رئيس الجمهورية، نرجو منك أن تأخذ صرخات المحتاجين في المجتمع على محمل الجد، إذ إن أكثر من 10 ملايين أسرة في البلاد يعانون اليوم من عدم القدرة على توفير لقمة العيش”، ولو فرضنا جدلا بأن عدد أفراد کل أسرة من هذه ال10 ملايين أسرة 4 أفراد(على الرغم من أنهم أکثر من ذلك کأية أسرة شرقية في بلدان الشرق الاوسط) فإن هذا الاعتراف يعني أن أکثر من 40 مليون إيراني، أي نصف الشعب الايراني يعانون من الجوع ولايجدون ما يسدوا به أودهم!
القادة والمسٶولون في النظام الايراني سبق لهم وإن إعترفوا لمرات عديدة بأن قرابة 60% من الشعب الايراني يعيشون تحت خط الفقر، بمعنى إنهم يعانون من الحرمان ولکن ليس الى حد المجاعة، حيث کان هناك حديث في الاعوام الماضية عن وجود قرابة 5 ملايين إيراني يعانون من المجاعة ولکن أن يصل الامر الى 10 ملايين أسرة تعاني من المجاعة فإن المسألة تتعدى وتتجاوز الحالة الطبيعية وتغدو أکثر من مشکلة ولاسيما ونحن نعلم بأن إيران بلد غني ويمتلك إمکانيات هائلة.
هذا الاعتراف المأساوي الصادم کان في يوم 15 من الشهر الجاري والذي تزامن مع إعترفات صادمة أخرى تجعل المرأ على بينة تامة من الواقع المأساوي في إيران في ظل حکم مستمر منذ أکثر من 41 عاما، إذ وعلى سبيل المثال فقد قال قال حاج دليكاني، عضو مجلس الشورى:” إن المريض بوباء كورونا الآن يتجه إلى المستشفى لأنه لا يتمتع بالتأمين. يا سيدي الرئيس، السيد مصري، مريض كورونا دفع 9 ملايين تومان للعلاج في المستشفى لمدة 6 أيام”، في حين إن بلدان العالم کلها حاليا تتکفل بمعالجة المصابين بهذه الجائحة وتتکفل بکافة المصاريف. لکن الاعتراف الاکثر أهمية والذي يبين حقيقة الاوضاع في البلاد وتنامي رفض وکراهية الشعب الايراني للنظام، جاء على لسان عضو مجلس الشورى همتي عندما قال:” لم نكن نعاني من كل هذه المشاكل وغياب الثقة في البلاد، وهذه السلوكيات أدت إلى أن نشهد أقل نسبة مشاركة في انتخابات الدورة الحادية عشرة لمجلس الشورى بعد الثورة على الشاه، ومازال غياب الثقة يهدد كافة أركان النظام. وإذا لم نأخذ هذا الوضع الحرج بعين الاعتبار، فمن المؤكد أن تكثيف العقوبات والمشاكل المعيشية التي يعاني من الشعب بشدة من شأنها أن تعرض أساس النظام لخطر حقيقي.”، وهذا يعني بأن الاوضاع صارت في إيران ليست أکثر من صعبة بل وحتى أکثر من حرجة وإن الحديث عن إحتمال إندلاع إنتفاضة الحسم العارمة والتي تبدو الارضية والاجواء مهيأة لها، صار واردا ولاسيما بعد أن باتت معاقل الانتفاضة لأنصار مجاهدي خلق والمجالس الشعبية المنتشرة في سائر أرجاء إيران تلعب دورا غير مسبوقا في إعداد وتعبأة الشعب الايراني للنهوض والعمل من أجل التغيير الکبير والجذري.