19 ديسمبر، 2024 12:43 ص

” جذاب نوري المالكي ” أطلقها العراقيون في بداية احتجاجاتهم على كذب الوعد الذي أطلقه رئيس الوزراء نوري المالكي بإنهاء معاناة الجماهير بعد فترة المئة يوم التي أخذها لإثبات ” صلاحية ” حكومته . وظهر إنها إحدى مناوراته المتواصلة لغرض استمراره برئاسة الحكومة لغاية انتهاء فترتها الدستورية , ومهما كلف الثمن.
ليس مهما ان يحقق للجماهير التي انتخبته ابسط شروط الحياة الآدمية , وليس مهما ان يكون صادقا مع ( الشركاء ) السياسيين بعد ان طمأنهم بتعهدات مكتوبة وموقعة من قبله , وأمام تنكره لكل الوعود التي منحها للقوائم الرئيسية الفائزة ( العراقية والكردستانية ) لم يجد أمامه لإشغالهم وحرف مطالباتهم أفضل من اعتقال البعثيين بحجة تآمرهم على مسيرة العراق ( الديمقراطية ) وإعادة العراق للسيطرة البعثية . ولا شك ان بين البعثيين مجرمين وقتلة وبعضهم في دوائر الدولة ومستشارين في رئاسة الوزراء مثلما يعرف الجميع , فلماذا تم التغاضي عنهم ولم يقدموا الى المحاكم طيلة هذه السنوات ؟ الجميع يدرك الآن بأنها وسيلة للتهرب من الاستحقاقات الوطنية بعد ان استمر مسلسل الانحدار للدرك الأسفل بكل مظاهر الحياة , والجميع سمعها من المالكي في أكثر من مناسبة وهو يؤكد : حتى رئيس الوزراء وهو القائد العام للقوات المسلحة ليس بامكانه القيام بانقلاب عسكري .
المالكي وأجهزته الحكومية والحزبية بررت اعتقال البعثيين بان لديها مستمسكات جرمية , من بينها محاضر اجتماعات بين القذافي والقيادات البعثية العراقية للقيام بانقلاب عسكري , وقد سلم رئيس الوزراء الليبي محمود جبريل هذه الوثائق الى السيد رئيس الوزراء نوري المالكي مع قوائم بأسماء البعثيين  الذين تم اعتقالهم . وتساءل الكثيرون : هل ان رئيس الوزراء الليبي ترك كل مهام عمله وهم في مرحلتهم الانتقالية , وجاء يعمل شرطي لدى الحكومة ( الديمقراطية ) العراقية ؟! وهل وجد حزب سري في العالم يسلم قوائم منتسبيه لمن يتعاون معه ؟ أي تسليمها الى القذافي, وبالذات حزب البعث الذي يرقم منتسبية وليس باسمائهم .
برنامج ” اضاءات ” الذي يقدمه الإعلامي السعودي تركي الدخيل من قناة العربية في حلقته يوم 13/11/2011 والتي استضاف فيها رئيس الوزراء الليبي محمود جبريل , وفي سؤاله عن هذا الموضوع أكد جبريل : ان زيارته للعراق جاءت تلبية لطلب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي , وتأكيدها من قبل وزارة الخارجية العراقية . وليس فيها ما أعلن على انه سلم المسئولين العراقيين محاضر اجتماعات بين البعثيين والقذافي او قوائم للبعثيين , والقذافي بعيد عن التعامل مع البعثيين  وليس مثلما روج النظام العراقي او جماعة المالكي وحزبه الدعوة بوجود مؤامرة بعثية برعاية القذافي .
الى اين يتجه نهج خلق الأزمات الذي أبدع فيه المالكي ؟ والعراق على أبواب ( انسحاب ) القوات الأمريكية ؟ قد تعتقد بعض القيادات الشيعية ان هذه الأزمات و هذا الضغط سيدفع بعض الأطراف السنية لتحقيق إقليم سني مثلما دفع مجلس محافظة صلاح الدين , وهذا يفتح الطريق واسعا وبدون حرج لإقرار الإقليم الشيعي المرتبط بإيران , الضمانة ( الدائمة ) لاستمرار هذه القيادات في تربعها على الإمارة الشيعية في الوسط والجنوب . وقد فاتها ان الأمريكان لا يزالون يتحكمون بالعراق , ولا عراق موحد بدون حماية الأمريكان , ليس لكونهم أعطوا تعهدا في هيئة الأمم المتحدة بالمحافظة على وحدة العراق عند اجتياحهم له , ولكنهم لن يتركوا العراق ليكون لقمة سائغة للمشروع الإيراني غريمهم الوحيد في لف المنطقة باجمعها تحت عباءة العولمة الغربية . وبالعكس الأمريكان ومعهم الغرب اخذوا يسرعون في خطواتهم للإجهاز على المشروع القومي الإيراني , والارتفاع الفاحش في أسعار المواد الغذائية والصراع الذي اخذ يظهر للعيان بين مجموعة احمدي نجاد ومجموعة المرشد الأعلى علي خامنئي اللتين تقودان السلطة خير دليل على ذلك . وهذا الإسراع يأتي استعدادا للمواجهة الاقتصادية الكبيرة التي يستعد لها الغرب أمام النهوض الصيني والهندي , والذي لن يتجاوز العشر سنوات القادمة كما يؤكد أكثر الخبراء .