19 ديسمبر، 2024 12:51 ص

ولي الحشد والموالي قطعا للجارة ايران فالح الفياض وأرجأ تصريحاته الحارة للاقتداء بمواليه الايرانين ولامناص !!!

ولي الحشد والموالي قطعا للجارة ايران فالح الفياض وأرجأ تصريحاته الحارة للاقتداء بمواليه الايرانين ولامناص !!!

أثارت تصريحات رئيس الحشد الشعبي في العراق فالح الفياض، عن تجربة الحرس الثوري الإيراني وضرورة الاستفادة منها، غضبا شعبيا وسياسيا واسعا، وسط دعوات لتحرير خطاب بغداد من “الصنائع الإيرانية”.

ودعا الفياض، خلال زيارته إلى إيران مؤخرا، إلى الاستفادة من تجربة الحرس الثوري الإيراني، فيما أشاد بـ”دعم الشعب الإيراني والحرس الثوري للشعب العراقي والحشد الشعبي”.

وقال الفياض، إن الحشد الشعبي يسعى إلى تطبيق نموذج الحرس الثوري في العراق.

وأضاف خلال لقائه قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي في طهران، على هامش مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد: “نفتخر بالحرس الثوري، ونرى من مسؤوليتنا أن ندرس الاستفادة من تجربة الحرس وفق قوانين وخصائص العراق…”.

وأثارت تصريحات رئيس هيئة الحشد الشعبي غضبا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مطالبات بإبعاده عن رئاسة الحشد، وإعادة هيكلة المنظومة الأمنية وفق المعايير العالمية، بعيدا عن سطوة الأحزاب والميليشيات

وتساءل محللون ونشطاء عراقيون عن ميزة تجربة الحرس الثوري والإيجابيات التي تتضمنها وفق رأي الفياض، ليسعى الأخير إلى الاستفادة منها في العراق، خاصة أن الحرس لا يمثل قوة عسكرية وفق مهام محددة، وإنما تجاوزها ليصبح شبه دولة داخل إيران، وتتبع له كل قطاعات المؤسسة العسكرية، بل ومؤسسات أخرى.

وارتفعت الأصوات التي تطالب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بإبعاد الفصائل المسلحة التي لا تنضوي ضمن هيئة الحشد الشعبي وتجاهر بالولاء لإيران، وتحييدها، وتصفية المؤسسة العسكرية منها.

وأعاد هذا الجدل إلى الواجهة، علاقة وشبه الحرس الثوري الإيراني بالحشد الشعبي، الذي تشكل لمواجهة داعش في بادئ الأمر، غير أن بعض الفصائل تمردت لاحقا على الدولة ورفضت التخلي عن أسلحتها والانخراط في الأعمال الأخرى، خاصة أن كثيرا من الفصائل المسلحة تؤمن بما يعرف باسم “ولاية الفقيه” وتجاهر بذلك.

إن الفياض المدرج على لائحة العقوبات الأميركية، ينتمي فكريا إلى مدرسة الولي الفقيه، وعمليا يرأس مؤسسة الحشد التي بنيت على فكرة نظام الحرس الثوري والباسيج الإيراني، لذلك “دعوته إلى أن يكون الحشد الشعبي كالحرس الثوري تعني أن يكون الحشد أعلى سلطة عسكرية، لكنه عقائدي ويأتمر بأمره الأجهزة الأمنية، على أن يدار الملف الأمني ومفاصل الدولة من قبل تلك المؤسسة”.

أن “هذا التصريح يؤكد أننا أمام محاولة عملية واضحة وصريحة لاستنساخ التجربة الإيرانية في العراق، وإخراج البلاد من كونها دولة مدنية إلى دولة تُحكم من قبل دولة أخرى عقائدية، وطبعا تلك الدولة لا تكون في العراق وإنما في إيران، مما يؤشر بوجود مساع حقيقة لتطبيق ذلك، وتطبيع الدولة العراقية وإخضاعها إلى دولة الفقيه في إيران. هذا هو جوهر المشروع الجديد الذي قد نشاهده في المرحلة المقبلة، خاصة مع ظهور الكثير من المحاولات التي تسعى إلى زرع هذا الفكر داخل الشارع العراقي”.

و”مع وصول الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي إلى سدة الحكم في إيران، انعكس ذلك بشكل سريع على الداخل العراقي عبر نشاط ملحوظ للفصائل المسلحة، مثل استهداف البعثات الأجنبية، فيما رصدت زيارات متكررة لقائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، مع إطلاق حملة واسعة لتصفية المعارضين الإيرانيين المتواجدين في إقليم كردستان”،.

وأن “الحرس الثوري أعاد ترتيب العلاقة مع الفصائل المسلحة، وتطويعها لمواصلة دورها في عهد رئيسي كإحدى أهم أدوات تنفيذ السياسة الإقليمية لإيران، وكرأس حربة لها في صراعاتها ضد الولايات المتحدة على الأراضي العراقية”.

وباعتبار رئيسي من معسكر المتشددين، فإنه “سيحتاج أكثر لدور الميليشيات لتنفيذ سياسة إقليمية أكثر تشددا وهجومية في كل من العراق وسوريا ولبنان، الأمر الذي يتحتم معه إعادة انضباط مختلف الفصائل والتزامها بالتنسيق الكامل مع الحرس الثوري وتطبيق تعليماته، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمهمة الأكثر دقة وحساسية، المتمثلة في ممارسة الضغوط على واشنطن عبر التحرش بمصالحها وقواتها العسكرية في العراق”.

“إن الواقع يشير إلى أن هناك تيارات نطلق عليها “التيارات الولائية”، تلك التيارات بعضها مرتبط بالحشد الشعبي، أو تعلن عن نفسها كمقاومة إسلامية ضد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، هذه التيارات والتنظيمات المسلحة، تحاول نقل تجربة الحرس الثوري الإيراني إلى العراق ودول المنطقة، كنموذج لجيش مواز للجيش الوطني في الدول، كما في إيران على سبيل المثال، وبالتالي يقوم هذا الجيش الموازي بعمليات عسكرية عقائدية عابرة للحدود تنسجم مع أهداف نظرية ولاية الفقيه، لبناء دولة عالمية تسمى”دولة العدل الإلهي” كما وردت بالدستور الإيراني.

و “رغم تلك المحاولات إلا أن الجميع يعرف أن العراق ذو التعددية الواسعة والطبيعة المجتمعية المختلفة تماما عن المجتمع الإيراني، لا أعتقد أن الشعب العراقي يمكنه القبول بنظرية ولاية الفقيه الثيوقراطية لبناء وتأسيس دولة دينية مذهبية”.

“لكن هناك تيارات كما أشرنا تحاول الذهاب باتجاه تحقيق هذا الهدف، حيث تعتبر نفسها جزءا من المقاومة الإسلامية العالمية التي تخضع لقيادة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، وترتبط بعلاقات وثيقة مع الحرس الثوري الإيراني، وبشكل خاص فيلق “القدس”، حيث تتلقى الأوامر والتوجيهات، هذا بخلاف التسليح والدعم اللوجستي والاستخباراتي من الحرس الثوري الإيراني.

و”يوجد في التركيبة السياسية الآن في البلاد تيارين، أحدهما يمثله مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء، ومقتدى الصدر والعبادي وعمار الحكيم، بجانب عدد آخر من الأحزاب والكتل الشيعية المعتدلة في مجلس النواب، إضافة إلى الأحزاب الكردية والسنية، تلك الكتل السابقة لا تنسجم مع الذهاب إلى دولة ثيوقراطية طائفية على غرار ولاية الفقيه في إيران، بل يرغبون في بناء دولة ديمقراطية مدنية ذات مؤسسات ترسخ للعدالة وحقوق الإنسان”.

و “أن العراق يعيش بين منهجين، أحدهما طائفي ولائي، وفي نفس الوقت هناك تيار مدني ديمقراطي يذهب باتجاه احترام الدستور العراقي الذي تم الاستفتاء عليه في العام 2005، ومبادىء الديمقراطية واقتصاد السوق المفتوح وحرية التعبير عن الرأي”.

وحول تأثير الانسحاب الأمريكي من العراق على التوجهات السابقة، “إن الانسحاب الأمريكي حتى الآن، هو مجرد افتراض غير محتمل، حيث أن واشنطن وعلى صعيد المصالح الاستراتيجية والأمن القومي الأمريكي، فمنذ العام 1959، تعتبر منطقة الشرق الأوسط جزء أو مجال حيوي ضمن الأمن القومي الأمريكي، حيث توجد أكثر من 45 قاعدة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط والخليج، علاوة على 80 ألف جندي، والتواجد الأمريكي الحالي هو ضمن التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب، حيث أن واشنطن اليوم ليس لديها استراتيجية عسكرية للمواجهة في العراق، وإذا ما قامت بتنفيذ الانسحاب، سوف تسحب القوات القتالية وتبقي على المستشارين والخبراء والمدربين لتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي والتقني للجيش العراقي”.

أن “الحشد الشعبي العراقي هو تجربة حرة وقوية، نبعت من إرادة وطنية وضمن غطاء شرعي بفتوى الإمام السيستاني، ثم أخذ الحشد القوة الدستورية مع تصويت البرلمان على قانون الحشد، حيث صار بعدها مدعوما بصفة رسمية من الدولة والحكومات المتعاقبة، وأصبح جزء من المنظومة الأمنية.

و”أما من يتحدثون عن تجربة الحرس الثوري الإيراني ومحاولة الحشد نقلها نقول لهم، الحرس الثوري في إيران يرتبط بالولي الفقيه، وفي العراق لا يوجد ولي فقيه، وجميع الأجهزة ترتبط بالمنظومة الأمنية الرسمية في البلاد، وترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة”.

و”يمكن أن يتشابه الحشد مع الحرس الثوري الإيراني في العديد من النقاط، كما تتشابه العديد من الأيديولوجيات حول العالم، لكن لكل منها ثوابته التي يستند عليها، وما يثار إعلاميا هو محاولات لتشويه صورة الحشد الشعبي، الذي يتصدى للكثير من محاولات زعزعة أمن واستقرار البلاد”.

صرح رئيس “هيئة الحشد الشعبي” العراقي فالح الفياض في 8 أغسطس، خلال لقائه القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، في طهران بأنهم “فخورون بنموذج الحرس الثوري الإيراني، وأنه من الواجب استخدام تجربة الحرس وفقاً للقوانين والخصائص العراقية”، في إشارة إلى إمكانية استنساخ تجربة الحرس في العراق، وتشكيل “حرس ثوري عراقي”.

وفي المقابل، أكد سلامي أن “الكلمة الأساسية تقال في الميدان دوماً والقدرات السياسية الحقيقية هي القدرات الميدانية، وأداء الحشد الشعبي رائع جداً في هذا الميدان وستتوسع قدراته كقوة دفاعية وجهادية ذات أهداف كبيرة”.

وتكشف هذه التصريحات ليس فقط عن رغبة إيران في إقامة جيش موازٍ للجيش العراقي، على غرار حزب الله اللبناني، والحوثيين اليمنيين، ولكن كذلك محاولة توحيد الجماعات كافة المنضوية تحت مسمى الحشد الشعبي في إطار تنظيمي واحد.

بيئة إقليمية ودولية متغيرة:

جاءت الدعوة لتأسيس الحرس الثوري العراقي في سياق إقليمي ودولي يشهد متغيرين أساسيين وهما:

1- الانسحاب الأمريكي من العراق: لا شك أن انسحاب القوات الأمريكية المقاتلة من العراق نهاية العام الحالي 2021، وفق ما أفضت إليه الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق، قد تستتبعه زيادة النفوذ الإيراني في العراق.

وفي سبيل ذلك، كرست إيران من زياراتها المعلنة وغير المعلنة في سبيل ملء الفراغ الأمريكي المرتقب على المستويات كافة. فعلى سبيل المثال، أعلن الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني عن إنشاء خط سكك حديد يربط بين إيران والعراق وسوريا في مايو الماضي، كما جاءت زيارة وزير الأمن الإيراني حمود علوي، إلى العاصمة العراقية بغداد في 14 يوليو الماضي، ولقائه الرئيس العراقي برهم صالح، من أجل بحث ملفات التنسيق الأمني بين البلدين، وهي كلها مؤشرات على إبداء المسؤولين الإيرانيين حرصهم على تعزيز التعاون مع العراق على المستويات كافة.

2- تولي رئيسي رئاسة إيران: لا يتوقع أن يؤدي وصول الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي إلى سدة الحكم في طهران إلى حدوث تحول جديد في الدور الإيراني في العراق، نظراً لأن المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني، هما اللذان كانا يديران هذا الملف، ولذلك، فإن سياسات رئيسي سوف تواصل دعم سياسة المرشد القائمة على محاولة إخراج القوات الأمريكية من العراق.

ومن أجل تجنب استهداف واشنطن، أعلنت ميليشيات شيعية مغمورة مسؤوليتها عن تنفيذ عمليات ضد القوات الأمريكية، ولكن في حقيقة الأمر لم تكن هذه الميليشيات سوى واجهة لميليشيات الحشد الشعبي، مثل كتائب حزب الله العراقي وغيرها. وبالتالي، فإن الإعلان عن الحرس الثوري العراقي يمثل استكمالاً لاستراتيجية طهران نفسها الرامية إلى الهيمنة على العراق عبر ميليشيات عقائدية تنضوي تحت الحرس الثوري ويكون ولاؤها لطهران.

دلالات الدعوة لحرس ثوري عراقي:

تكشف زيارة فالح الفياض في هذا التوقيت لطهران ولقائه سلامي، وكذلك التصريحات التي صدرت عنهما عن عدد من الدلالات، والتي يمكن توضيحها على النحو التالي:

1- محاولة إدامة النفوذ الإيراني على بغداد: تسعى طهران إلى تأكيد نفوذها في العراق، وعلى إطالة هذا النفوذ، خاصة العسكري. وتدرك طهران جيداً أن نفوذها في العراق يواجه تحديات غير هينة، وهو ما يتضح من التظاهرات “الشيعية” الغاضبة في العراق ضد إيران خلال العامين الماضيين، والتي جاءت أبرز شعاراتها “إيران برا برا”، بالإضافة إلى حرقها قنصليات إيران في العراق، في تعبير عن حجم الاستياء الشعبي من الدور الإيراني السلبي، ومن طبقة السياسيين المرتبطين بإيران في بغداد

ولذلك أكد الفياض لسلامي أن “القوى السياسية الحقيقية هي القوى الميدانية”، أي تلك التي تتمتع بميليشيات مسلحة، وهو ما يعني أنه لا قيمة للقوى السياسية والمتظاهرين وقوى الشباب المعادية للنفوذ الإيراني على بغداد.

كما أنه يعد مؤشراً سلبياً على أنه في حال تراجعت الأصوات التي قد تحصل عليها القوى السياسية المرتبطة بالحشد الشعبي في الانتخابات العراقية المبكرة المقرر لها أكتوبر القادم باستخدام سلاح الترهيب والرشاوى الانتخابية، فإن طهران سوف تتجه للتعويل على القوة المسلحة لضمان استمرار نفوذها على بغداد.

2- إحباط سياسات الكاظمي الإقليمية: يسعى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى تبني سياسة تقوم على تجنيب العراق أن يتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات بين إيران والولايات المتحدة، كما يسعى إلى إقامة علاقات اقتصادية متوازنة مع الدول العربية.

ويتضح ذلك من دعوة الكاظمي لقمة دول الجوار الإقليمي، وكذلك من سعيه للتعاون الاقتصادي مع مصر والأردن، عبر ما يعرف باسم “المشرق الجديد”، وبحث إمكانية استيراد الكهرباء من دول الخليج العربية، عوضاً عن الاعتماد على إيران في هذا الإطار.

وتبدى إيران قلقاً من هذه التوجسات، وتعارضها ميليشياتها صراحة، نظراً لما قد يترتب عليها من إضعاف لنفوذ طهران الاقتصادي على العراق، ولذلك فإن الدعوة للحرس الثوري العراقي تستهدف تأكيد سطوة إيران على بغداد عسكرياً، ومحاولة امتلاك أدوات تهديد لأي حكومة عراقية قادمة تخالف توجهات إيران.

3- قلق إيراني محتمل من الدور المصري: زار وزير الدفاع العراقي الفريق جمعة عناد سعدون القاهرة في 7 أغسطس، حيث سلم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رسالة من نظيره العراقي مصطفى الكاظمي، تتحدث حول مواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.

كما تناول اللقاء التباحث بشأن التعاون الثنائي العسكري بين البلدين، بما في ذلك برامج التدريب المشتركة وتبادل الخبرات ورفع القدرات. ويجيء هذا التطور في الوقت الذي تتجه فيه واشنطن إلى تقليص دورها في العراق عبر تحويل دور قواتها من أدوار قتالية إلى أدوار استشارية. وتخشى بغداد من أن يؤدي فشل القوات العراقية في توفير الأمن للقوات الأمريكية في مواجهة هجمات الحشد الشعبي إلى دفع الجيش الأمريكي للمغادرة.

ولعل الكاظمي يتجه للاستفادة من التعاون العسكري مع مصر، لرفع قدرات القوات العراقية، ولتعزيز قوة الجيش العراقي في مواجهة الحشد الشعبي. وقد يكون هذا التطور أقلق إيران، ودفعها للرد عليها في اليوم التالي مباشرة عبر زيارة الفياض لطهران ولقائه سلامي.

4- رفض التفاوض على النفوذ الإقليمي: تسعى طهران من الإعلان عن تشكيل الحرس الثوري العراقي التأكيد أنها سوف تتجه خلال المرحلة المقبلة لتعزيز نفوذها في العراق، وأن نفوذها الإقليمي لن يكون محمل تفاوض.

فقد أكدت واشنطن أنها سوف تسعى إلى ضم بنود في الاتفاق النووي الحالي، الذي يجري التفاوض حوله في فيينا ينص على التفاوض في مرحلة تالية على برنامج إيران الصاروخي، وملف نفوذها الإقليمي، وبالتالي فإن الدعوة لتأسيس الحرس الثوري تهدف إلى تجاوز هذه المحاولات الأمريكية، وفرض أمر واقع جديد.

تحديات استنساخ الحرس:

تواجه إيران محاولة إقامة الحرس الثوري العراقي عدد من التحديات التي يمكن توضيحها في التالي:

1- رفض حشد المرجعية: تواجه إيران في مسعاها لتأسيس الحرس الثوري العراقي مشكلة انقسامات الميليشيات الشيعية المسلحة بين تلك الموالية لإيران وتلك الموالية للمرجعية. وكان آخر هذا الانقسام رفض “حشد المرجعية”، المقرب من المرجع الديني الشيعي، علي السيستاني، المشاركة في الاستعراض العسكري لقوات الحشد الشعبي الموالية لإيران في أواخر يونيو 2021.

2- تعدد قيادات الحشد الشعبي: تتعدد قيادات ميليشيات الحشد الشعبي، وتعاني انقسامات داخلية، وقد تواجه إيران إقامة مشكلة مقاومة بعض قيادات الحشد الشعبي لمحاولة إيران إقامة إطار تنظيمي متماسك، وفرض قائد جديد عليها، على غرار الحرس الثوري.

3- اختلاف القوى الإيرانية المؤثرة في العراق: كان قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، يحتكر إدارة الملف العراقي، في حين أنه بعد تصفيته، صار هذا الملف يدار بأكثر من شخصية. ولعل أبرزها قائد فليق القدس “إسماعيل قاآني”، والذي زار العراق خلال العام الحالي ست مرات، ومدير الاستخبارات في فيلق القدس، حسين طائي، وكذلك قائد الحرس حسين سلامي. وليس من الواضح ما إذا كانت هذه الجهات تتفق سياستها تجاه العراق، أم أنها قد تشهد بعض الانقسامات، بما يؤثر على السياسة الإيرانية حيال العراق.

وفي الختام، يمكن القول إن جهود إيران سوف تلاقي تحدياً من محاولتها لإقامة الحرس الثوري العراقي، خاصة في ظل الرفض المتوقع لذلك من جانب حشد المرجعية، وكذلك القوى السياسية التي ترفض الانصياع لتوجهات إيران على غرار التيار الصدري، بالإضافة إلى صعوبة إخضاع مختلف الجماعات المندرجة تحت الحشد في إطار تنظيمي واحد.

بات واضحا أن العراق في طريقة إلى استنساخ تجربة الحرس الثوري الإيراني. ليس ذلك من باب استباق الأمور، أو التنبؤ بمآلاتها، وإنما هو واقع حال لم يعد خافيا على أحد. فبعد أن فشل العراق الذي حكمته وأدارته أحزاب موالية لإيران منذ 2003، في استنساخ تجربة حكم ولاية الفقيه بسبب التعدّد الطائفي والعرقي، فإن استنساخ تجربة الحرس الثوري الإيراني هي الممكن، فتحول الحشد الشعبي في العراق إلى حرس ثوري، لا يقوم مقام الحرس الثوري الإيراني وحسب، وإنما مقام الولي الفقيه والمرشد الأعلى.

بدأت القصة منذ ما قبل تشكيل الحشد الشعبي بفتوى من المرجع الشيعي، علي السيستاني، عقب احتلال تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ثلث العراق، سمحت لكل المليشيات التابعة للأحزاب الشيعية؛ لتنتظم في هيئةٍ عسكريةٍ ذات لون طائفي واحد، تأخذ شرعيتها من شرعية المواجهة مع “داعش”، قبل أن تأخذ شرعيتها من مباركة السيستاني لها.

قبل ذلك، كانت تلك المليشيات تابعة للأحزاب، تعاني من نقص الشرعية وقلة الدعم في بعض الأحيان، حتى جاءت فتوى السيستاني لتأخذ في طريقها عشرات من المليشيات المسلحة صوب حكم الدولة والانفراد بقرارها، خصوصا بعد أن حوّلها البرلمان العراقي، في 2016، إلى مؤسّسة شرعية عسكرية تأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الحكومة.

الكاظمي رئيس الحكومة يتغيّر، برهم صالح رئيس الجمهورية يتغيّر، محمد الحلبوسي رئيس البرلمان يتغيّر، ليبقى الثابت الوحيد هو الحشد الشعبي

اليوم تمارس هذه المليشيات” الحشدية” دورا يفوق دور الحكومة، بل لا تقوى أي حكومةٍ على الوقوف بوجه تلك المليشيات. ولعلنا هنا نذكر ما تم في الأسبوع الماضي، عند تنظيم استعراض عسكري موسّع لفصائل الحشد الشعبي في معسكر أشرف الذي كان يضم سابقا منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة للنظام، وكان العراق قبل 2003 يوفّر لها ملاذا. ويحمل الاستعراض في هذا المعسكر الذي تحول اسمه إلى معسكر أبو منتظر المحمداوي رسالة ذات دلالة، لم تعد خافية على أحد، لعل أوضحها انتصار إيران على خصومها، في الداخل قبل الخارج، وتصفية معارضي النظام.

ثم جاءت الرسالة الأخرى التي حملها رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، بحضوره هذا الاستعراض العسكري، ما أعطى ليس صفة شرعية على هذا الحشد العسكري الذي سبق وأن أخذها من البرلمان قبل نحو أربعة أعوام، وإنما شرعية أخرى لكل ما يمكن أن يقوم به هذا الحشد وفصائله من عملياتٍ، حتى التي تستهدف سيادة العراق من خلال ضرب المصالح الأجنبية، أو من خلال تحدّي إرادة الدولة. وأوصل حضور الكاظمي أيضا رسالة إلى الجميع مفادها بأنه مع هذا الحشد، على الرغم من كل ما يقوم به من انتهاكات لهيْبة الدولة، هو حشد مدعوم من رئاسة الوزراء. صحيحٌ أن الكاظمي كثيرا ما كان يصرّح ويهدد ويتوعد كل من يخالف إرادة الدولة أو يسعى إلى الخروج عليها، إلا أن واقع الحال أثبت مجدّداً أن لا خلاف بين الكاظمي والحشد، وأن كل ما يقال أو يُسمع تصريحات للاستهلاك الإعلامي، لا أكثر ولا أقل.

الكاظمي رئيس الحكومة يتغيّر، برهم صالح رئيس الجمهورية يتغيّر، محمد الحلبوسي رئيس البرلمان يتغيّر، ليبقى الثابت الوحيد هو الحشد الشعبي وقوته العسكرية والسياسية والاقتصادية التي باتت بمثابة مرجعية عليا للدولة العراقية، بغض النظر عن أسم رئيس السلطة التنفيذية أو التشريعية.

يسيطر الحشد الشعبي على أغلب مفاصل القرار العراقي، بكل تفرّعاته، السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية

إننا اليوم إزاء حالةٍ قد تؤدي إلى تعريض ما تبقى من مسمّى الدولة العراقية إلى انهيار كامل، قد لا تكفي معه بضعة تصريحات أو شكليات رسمية هنا أو هناك لترميمها. باتت الدولة العراقية اليوم شبه مختطفة من الحشد الشعبي، الذي يرفض حله ودمجه ضمن منظومة القوات العراقية المسلحة، على الرغم من أنه يعتبر جهةً رسمية، يُفترض أنه خاضع لقرار رئيس الحكومة القائد العام للقوات المسلحة، بل إن قادة هذا الحشد وفصائله يرفضون حتى السماح للسيستاني؛ الذي أصدر فتوى بتأسيسه، من إصدار فتوى لحلّه، خصوصا وأن الأسباب الموجبة لتأسيسه باتت منتفية.

يسيطر الحشد الشعبي على أغلب مفاصل القرار العراقي، بكل تفرّعاته، السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية. صحيحٌ أن الولايات المتحدة بدأت بانتهاج سياسةٍ جديدةٍ تتمثل بالرد على أي تهديدٍ لمصالحها في العراق أو المنطقة، ولكن لهذا الرد الأميركي حدود، فواشنطن تدرك جيداً أنها لم تعد قادرةً على التحكّم بخلفيات المشهد العراقي، بعد أن سلمت بلاد الرافدين بما فيها لإيران عقب الانسحاب الأميركي مطلع عام 2011.

أولى محاولات استعادة العراق تتمثل بتوحيد قراره، وتوحيد قواته وتنظيم صفوف قواته الأمنية بعيداً عن أي تبعيةٍ لهذا الطرف أو ذاك، وبعيداً عن سطوة الأحزاب المتنفذة ومليشياتها المنضوية تحت راية الحشد الشعبي. وإذا ما كان هذا الأمر مستحيلا، فإن المستحيل الآخر أن تؤدي الانتخابات المقبلة، في أكتوبر/ تشرين الأول، إلى أي تغييرٍ في واقع السياسة العراقية، وواقع الشعب الذي يعاني الأمرّين نتيجة غياب أي دور للدولة ومؤسساتها، في ظل تغوّل الميلشيات وبسط سيطرتها ونفوذها على أرض الرافدين ونخيلها وبقايا جمارها الذي أحرقته جمرة السياسة ونفوذ المال وسطوة السلاح.