إنْ بَلداً كالعِراق ذات خصُوصية بِتَعدُد قومياتهُ، وطوائفهُ، ومذاهِبهُ لا يُمكِن لهُ أنْ يُدار، وفِق مُعادلة مُتَفَرِدة مبنية على سياسة الإقصاء والتهميش للأخر، وهذا ما حصَل بالفِعلْ طِيلة السَنوات السَبعِ العِجَافْ المُنصَرِمة مِن عُمرِ العراق، وعلى حِساب كل القيم والثوابت الوطنية والشرعية، والتي يتحمل وِزرها مَن سَن سُنتها، وعمِل عليها، وجاهدَ من أجلِها،، وما عَدم استقرار البَلد وتقدمه طِوال هذهِ الفترة إلا نتيجة تِلكَ الممارسات السيئة الصيتْ. يُضاف لها عَدَمْ وجود طمأنة حقيقية مِن خِلال العَمَلْ مثلاً على رَفْع الظُلم والحِيف ألذي لحق بالشَعب العِراقي، ولأي مكون، بِما في ذلك أبناء جلدة الحاكم نفسه، بل على العكس من هذا تماماً، إذ أننا نجد خلق أزمات قاتِلة بينَ فترى وأخرى، والتي يُمكن أن تَحرِق الأخضَر واليابس على حداً سواء، لولا تَدَخُل الحكماء للحيلولة دون وقوع كوارث قد لا يُحَمدْ عُقباها، ولا أدري ما القَصِد مِن إثارتها أصلاً، هلْ يا تُرى أن الأطرف الأخرى كلها مخطِئة ومذنبة وبالتالي يجب إقامة الحد عليها!! أمْ أنْها وسيلة للوصول إلى غاية محددة تختبئ تحتَ طيات صَفحات سِجلات رُعاة القانون!! أو تهدِف إلى تَغذية قاعدتِهم الجماهيرية هذا إن وجدت، من خلال بث روح الشحن الطائفي والقومي! أو أنها لأجل التغطية على حجم الإخفاق والتلكؤ الواضح والصارخ في الأداء الحكومي، وعلى كافة المستويات دون استثناء أي جانب معين، وبدليل لو تَجَولنا في مُحافَظاتُنا كافة طبعاً باستثناء إقليم كردستان، هل نجد أنجاز يذكر على أرض الواقع سوى المزيد من الفقر والحرمان؟ ناهيكُم عنْ وضع الخَدمات المُزري وَسط موازنات انفجارية، والتي من شأنِها أنْ تُعمِر أربعة دول لو جُعِلتْ بأياد أمينة هذا عن لسان “المرجعية الدينية العليا”. تساؤل مشروع إلى أين ذَهَبتْ تِلكَ الأموال؟ ولِم لمْ يَتِم مُحاسبة سارقيها؟ آلا يُوجَدْ هُنالِكَ قانون في المعمورة على حدِ زَعْمِ أصحاب (المعالي والسيادة)!!. كما أنه من المَعِيب والمُخِجلْ والمُحزِنْ بأن يكون الحاكِم مِن مَن يُحسَبْ على مَذهَبْ أمير المؤمنين ولا يتخذ مِن قصة الإمام علي(عليه السلام) مع النصراني المكفوف عبِرة ومنهجاً يُحتَذى به، حيثُ كانَ إمام الفقراء وأبا الأراملِ والأيتام عَليُ بن أبي طالب (عليه السلام) يتفقد أحوال الرعية ذات يوم في شوارع الكوفة.. فمرَ بِشَخص يتكفف وهو شيخ كبير السن، فوقف(عليه السلام) متعجباً وقال(عليه الصلاة والسلام): ما هذا؟ ولمْ يُقل مَن هذا، و(ما) لما لا يعقل، و(من) لمن يعقل، أي أنه (عليه السلام) رأى شيئاً عجيباً يستحق أن يتعجب منه، فقال أي شيء هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين إنه نصراني قد كَبُرَ وعَجِز ويتكفف.فقال الإمام (عليه السلام): ما أنصفتموه.. استعملتموه حتى إذا كَبِر وعجز تركتموه ، اجروا لهُ مِن بيتْ المال راتباً. في الوقت الذي يكون فيه المتكففين اليوم ولله الحمد يَملئون شوارع العاصمة بفضل الرعاية الأبوية(للحزب الحاكم) ناهيكم عن الكم الهائل من العوائل المتعففة التي تَجلِس حبيسَة عَرَصاتِها تدعوا وتتضرَع إلى الباري عز وجل بأن يحفظ لهم (ولي أمر نعمتهم).