15 نوفمبر، 2024 10:15 ص
Search
Close this search box.

“وليس كثيراً ألفُ خلٍ وصاحبٍ وإنَّ عدواً واحداً لكثيرُ

“وليس كثيراً ألفُ خلٍ وصاحبٍ وإنَّ عدواً واحداً لكثيرُ

على ضوء الموضوع المنشور في – كتابات- حول تفجير بعض الميليشيات لبعض المساجد السنية في المقدادية توقفتُ كثيراً وتأملتُ في فضاءٍ من الحرية  المكبلة  بالحزنِ والترقب لهذا الحدث المزعج البعيد كل البعد عن العلاقات القتالية والتعايش السلمي بين ألأطراف المشتركة في موضوعٍ واحد ألا وهو مقاتلة عدوٌ واحد  . كثيراً ماكنتُ اسمع من كبار السن الذين كنتُ أعيش معهم مثلاً أوحكمة كنتُ أتوقف عندها طويلاً وأستنبط منها معانٍ كثيرة ”  ألف صديق ولا عدوٍّ واحد” . إذا كان لدي ألف صديق فكيف يستطيع ذلك العدو الواحد أن يفعل أي شيء مؤثر في حياتي بينما يحيط بي هذا الكم الهائل من ألأصدقاء؟ واقع الحال يُثبت ويؤكد أن العدو الواحد قد يحيل الحياة الى جحيم وجهنم ليس لها حدود. شخص واحد قد يفعل أشياء تغير مجرى الحياة برمتها لابل قد يغير مجرى التاريخ في بقعةٍ من ألأرض. فرد واحد ربما يفعل مالايستطيع آلاف ألأصدقاء المحيطين بنا أن يفعلوه. لاأعرف لماذا يقوم بعض ألأشخاص الذين ينتمون الى مجموعة مقاتلة هدفها الوحيد هو إخراج الجماعات المسلحة ألأخرى التي جاءت لتحتل منطقة معينة. هنا إنطلقت المجموعات الشيعية والسنية لتطهير المنطقة التي تشكل هدفاً مشتركاً بين الفئتين في المقدادية أو في مساحة ديالى بصورةٍ عامة. لماذا تقوم إحدى المجموعتين بأستهداف المعالم الدينية التي تعود الى  الفئة التي تقاتل معها؟ هنا لااريد أن أشترك في نقاش ديني عقائدي يخص مجموعة دون أخرى. الموضوع يصب في تيار آخر ليس له علاقة بالدين أو إختلاف العقائد. حينما أنخرط معك في نفس القتال الذي تخوضه ضد فئة أخرى وأنا أنتمي الى طائفة أخرى لايحق لك أن تعاملني بقسوة وتحرق مايرمز الى معتقدي الديني. أنا واقفٌ معك في القتال وأطلق النار على نفس الجهة التي تطلق عليها نار بندقيتك. إذن, نحنُ معاً في السراء والضراء أساندك وتساندي لتحقيق نفس الهدف الذي جئنا من أجلهِ. أنت لاتتفق معي في بعض النقاط التفصيلية ولكنك تتفق معي في ألأهداف العامة التي جئنا من أجلها سوية ونواجه الموت معا. أنا أحميك وأنت تحمينني وهذا هو سياق المعارك في كل بقعةٍ من بقاع ألأرض. هدفنا مشترك ومعاناتنا واحدة ونزحف نحو هدفٌ واحد.
حينما يحدث مثل هذا التجاوز النفسي أثناء التكاتف الفعلي وإنطلاق البنادق معاً – بندقيتك وبندقيتي- كأنك تخرق إتفاقاً ضمنياً ألا وهو مكافأة الفئة ألأخرى التي تقاتل معك حينما يستتب الوضع. إذا كان ألأمر الصادر من الجهات العليا القيادية في الميدان لتهديم تلك المساجد فهذا هو الماساة الحقيقية ودق ناقوس الخطر المميت. وإذا كان الفعل الصادر بتهديم تلك المساجد صادر من فئات صغرى – من أفراد الحشد القتالي الشعبي – دون معرفة القائد الميداني الكبير فهذا يُعتبر إنسلاخ عن ألأوامر القتالية العليا وهذا يدل على عدم وجود تنسيق دقيق في التعبئة السوقية القتالية القيادية وخروج عن إتباع القيادات وتنسقيها في معارك خطرة كهذه. حينما تجد الفئة ألأخرى التي تقاتل معك لتحقيق نفس الهدف, أن هناك نية تجول في داخل نفوس المقاتلين من الفئة ألأخرى- ألا وهي الترصدوأستغلال الوضع الدائر في زمن المعركة لتحطيم كل أواصر التفاعل والتلاحم النفسي والروحي لمواصلة القتال معاً بنفس الروحية ألأولى , عندها تحدث الكارثة—التي تُسبب الضرر الكبير لجميع الفئات التي تقاتل معا لتحقيق نفس الهدف المرسوم عند ألأنطلاق معا. قد تتوجه البنادق التي كانت تقاتل معك قبل قليل وأقول ربما تتوجه اليك بدلاً من التوجه الى العدو ألأول الذي جئتما معاً لدحره. من خلال قراتنا الكثيرة لمعارك التاريخ في عصر الرسول – ص- كان يتم التأكيد على عدم حرق دور العبادة وعدم قطع شجرة وماشابه ذلك. من اصدر ألأمر – أياً كان لتهديم مساجد السنة هناك في أرض المعركة قد إرتكب خطأ تاريخي جسيم لأنه يقول بطريقةٍ أخرى – أنتم أعدائي….وهنا لاسامح الله ستحل الكارثة الكبرى. قلنا في بداية البحث أن عدواً واحداً ربما يساهم في تغيير الواقع الملموس في أرض الميدان. أماكن العبادة – مهما كانت مسمياتها تشكل خطاً أحمراً مقدساً لتلك الفئة التي تنضوي تحت لوائها. هنا ساهم الشخص الذي اصدر ألأمر في خلق أعداء كثيرون وليس عدواً واحدا. ينبغي إتخاذ علاج فوري من قبل المسؤولين الميدانيين عن تلك الحشود الشعبية القتالية لأدراك الموقف قبل أن يتطور الى صورة خطرة جدا. يجب تدارك ألأمر بأقصى سرعة كي لاتُسفك دماء وتزهق أرواح ماكان ينبغي أن تتعرض لأي اذى من قبل جهة لم تكن في الحسبان. أنا لاأعرف إن وصلت هذه الفكرة أم هي مجرد هلوسة في مهب الريح. أتكلم هنا كمواطن عراقي صرف ليس له علاقة بالمفهوم الشيعي أو السني أو الكردي أو العربي. سارعوا الى لَمْ الصف وطمس أي فكرة قد تؤدي الى صراع من نوع آخرلن يجني منه أي فرد أي ثمرة سوى الدمار والعودة الى سنوات الغليان المخيفة في كل بقعة من بقاع بلدنا الحبيب. سلاماً لكل المخلصين الذين يحاولون توحيد الصف من جديد وبناء بلدنا المقدس بلد ألأنبياء وألأئمة ألأطهار , وكما قال الشاعر:

” وَليسَ كثيراً ألفَ خِلٍ وصاحبٍ …………وإنَ عدواً واحداً لكثيرٌ “

أحدث المقالات

أحدث المقالات