23 ديسمبر، 2024 10:34 م

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
تكرار يوم ‏8 آب 1979‏، ضرب من محال، في تاريخ العسكرية العراقية؛ إذ أعدم فيه الشــهيد.. الفريق الركـن وليـد محمـود سـيرت.. تسلم جثته شقيقه الصحفي نعمان سيرت، وآثار التعذيب بادية عليها بوضوح.
أما لماذا؟ فهذا ما نحتاج ان ندير ناعور الدم، بالعكس في العراق؛ كي نستحضر قصيدة شاعر الحزب نافع عقراوي: “بعث تشيده الجماجم والدم” إذ دالت سلطته، مشيدة أركانها، بالجماجم، التي ستظل تنزف، دماءً لن تجف.
وبأبسط إجابة، تشي بالجهل الدموي البعثي، أن أفكاره وتوجهاته لا تنسجم مع مخططات وتوجهات القيادة آنذاك، وفي ظنهم، هذا سبب كافٍ للإعدام بضمير مستريح؛ فضمائر البعثية، لا تقلق الا إذا عم العلم والخير والسلام؛ لذا حاولوا بشتى الطرق إبعاده أو التخلص منه، أما بإرساله الى الملحقيات العسكرية خارج العراق، أو تكليفه بمهمات خطورة على حياته بغية التخلص منه؛ وقد بترت كفه في إحداها.
بمقدورهم أحالته على التقاعد أو إبعاده عن العراق او فرض الإقامة الجبرية عليه, الا أنهم يشعرون بالحاجة الماسة لمعلوماته العسكرية وكفاءته المشهود لها، فظلوا متلجلجين في علاقتهم معه.
ولد سـيرت في “الأعظمية” العام 1938، حاصلا على بكالوريوس في العلوم العسكرية.. بغداد، وشهادة أكاديمية “ساندهرست” الحربية الملكية البريطانية العام 1958، وماجستير علوم عسكرية، من كلية الأركان العراقية، 1969.
نال خمسة عشر نوطا؛ نظير بطولاته، وقدماً لمدة عامٍ، تلاه قدم ممتاز.. سنتين؛ لتخرجه في كلية الأركان بدرجة (آ) بالرغم من إعاقة يده اليمنى والصعوبات التي واجهها بالتدرب على الكتابة باليد اليسرى.
يهوى جمع الطوابع والعملة والمطالعة والصيد والرماية والتصوير الفوتوغرافي والرياضة والبستنة.
وعودا الى سؤال لم نجد له إجابة، فإن البعثية، الى لحظة إنهيار فظاعتهم، يوم الاربعاء 9 نيسان 2003، يتطيرون بالمتحضرين لأنهم همج، يستفزهم ذوو الأصول الرفيعة؛ لشعور شرير، متعمق بالتضاؤل أمام الاخيار…
وكثير من مبدعين مثل الشهيد سيرت.. كل في ميدانه، لا ذووهم ولا المؤرخون يعرفون غيظ البعث منهم.. تنكيلا يتخطى الاعدام، الى ملاحقة أهلهم وأصدقائهم و… بعد الموت.