كثيرا ما ألح علي الاصدقاء لتقديم طلب الى دائرة السجناء السياسيين لاخذ حقي، كما حصل عليه من يستحق و من لا يستحق . وكنت اعلل النفس والاصدقاء بان من لايستحق هو وحدة من يفوز بالجائزة ( الراتب الكبير و المزايا الاخرى( . وكانوا – الاصدقاء – لايريدون تصديق قولي ،حرصا منهم عليّ ، حتى ان احدهم قال لي مرة:هذا حقك وحق عائلتك التي تعذبت وقلقت عليك طوال ستة اشهر عندما كنت موقوفا في قصر النهاية اواخر عام 1969 الى نيسان1970.
وكنت معاندا ،وحتى اقنع اصدقائي بوجهة نظري التي صارت يقينا عندي. قلت لهم : هناك سجين سياسي اعرفه حق المعرفة, كان في اواخر السبعينيات من القرن الماضي يعمل في جهاز المخابرات، وكان محبوبا من رؤسائه و اصدقائه ،وكان فرحا بعمله. ولكن في يوما ما من عام 1980 استدعي من قبل رئيسه الذي ابلغه بانه مطرود من عمله وهناك امر باعتقاله الى اجل غير معروف .ولما استفسر منه عن السبب؟ قال له المسؤول بانه قريب لشخص ينتمي الى حزب الدعوة ( العميل ) ،كما يسمونه يوم ذاك، وقد اعدم ،وقد سرى على عائلته وأقربائه قانون اقارب المحكومين السياسين.. و خلال مدة اعتقال صديقي التى تجاوزت السنتين قدم الكثير من الوثائق بانه ليس قريبا للمعدوم ، وكل ما في الامر انه قريب لزوجته فقط. فطلبوا منه تطليق زوجته! وبعد ذلك ينظرون في امره، وقد يعود الى وظيفته او لايعود. وقد أبت كرامته ان يطلّق زوجته لانها لم تفعل شيئا وليس لها ذنب كون قريبها انتمى الى حزب معاد للحكومة. فقضى صاحبنا اكثر من سنتين في السجن بدون ذنب. وعندما اطلق سراحه وجد انه مطرود من وظيفته ومحروم من العمل في اي دائرة حكومية. وظل بلا وظيفة حكومية لاكثر من ثلاثين عاما !! بعد التغيير قدم طلبا الى دائرته(المخابرات )لاعادته الى العمل فيها فرفض طلبه .وقدم طلبا اخر لمؤسسة السجناء السياسيين للحصول على التقاعد، فرفض طلبه ايضا. ولما اراد مقابلة مسؤول فيها , قابله احدهم وقال له :- انت بعثي … ولامجال لاعادتك الى عملك اوشمولك بالتقاعد. وعندها اعترض عليه قائلا.. بعد فصلي من وظيفتي وسجني لعامين لم اعد بعثيا ! وقد فصلت بسبب حزب الدعوة الاسلامية، فهل هذه مجازاتي ؟ فأصر المسؤول على انه بعثي و خلاص. فما كان من صاحبنا الا ان يقول له (بخيرهم ما خيروني و بشرهم عموا علي ) .
وهذا نموذج لسوء معاملة الحزب الحاكم والذي يقود مؤسسة السجناء السياسيين المظلومين في العهد السابق..،قلت لأصدقائي:كيف تريدون مني ان اقدم طلبا لانصافي خصوصا واني اعتقلت لاني كنت انتمي الى حزب يساري قومي مناهض للنظام السابق ؟ وقلت لهم أيضا. اليكم قصة محزنة اخرى فقد عرفت صديقا شيوعيا سجل له وكيل امن في الثمانينيات من القرن الماضي حديثا يندد فيه بالحاكم السابق , وقدمه الى الجهة الامنية التي يعمل لديها، فأعتقل الصديق خمس سنوات، ولما خرج وجد نفسه مفصولا من عمله .. وحين سقط النظام السابق قدم طلبا لاعادته الى وظيفته او احالته على التقاعد بأعتباره سجينا سياسيا . وعندما الح على مؤسسة السجناء السياسيين استدعاه احد المسؤولين فيها ليفاجئه بالقول : انت شيوعي لاتصلي ولا تصوم، فكيف تريدنا ان نعطيك راتبا من اموال المسلمين؟ وان المادة التى سجنت استنادا اليها هى مادة جنائية، فلا يجوز اعتبارك سجينا سياسيا .فرد عليه الصديق بقوله أهذا معقول؟ تريد ان يسجنني النظام السابق بمادة سياسية حتى يدان من قبل منظمات حقوق الانسان؟
قلت لاصدقائي هكذا تتعامل مؤسسة السجناء السياسيين مع السجناء من غيرحزب الدعوة.. فكيف والحال هذه اتقدم اليها بطلب لانصافي ؟
قبل ايام تظاهر الالاف من لاجئى رفحا مطالبين حكومة العبادى بحقهم الذي جاء بقانون خاص بهم،ومتهمين مؤسسة السجناء السياسيين بانها قد زّورت او تغاضت عن حصول الالاف من غير المستحقين على حقوق سجناء رفحا. ولم تتوقف المظاهرات الا بعد الاعلان رسميا بان هناك 19 الف شخص قد حصل على صفة سجين رفحاوي بالتزوير ..فمن وراء هذا غير مؤسسة السجناء السياسيين؟ولما لا تجرى هيئة النزاهة تحقيقا لمعرفة المزورين والمواطئين معهم؟
هناك من يقول بأن مؤسسة السجناء السياسيين ومنذ قيامها كانت ومازالت وكرا للفساد والتزوير. وأنها قد حرمت مئات الالاف من السياسيين المسجونين في العهد البائد من حقوقهم. وأعطت معظم هذه الحقوق الى المقربين من حزب الدعوه والقليل منها لبعض الاحزاب الاسلامية الاخرى. وباع العاملون في المؤسسة صفة سجين سياسي الى قتلة وزناة ولصوص كانوا مسجونين فعلا في العهد البائد مقابل منافع ماليه على حساب السجناء السياسيين الحقيقيين.. متى تتحرك لجنة النزاهة النيابية لفتح الملف المخزي لمؤسسة السجناء السياسيين.