23 ديسمبر، 2024 4:38 ص

وللمرأة العراقية  في( مؤتمر  برلين ) … لها  نصيب  !

وللمرأة العراقية  في( مؤتمر  برلين ) … لها  نصيب  !

لم تكن المجتمعات الإنسانية ولا الشرائع والنظم والى فترة قريبة ، تعطي للمرأة قدرها او كرامتها ولا تساويها مع الرجل في المجتمع الإنساني ، فلم يكن يعترف لها بأية حقوق تذكر حتى صدور الأعلانات والمواثيق الدولية المختلفة التي اقرت والزمت مبدأ المساواة وعدم التفريق بين الرجال والنساء ، حيث كانت مُحَقرة حبيسة الجدران عند اليونان،محرومة  من حق اختيار زوجها ومن الارث وهي تحت وصاية  الأب حتى يتم زواجها ، فاذا تزوجت كانت وصاية الزوج وكانت محرومة من تصرفاتها وتعتبر شيئا من الاشياء التابعة للرجل .

وفي العصور الوسطى كانوا يعدون المرأة اداة إغواء يستخدمها الشيطان لافساد القلوب  ، وفي احدى الفترات عقدوا مجمعاً علمياً للبحث في شؤون المرأة ، فانتهوا الى النتيجة التالية (( ان المرأة لا روح لها على الاطلاق  وانها لن تبعث في الحياة الاخرى فأنها رجس !! )) .

أما في الشرائع الهندية ، فقد كانت تعتبر المرأة حطاما تحرق وهي على قيد الحياة مع زوجها بعد موته ، والى وقت قريب ، وفي المجتمع اليهودي ، المرأة عندهم نوع من اللعنة لأنها اغوت آدم فأخرجته  من الجنة ، وعند الفرس كانت حياة المرأة تتعلق بارادة الرجل ، فأذا ما اراد اعدامها او سجنها أبديا  فله الحق في ذلك ، وفي تراث المسيحية وتطورها كانت هناك اتجاهات منافية لحقوق الإتسان  وللمرأة بالذات ، فأذا كان يسمح للنساء بالدخول في المجاميع الدينية وكان لهن بعض الشأن في اداء الواجبات الاخرى الصغيرة ، فأن الكنيسة كانت تطلب إليهن ان يحيين حياة التواضع والخضوع والعزلة وكن يؤمرن بأن يأتين للصلاة والعبادة محجبات لأن شعرهن يعد من اكبر المغريات وكان يخشى أن يفتن به الرجال والملائكة انفسهم اثناء الصلاة  وقد اصدر ( بولس ) اوامر صارمة لاتباعه فقال  (( لتصمت نساؤكم في الكنائس لانه قبيح بالناس ان تتكلم ولكن إذا كن يردن ان يتعلمن شيئا فليسألن رجالهن في البيت لأنه قبيح بالنساء ان تتكلم في كنيسة )) وقال (( ان الرجل لا ينبغي ان يغطي رأسه لكونه صورة الله ومجده ، وأما المرأة فهي مجد الرجل، لأن ليس من المرأة ، بل المرأة من الرجل ولأن الرجل لايخلق من اجل المرأة ، بل المرأة من اجل الرجل ، لهذا يبتبغي للمرأة أن يكون لها سلطان على رأسها من اجل الملائكة ))  .

ومعاملة المرأة في الجاهلية لدى القبائل التي كانت قبل الاسلام ، لم تكن احسن لدى ما سبق من اللأمم والمجتمعات ، فالحالة كانت سيئة فقد كان يحرص أولياؤها على التخلص منها ، ويرونها عيباً وعاراً وحقارة فكانوا يقومون بوأدها ، وفي القرآن جاء (( واذا بُشرَ احدهم بالانثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم ، يتوارى من القوم من سوء ما بُشَر به ايمسكه على هون أم يدسه في التراب إلا ساء ما يحكمون )) ، وفي آية اخرى (( اذا المؤودة سئلت ، باي ذنب قتلت )) ، وبرغم هذا الاقرار الآلهي بحق المرأة في الحياة والمساواة في الحقوق والواجبات ، نرى تخلف اغلبية الدول الاسلامية في ميدان حقوق الإنسان ، وخاصة بالنسبة للمرأة  على وجه الخصوص ، فقد استنتج فقهاء القرون الوسطى والذين اقفلوا باب الاجتهاد ، أن الحكم الآلهي رتب هذه الحقوق للمرأة بما هي عليه في قوانين الأحوال الشخصية وفق التفسيرات التي استخلصوها من القرآن الكريم والسنة النبوية ـ بالرغم من ان هذه التفسيرات تعبر عن العصر الذي وجدت فيه ، والبيئة التي صاغتها ، حسب تفسيرات هؤلاء الفقهاء ، اصبحت اوضاع المرأة أزلية إلهية لا فكاك منها وبهذا كانت حقوق المرأة الإنسانية اكثر انتهاكا في البلدان العربية ومنها العراق التي ترفع  (شعار الاسلام ) اغلب  قواه الشيعية – السنية  منهجاً ودستوراً للحكم . ولعل المحاولة للحكومة الظلامية السابقة ( المالكي ) بتقديم مشروع قانون الاحوال الجعفرية مثال ونموذج سيئ لانتهاك حقوق المرأة .!

وفي المجتمعات الاوربية ، فأن الفرنسين كانوا يشكون في إنسانية المرأة ، فقد عقد في فرنسا اجتماع عام 1586 ، لبحث شان المراة وما اذا كانت تعد إنساناً او لا ، وبعد نقاش قرر المجتمعين ان المرأة  إنسان ناقص ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل ، إذا لم يثبت للفرنسيين إنسانية المرأة  عام 1586 ، وان لم يثبتوها كاملة بل جعلوها تابعة وخادمة للرجل ، ولم يتحقق للمرأة حق التصويت والانتخاب الكامل إلا في عام 1944 في عهد حكومة ديغول ، وعن الحقوق المدنية للمرأة في الغرب  في انكلترة نموذجا ،  بقيت النساء حتى عام 1850 غير معدودات من المواطنين ، وظلت المرأة لحد عام 1882 ليس لها حقوق شخصية فلا يحق لها التملك وانما كانت المرأة متماهية في ابيها وزوجها ، ولم تساوي جامعة اكسفورد بين الطالبات والطلاب في الحقوق بما يتعلق في العضوية والنشاطات في الاندية واتحاد الطلاب إلا بقرار صدر عام 1964 ، وفي سويسرا ما يزال حق الاقتراع للمرأة في نزاع وترك امره لسلطة  (( الكانتون ) وهو تقسيم اداري معمول به في سويسرا ، ! وفي اليابان ظلت القوانين حتى عام 1923 تقوم على فكرة ان النساء والمعتوهين لا يمكن ان يشاركوا في النشاط السياسي ، لكن الدستور الياباتي لعام 1946 نص على مساواة الرجل بالمرأة في جميع الحقوق والواجبات .

بعد الحرب العالمية الثانية ونتائجها وانشاء الامم المتحدة ، طرحت مسألة حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص وعلى المستوى الدولي واعلن بصراحة ولاول مرة في ميثاق الامم المتحدة الصادر عام 1945 التأكيد والاشارة الى حقوق الإنسان في عدة مواضع من ديباجته ومواده واشار مؤكداً المساواة وعدم التفريق بين الرجال والنساء  ، في 10-12-1948 ، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ، الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وهو يتكون من ديباجة وثلاثون مادة ماده ، واذا كان معلوماً ان قيمة الاعلان العالمي لحقوق الإنسان هي ادبية وتعليمية  ، إلا انه جسد قيمة إنسانية وحضارية واخلاقية كبيرة ، ناضلت من اجله وشاركت في وضعه وتطويره وتكريسه شعوب العالم جمعاء انه الخزين الحضاري المشترك للبشرية ، ويشكل الاعلان اساس مبادئ حقوق الإنسان والحريات الاساسية وحتمية صونها واحترامها  .

اثر ذلك اهتمت المواثيق والاتفاقيات الدولية بشؤون المراة حقوق المرأة والاسرة فالى جانب الاعلان العالمي لحقوق الإنسان ، واعلان القضاء على التمييز ضد المرأة ، تناولت موضوع  ((حق المرأة  في المساواة )) كل من الاتفاقيات الدولية التالية: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، والعهد الدولي الخاص بالحقوقف المدنية والسياسية والاتفاقية الخاصة بمساواة العمال والعاملات في الاجر ، واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة ، والاتفاقية الدولية بشأن جنسية المرأة المتزوجة والاتفاقية حول الحقوق السياسية للمرأة ، واتفاقية الرضا بالزواج ، اضافة الى الاتفاقيات الصادرة من دول المجموعة الاوربية والامريكية  والافريقية والعربية بالاضافة لاتفاقية حقوق الطفل عام 1989  .

وبناءاً على ذلك فيجب ان نتناول مسألة المرأة وحقوقها ـ من منظور المبادء الواردة في تلك الاتفاقات العالمية وفي الدساتير الوطنية او التشريعات او القوانين ذات الصلة وعلى اساس ان حقوق الإنسان وحرياته الاساسية من الحقائق القانونية المسلم بها في كل نظام قانوني ، غير ان حماية هذه الحقوق وتأكيد احترامها من ألزم ما يكون لضمان تمتع الافراد بها ، بغض النظر عما تخوله اياهم دساتير دولهم او قوانينهم الداخلية ، فحقوق الإنسان تثبت للفرد بوصفه إنساناً ايا كانت جنسيته وايا كان النظام الدستوري الذي يخضع له ، ومن ثم لا مجال لحرمان الفرد ،  ((رجلاً كان او امرأة  )) من حقوقه وحرياته العامة بحجة ان نظامه الدستوري لا يعترف له بتلك الحقوق او بجزء منها ، ويمكننا القول بأنه حتى لو لم تصدق الدول على الاعلان او العهديين والاتفاقيات الاخرى فأن ذلك لايعني جواز تحلل الدولة من مبادئ حقوق الإنسان ، لان القوة الملزمة لقواعد العرف الدولي تحمل الدولة اي دولة على وجوب مراعاة تلك المبادئ وعدم انتهاكها ، والاخلال يمكن ان يترتب عليه جزاءات دولية ووقف المعونات وتجميد الارصدة …. الخ .

لقد اقامت المجموعة الدولية وجودها على مبداي الحرية والمساواة واصبحت الدول الاعضاء في الامم المتحدة ملزمة باحترام هذين المبدأين الاساسيين ، ولكن قضية  المرأة عامة والمساواة بين الجنسين خاصة عرفت تأخراً كبيراً في طرحها وإعمالها على مستوى الامم المتحدة مما يدل على وجود عراقيل وصعوبات لم تتم تسويتها بعد .

وللنخب النسائيةالعراقية اليوم ما يكفي من الامكانيات الفكرية والنضالية لمواصلة هذا الجهد وتدعيمه والاهتمام اكثر بالنساء اللواتي لا يعرفن معنى المساواة ،…  كل الملاحظات  تطرح رهان على  اجتماع برلين وعلى المشاركات اخضاع الاجتماع  لللارتقاء  بالمرأة العراقية وحقوقها  وضمان ممارسة  الحريات السياسية – الثقافية – الاجتماعية ، ووقف كل الانتهاكات التي تتعرض له النساء العراقيات في ظروف الصراع الاهلي المسلح وعمليات التهجير والنزوح والسبي والقتل لاسباب ( مجهولة ) . .. كان للمرأة نصيب كبير من جهد واعداد يسبق عقد اجتماع برلين تمثل في ورقة عمل ونظام داخلي …

 جاء في مشروع ( ورقة العمل ) المقدمة للمؤتمر ( الثاني )* من الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الإنسان / السويد ما يلي:

– التأكيد على أن حقوق المرأة العراقية هي حقوق شاملة ومتكاملة تكفل لها الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهي جزء لا يتجزأ من عالمية حقوق الإنسان . وإن مبدأ عدم التمييز بين الجنسين كما أقرته المواثيق الدولية هو المرجع الأساسي لإعمال حقوق المرأة العراقية وضمان تمتعها بكامل الحقوق والحريات الأساسية.وان الخصوصيات الثقافية والحضارية هي مصدر إثراء للقيم المشتركة بين العراقيين جميعا ولا يمكن التذرع بها للحد من حقوق المرأة وحرياتها وأبعادها عن حقها في المشاركة بإدارة مؤسسات الدولة .

– إن استعمال الدين لأغراض سياسية يتنافى وحقوق الإنسان، وأصبح في أعراف البعض سلاحا موجها للحد من الحريات وقمع التطلعات الحضارية للشعب خاصة في سلب حقوق النساء العراقيات وانتهاك كرامتهن ،إن محاصرة المرأة والحد من حريتها وقتلها والتمثيل بها، تدعو إلى وقفة حازمة لمحاربة جميع أشكال التطرف والتعصب الديني.

–  تسرب أعداد غفيرة من الأطفال دون الثامنة عشر من التعليم الإلزامي ودخولهم سوق العمل يلقي على عاتق الدولة العراقية ومؤسساتها التربوية والاجتماعية مهام جسام مثلما يحفز منظمات المجتمع وبالذات منها جمعية حقوق الإنسان للعمل بجد ومثابرة لتنبه وحث مؤسسات الدولة لإيجاد السبل الناجعة للحد من هذه الظاهرة التي تعني تخريبا مفصليا لمستقبل الوطن وأجياله الفتية، فالحد من الظاهرة  وضمان تمتع الأطفال بكل الحقوق المنصوص عليها في الدستور العراقي والمواثيق الدولية ذات العلاقة مهمة وضرورية يجب أن تتبناها الجمعية لتكون أحد أكثر مهامها إلحاحا.

– الدولة العراقية ملزمة بضمانات حقوق الأسرة العراقية  والأمومة والطفولة بالحماية .

 

وفي النظام الداخلي ما يلي :

 (المادة 3 – الاهداف أ- العمل على احترام حقوق الإنسان في العراق ، السياسية منها والمدنية التي تكفل له الحرية والمساواة والعدالة طبقا للمبادئ الواردة في الإعلان  العهالمي احقوق الإنسان لعام 1948 ، والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان وحرياته المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادرين عام 1976 واعلان الأمم المتحدة لمنع التعذيب لعام 1975 ،  والاتفاقية الخاصة بمنع اشكال التمييز ضد المرأة  وكل المواثيق المتعلقة بحقوق الشعوب وخاصة حقها في تقرير مصيرها  ، وغيرها من المواثيق الصادرة عن الأمم المتحدة والمتعلقة بحقوق الإنسان . ) .

* كان من المفروض ان يكون هذ العرض ضمن اوراقنا للمؤتمر الثاني لحقوق الإنسان الذي سيعقد في برلين يومي 8/9 -11-2014  .