22 ديسمبر، 2024 6:43 م

وللمتقاعدين رب يحميهم

وللمتقاعدين رب يحميهم

يشهد العالم سنوياً نسبة مئوية من التضخم. تتبع الى وضع الدولة المعنية الإقتصادي. الدول ذات الإقتصاد القوي المتنامي
تشهد نسبة تضخم طفيفة. والدول الضعيفة النمو تكون نسبة التضخم أعلى. وليست هناك دولة بمنأى عن ذلك على الإطلاق. إبتداءاً من الولايات المتحدة والصين واليابان، الى دولة جزر القمر والصومال وبوتان. ولذلك تسعى الدول وكل حسب قدرتها، وإجتهادها، بتلافي هذا التضخم. الذي تظهر معالمه على مجمل السلع والخدمات. فكيف تحل الأمور. يبرز جهابذة الإقتصاد، والمال، بوضع الخطط، والدراسات، التي تساعد الدولة. وتخفف عن كاهل المواطن، بمساعدته، والخروج به بأقل الخسائر. مثلاً في الأنظمة الغربية، ومنها الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، ودوّل أوربا الغربية، يجري موظفي أحتساب الضريبة بدراسة وضع المواطن، ودخله السنوي، ومدى تطابقه مع جودة الحياة، والمعيشة الميسرة، فإن تطابق فبها، وإن لاحظوا تدني، يقومون بأعادة بعض المبالغ التي تعمل على تحسين وضعه المعاشي والإجتماعي خلال عام. وبعض الدول تعمل على زيادة الحوافز المادية، وأخرى تتلافاها، بزيادة على الراتب، تقلل من فوارق التضخم. تعمل الدول ضمن واجبها في السهر على وضع المواطن. لأنها أساساً جاءت لخدمته. هذا بالنسبة لعموم الشعب. أما شريحة المتقاعدين وكبار السن فالحديث يطول جداً، لأن هذه الشريحة تعتبر شريحة هشة، وغير قادرة على تحمل مصاعب الحياة، ولذلك تفرز لها الدولة حيزاً مميزاً من الإهتمام، والرعاية، تتناسب وضعفها، وعدم قدرتها لتحمل الصعوبات. وأكثر هذه الصعوبات خطورة، هو إحتياجها المتزايد للرعاية الصحية، والتطبيب، والعلاج، والرعاية الإجتماعية. من الطبيعي أن تتفاوت الخدمات والرعاية بين دولة، وأخرى، حسب قدراتها، المالية، والإقتصادية، وحسب أداءها، وكفاءة القائمين عليها. وتحسسهم لهذه الشريحة، والعمل بكل الوسائل للوقوف على تلبية إحتياجاتها.

سقنا هذه المقدمة البسيطة، دون الدخول في التفاصيل، في ضوء إقرار مجلس الوزراء العراقي ، مشروع قانون هجين، يدعى قانون التأمينات الإجتماعية. ألغى بموجبه مؤسسة التقاعد، وقوانينها، وضمها الى هذا الكيان، الذي هو ضمان إجتماعي، لعموم المجتمع، ليس له علاقة حقيقية، من قريب، أو بعيد، بآلية التقاعد، الذي هو مؤسسة مختلفة. هذه المؤسسة، معنية بشريحة الموظفين، وهو صندوق خاص بهم، مبني على إستقطاعات من رواتبهم، تذهب الى صندوق التقاعد، وهو لا يختلف كثيراً، عن نظام عالمي، إستنسخه العراق، منذ تأسيسه، عن بقية دول العالم. والرعاية الإجتماعية موضوع آخر، هو أن تكفل الدولة رعاية مواطنيها معدومي الدخل، أو المعوزين، أو العاطلين عن العمل، أو وضع قوانين تخص العمال، حسب قوانين منظمة العمل الدولية، مثل ما كانت تعمل به وزارة العمل والشؤون الإجتماعية، ولها آليات خاصة، لها شروح معروفة، لمن يبحث. وإن كانت الدولة حقيقة تبحث عن خدمة قطاعات واسعة من المجتمع، فمالذي يمنعها من تطوير كلا المؤسستين، على حدة، التقاعد، والضمان الإجتماعي. أما أن تخلط الدولة الأوراق، بهذا الشكل الفاقد لأبسط قواعد عمل مؤسسات التقاعد، والضمان الاجتماعي، وما شاكلها، فهو أمر يثير الريبة. والموضوع برمته،هو، محاولة لتخفيض رواتب المتقاعدين بشكل هائل، يتراوح بين ٢٥٪ الى ٥٠٪ بتغطية قانونية، في محاولة تمرير مشروع هذا القانون، بعد أن إستقطعت منذ أكثر من عامين نسبة من رواتب المتقاعدين بحجة الإدخار الإجباري. قد تعذر الدولة لو إنها أعلنت ذلك صراحة، ولكن، يعتقد أغلب المتقاعدين، أن هذا القانون يستهدفهم. وإنهم شريحة مغلوب على أمرها، والدولة تُمارس عليهم قوانين مذعنة. والأمر هين على المتقاعدين، لو إن الدولة أعلنت عن عزمها الإدخار الإجباري، لتقوية وضعها المالي مثلاً، بدلاً من أن تجحف حق المتقاعدين، بهذا الشكل. لأن من المعروف، أن الدولة بهذه الفعلة تخرق أبسط القواعد القانونية الآمرة، والقاعدة الآمرة؛ تلزم جميع الأطراف ذات العلاقة بالخضوع الكامل اليها، ولا يملك أي طرف سلطة أو حرية مخالفتها، لأنها تتعلق بالنظام العام، أو بالمصالح العليا للمجتمع. وثبوت قواعد القانون ثبوت لأركان المجتمع. وأن الراواتب والأجور، متحققة بقواعد قانونية، وهي، حق مكتسب لا يجوز التلاعب به، وتخفيضه. ناهيك عن واجبها الأساس ملاحظة التضخم وهدم أي ثغرة يحدثها، كما إن من أخلاقيات الدولة عدم المساس بالمستوى المعاشي والحياتي للمتقاعدين،