الصعاليك ظاهرة اجتماعية سادت في العصر الجاهلي ابتداء . والصعلوك، مفردة لغوية، تعني الفقير الذي لا يملك من المال ما يسد رمقه، ويساعده على العيش، وتحمل أعباء الحياة . وحينما سادت الظاهرة في المجتمع الجاهلي في ذلك الوقت، واقترنت بالسلب والنهب، أخذت مفردة الصعاليك عند ذاك، معنى أكثر تحديداً ، يدلل على قطاع الطرق، ويرتبط باعمال السلب، والنهب،خاصة وأن الصعاليك كانوا من الذين خلعتهم قبائلهم يوم ذاك ، بسب اعمالهم، التي لا تتوافق مع اعمال القبيلة التي ينتمون اليها.
كان معظم صعاليك الجاهلية شعراء مجيدون. وتتجلى في نظمهم صرخات الفقر، والجوع، والحرمان،بما هي تعبير عن نقمتهم على تخمة الاغنياء ، وشحهم على الفقراء . لذلك يتلمس المتلقي في شعرهم، سمات الترفع، والسمو، والشعور بالكرامة، لأنهم كانوا في سلبهم المال من الأغنياء الشحيحين، يجودون به على الفقراء، والمعوزين.
وكان للصعاليك حكاياتهم، وكان من بين الصعاليك، تأبط شرا. وهو ثابت بن جابر بن سفيان بن عميثل بن عدي بن كعب بن حزن، كما يقال. وقد قيل عنه في إحدى حكاياته، أن أمه قالت له في موسم جني الكمأة، ألا ترى غلمان الحي يجتنون لأهليهم الكمأة، فيروحون بها؟..فقال لها أعطيني جرابك، حتى أجتني لك فيه. فأعطته الجراب، فقال لها، سآتيك الليلة بشيء.
ومضى فصاد أفاعي كثيرة من أكبر ما قدر عليه. فلما راح أتى بهن في الجراب متأبطاً له، فألقاه بين يديها، ففتحته، فتساعت الأفاعي في بيتها. فوثبت، وخرجت، فقال لها نساء الحي، ماذا أتاك به ثابت؟ فقالت، أتاني بأفاع في جراب، قلن، وكيف حملها؟ قالت، تأبطها، قلن، لقد تأبط شراً.
فلزمه ذلك النعت، وصار يدعى من ساعتها، تأبط شراً.