23 ديسمبر، 2024 12:08 ص

وللباحثين الأكاديميين نصيبهم من السرقات الأدبيّة

وللباحثين الأكاديميين نصيبهم من السرقات الأدبيّة

استراقكَ يا جريرُ قصَائِدي*** مِثـلُ ادِّعاءِ سـوى أبيـكَ تنقّـلُ
الفرزدق (متّهما الشاعر جرير بسرقة أشعاره )
بعيدا عن المجاملات و التواضع المزيّف، الذي هو، أقرب إلى الضعة والوضاعة بما هي دناءة وخسّة، منه إلى التواضع في مفهومه العام. لا بل وبعيدا عن محاولة الظهور بمظهر المتسامح “الملائكي” المتعالي على الظلم رغم الشعور بالغضب والألم النفسي، فإنّي أرى من واجبي أن أعرض في هذه العجالة إلى عمليّتي سرقة أدبيّة تكاد تكون محضة وموصوفة إستهدفتني خلال سنة 2014 من قبل أكادميين إثنين من علياء القوم وكبارهم في سوريا. قد يكون حدوث ذلك ناتج عن إستخفاف بي أو إستغفال واستبلاه لي، لا يمارسه عادة إلّا ساقطو الهمم أو ضعاف النفوس ولا سيّما مختلّو العقول. لكن ليعلم الدكتورين، وهما محسوبان عن نخبتنا العربيّة التي كثيرا ما كانت هي سبب نكبتنا، أنّني بقدر ما لا أجامل فإنّي لا أهادن الظلم ولا أداهن ذويه. لأنّي أرفض مقولة « ما قد ندمت على سكوتي مرّة ولكن ندمت عن الكلام مرارا» رغم وجاهتها عند من يتسرّع

في الكلام، كما أرفض القبول بدور الضحيّة التي تلوذ بالصمت وتنحني أمام العاصفة ثمّ هي بدل أن ترفع رأسها بعد ذلك، فإنّها تسمح بالإعتداء على حقوقها لشجاعة تعوزها أو لاهتزاز في شخصيّتها. وفي هذا المعنى يقول الشاعر النيجيري عيسى ألبى أبى بكر: « أنـا أهـوى السّكوت والشعر يأبى ** إنّ فى ذا السّكوت شرّا وعتبا ». ذلك أنّي ببساطة لا أشكو رهابا اجتماعيا بالمطلق، بل أنا أميل حدّ العشق والهوس إلى السجالات والمواجهات والمناظرات الفكريّة التي تشرّبتها، ليس فقط من مجريات ما سمّي في فرنسا في نهايات القرن السابع عشر بالصراع بين أنصار القديم وأنصار الجديد (La querelle des Anciens et des Modernes) ، بما هو جدال أدبيً وفنيً بين الشعراء والكتاب وتزعّمه كل من ” نيكولا بوالو” (Nicolas Boileau) ، وراسينRacineولا فونتينLa Fontaine، ولا برويير La Bruyère من أنصار القديم بما هو محاكاة للأدب الكلاسيكي الذي أعتبروه قمّة الإبداع، وبين الأدباء والكتّاب المسرحيين وتزعّمه كلّ من ”شارل برّولت” Charles Perrault وبيار كورناي, PièrreCorneilleوشارل وفيليب كينوPhilippeQuinaulوبرنار دي فونتنالBernard de Fontenelle، من أنصار الأدب الحديث الذين يرون ضرورة تجديد الأشكال الإبداعيّة وحتميّة مواكبتها لقضايا العصر، بل وتشرّبتها كذلك من مجريات ما سمّي في مصر في النصف الأوّل من القرن العشرين بالمعركة العلميّة بين مصطفي صادق الرافعي ووراءه شكيب أرسلان منتصرا له، مدافعين معا عن الأدب القديم، وطه حسين وخلفه سلامة موسى منتصرا له، مدافعين معا عن الأدب الحديث في سياق المعركة بين الأدباء الكلاسيكيين والأدباء الجدد أيضا. وهو ما ساهم ليس فقط في تنمية روح النقد لدى الأدباء بل و وكذلك في إثراء المكتبة العربيّة بثلاثة كتب في جنس المعارك الأدبيّة وهي كتابي الرافعي” المعركة بين القديم والجديد ” و”تحت راية القرءان” وكتاب طه حسين” حديث الأربعاء “.

ولكن قبل ذلك، قد يكون من الضروري الوقوف على بعض معاني ومظاهر السرقة الأدبيّة والفكريّة عموما، لوضع المسألة المطروحة في إطارها الطبيعي.

جاء في كتاب” تاريخ الأدب العربي / العصر الجاهلي ” تأليف شوقي ضيف، أنّ شعراء الجاهليّة « كان منهم من يخرج قصيدته في عام كامل، يردّد نظره في صيغها وعباراتها حتى تصبح تامة مستوية في بنائها ». فيما نلحظ اليوم أنّ بعض الشعراء – المتشاعرين- قد يصدر أكثر من ديوان شعري في ذات السنة. وبداهة، لا يتيسّر ذلك ويتاح إلّا على حساب جودة القصيدة واستسهال الأخذ من الغير من الشعراء والسطو على حقوقهم. ما يعني أنّه لا وجه للمقارنة بين القصيدة القديمة والحديثة. حيث كانت الصياغة الشعرية عند القدماء تمتاز بتدفّق الصور الشعريّة الجميلة فتحمل القارئ بيسر إلى عالم الخيال؛ وحيث كان الشاعر يتخيّر جزيل الألفاظ بدقّة وتروّ، ثمّ يضعها في مكانها المناسب، كما أنّه يحرص على جعل العبارات تؤدي معانيها بدقّة متناهية. وفي هذا السياق، ففيما يؤكّد زعيم البلاغيين عبد القاهر الجرجاني في نظريّة التنظّم التي أرساها، على وجوب النظر إلى النصّ من خلال مفاهيم التشكّل والصياغة والبناء بما يعني تفضيل المعاني على الألفاظ، لأنّ “الألفاظ خدم المعاني ” كما يقول في كتاب ”الدلائل”، فإنّ الجاحظ- على العكس من ذلك- يؤكّد “أن المعاني مطروحة في الطريق” بما يعني تفضيل الألفاظ على المعانى.

ولكن هذه الرؤى البلاغيّة -للأسف- قد لا نلمس صداها في أغلب قصائد الشعر المعاصر التي ينطبق عليها ما قاله كعب بن زهير : « ما أَرانا نَقولُ إِلّا مُعــارا *** وَمُعاداً مِن لفظِنـا مَكرورا». بل هي مفقودة كذلك، وبأكثر حدّة، في كثير من الكتابات النثريّة المنشورة هنا وهناك في بعض الكتب و الجرائد و في العديد من المواقع الألكترونيّة والتي هي في الأغلب الأعمّ ليست سوى إعادات بشكل أو بآخر لمضمون كتابات أخرى سابقة، تصل أحيانا إلى حدّ النقل بكلّ فجاجة وصفاقة ممّا كتبه الآخرون دون الإشارة إلى صاحب النصّ المنقول، وأحيانا بإلماحة محتشمة وسريعة لا تعبّر عن حجم عمليّة النقل أو السطو التي وقعت وتضرّر منها صاحب النصّ الأصلي. وهو ما قد يعتبره النقّاد عملا شنيعا عندما لا تصنّف السرقة تحت باب السرقات الفنيّة، وهي السرقات المحمودة/الممدوحة التي تعتبر وفق النّاقد والشاعر المُجيد أبو القاسم الحسن الآمدي نوعا من الإبداع. لا بل ويصنّفها أحيانا كضرب من

ضروب البلاغة التي قد تجعل النصّ المسروق يتفوّق أحيانا على النصّ الأوّل بفضل اعتماد ما يسمّيه الآمدي “الأخذ الحسن”.

وبصرف النظر عن حصول تغيير في الأحكام التي يكون إعتبار النصّ بمقتضاها إبداعا أو سرقة لإبداع، فإنّي لن أضيف جديدا إن ألمحت إلى أنّ نقّاد الفكر والفنّ والأدب العرب ، بدءا من الأصمعي ( ت 210 هـ ) وكتابه “فحولة الشعراء” وابن سـلام الجمحي ( ت 232 هـ ) وكتابه “طبقات فحول الشعراء” والجاحظ (ت 255 هـ) وكتابيه” البيان والتبيين” و”الحيوان” وكتاب “الشعر والشعراء” لابن قتيبة ( ت 276 هـ ) وإبن رشيق (ت 456 هـ) وكتابه “العمدة” ، قد أولوا إهتماما كبيرا إلى ظاهرة (التناص ) كما اصطلح عليه حديثا أو السرقات الأدبيّة والشعريّة و والفكريّة عموما كما اشتهرت به عبر التاريخ، إنطلاقا من العصر الجاهلي الذي لم يخل هو الآخر من حدوث سرقات شعريّة ولو أنّها كانت قليلة ولا تمثّل ظاهرة مستفحلة كما هو واقع الحال اليوم. وفي ذلك يقول طرفة بن العبد : « ولا أغيرُ على الأشعارِ أسرِقُها*** عنها غنِيتُ وشرُّ الناسِ من سَرقَا».

وما هو لافت في هذا الخصوص أنّ نقّاد الأدب العربي قد عرضوا إلى تفصيل السرقات الأدبيّة، بل واطنبوا في ذلك. فقد صنّفوها إلى تصنيفات كثيرة، تصل إلى 145 تصنيفا، تسمح بالمفاضلة والتمييز بين النصوص الأصليّة التي قد تشتمل على مسحة من الجمال الفنّي وبعض الأفكار الإبداعيّة المحدثة والمبتدعة، وبين النصوص المسروقة التي تحتذي النصوص الأصليّة ولكنّها لن تضاهيها مطلقا، إن في الأسلوب أو في اللفظ أو في المعنى، بل و في هذه العناصر مجتمعة مهما حاول أصحابها ذلك ومهما اجتهدوا في التستّر عن سرقاتهم التي غدت اليوم مكشوفة جدّا ولا يمكن إنكارها. حيث أنّنا نعيش اليوم عصر الثورة الإتّصاليّة التي من بين منجزاتها الشبكة العنكبوتيّة/الأنترنات التي تكشف عن السرقة وتفضح بكل يسر ودون عناء سرقة الأفكار والمعاني أو الألفاظ كلّيّا أو جزئيّا، وليس فقط سرقة النصوص الكاملة بحذافيرها، والتي يعرّفها النقّاد العرب بالسرقة المحضة. وهو الأمر الذي لم يكن ينهض به في الماضي إلا الناقد ذو العقل الحصيف، والفكر الناضج و الإطّلاع الواسع. علما وأنّ ما هو

ثابت اليوم أنّ سرقة المعاني هي أكثر إنتشارا من غيرها بين السرقات. و معلوم أنّ من محاسن الأنترنات، التي يتغافل عنها ويتجاهلها محترفو السرقات الفكريّة أو لعلّهم يجهلونها تماما، أنّها لا تسجّل النصّ أو القطعة الموسيقيّة أو اللوحة التشكيليّة أو المسرحيّة أو الفيلم وحسب، بل وتضيف إليها أيضا تاريخ التسجيل وربّما توقيتها ليس بالساعة فقط بل وكذلك بالثانية تحديدا. وهو ما يمكن إدراجه في باب توثيق النصوص بنسبتها إلى أصحابها الأصليين لحفظ حقوقهم و ملكيّتهم الفكريّة والإبداعية حتّى يتسنّى للمهتمّين، ولا سيّما النقّاد، من التمييز بين المبدع والمتّبع وبين الإبداع والإتّباع بما هو نســـخ أو إنتحــال و مســـخ أو إغارة و سلـــخ أو إلمام وفق مصطلحات نقّاد الأدب العربي ذات الصلة.

ولو عدنا إلى تاريخنا العربي لوجدنا أنّ ظاهرة السرقات الفكريّة المستفحلة التي تجاوزت اليوم كل الخطوط الحُمْر، نتيجة عدم تطبيق الحقوق الفكريّة على مستوى الدول العربيّة، قد أفردت لها الكتب والمؤلّفات الكثيرة التي لعلّ أشهرها ما نورده لاحقا ودون ترتيب زمني ككتاب “سرقات الكميت من القرآن وغيره ” لابن كناسة وهو من أقدم الكتب في هذا المجال، وكتاب ” سرقات أبي تمام ” لابن عمّار القطر، وكتاب “الرسالة الموضّحة ” المعروف بالرسالة الحاتمية أو (جبهة الأدب) تأليف أبو علي الحاتمي، وفيه تفصيل لسرقات الشاعر العملاق أبي الطيّب المتنبّي ولبعض أشعاره الرديئة، رغم أنّه كان أعجوبة الزمان قد ملأ الدنيا وشغل النّاس كما هو معروف. لا بل ورغم أنّه وإمرؤ القيس يعتبران من أهمّ الشعراء العرب على الإطلاق، إن لم يكونا أهمّ الشعراء قديما وحديثا. ويمكن أن نضيف أيضا كتاب ” الإبانة عن سرقات المتنبي ” لأبي سعيد العميدي وكتاب “مشكلة السرقات الأدبية في النقد العربي” للدكتور مصطفى هدارة وكتاب “سرقات البحتري من أبي تمام ” لابن بشر النصبي و” سرقات أبي نواس ” للمهلل بن يموت، وغيرها كثير ممّا لا يتّسع المجال لذكرها، فما ألمحنا إليه ليس إلّا غيض من فيض.

وقد تعمّدت التوسّع في ذكر أهمّ كتب النقد الأدبي التي تناولت موضوعنا ولا سيّما الكتب التي اختصّت في السرقات الشعريّة والأدبيّة، ليعلم القارئ الكريم أنّ من يقدم على السرقة الأدبيّة اليوم رغم هذا الكمّ من المؤلّفات،

عدى الدراسات والأطروحات الجامعيّة الكثيرة جدّا ذات العلاقة، لا يمكن أن يعذر عن جهله، لا سيّما إن كان من النخبة المثقّفة، فقد يعدّ جهله مصيبة، وأنا أربأ بالدكتورين المعنيين عن ذلك. وفي هذه الحال، وهي عين الواقع، فإنّ المصيبة تصبح مضاعفة بالتأكيد، ويمكن توصيفها بالمأساة من باب ” إذا كـــان ربُ البيتِ بالدفِ ضاربا*** فشيمـةٌ أهلِ البيتِ كلّهم الرقصُ”.

ما دعاني إلى التذكير بما سبق، هو أنّي تفاجأت، لا بل ذهلت عند إطّلاعي على مقال للدكتور يحيى العريضي نشر بجريدة “العرب ” اللندنيّة (ص9) بتاريخ 24/8/ 2014 تحت عنوان: “نعوم تشومسكي مفكّر يهودي يحمل الحقيقة في وجه القوّة”، حيث وجدت ربع (4/1 )المقال* منقولا عن أحد مقالاتي حرفيّا، وحيث وجدت نفسي أكاد أكون بصدد قراءة مقال لي بعنوان “نعوم تشومسكي: الإستثناء الجميل زمن الرداءة الأمريكيّة”، نشر تباعا، وقبل أكثر من سنة، بجريدة “أخبار اليوم “الجزائريّة وجريدة “العراق اليوم” يومي 15و 16جويلية 2013 ، علاوة على المواقع إلكترونيّة الكثيرة على امتداد الوطن العربي وخارجه التي نشرته طيلة شهر جويلية2013، كما هو موثّق في محرّك البحث الإلكتروني “غوغل”(Google). والدكتور العريضي ، هو مثقّف سلطة وفق المفهوم الغرامشي للمثقّف، وركن من أركان النظام السوري، حيث كانت مهمّته الأساسيّة، كمدير للمركز الاعلامي السوري في لندن، وكمدير للقناة الثانية في التلفزيون السوري -قبل التحاقه بالجامعة السوريّة من جديد- هي تلميع صورة النظام السوري الشمولي الفاشي المجرم. بحيث يصبح من باب المفارقات العجيبة و الغريبة، بل من مظاهر الفُصام أو (السكيتسوفرينيا)، أن يتحدّث عن المثقّف الثوري العملاق نعوم تشومسكي الذي قال:«إن معظم تاريخ المثقّفين يميل إلى الخنوع للسلطة، وإذا لم أخن هذا العرف سوف أشعر بالخجل من نفسي». لذلك فإنّي أسأل الدكتور العريضي بكلّ لطف، عمّا إذا كان قد شعر بالخجل من نفسه، ليس فقط عند خنوعه لسلطة بشّار( دراكولا) الدمويّة في سورية، بل وعند ممارسته للسرقة الأدبيّة التي كادت تكون محضة لمقالي المومئ إليه أعلاه، رغم أنّه إستشهد-مشكورا- في مقاله بفقرة مطوّلة من مقالي. إلّا أنّه

وبدل الإشارة إلى أنّها مقدّمة مقالي المذكور، وهو ما قد يحيل القارئ الكريم على قراءة مقالي، فيكتشف السرقة، فإنّه قدّمها كالتالي : في عرضه لموقف تشومسكي تجاه الثقافة والمثقف خرج المهندس فتحي الحبّوبي بهذه المقدّمة النارية: «في الزمن الراهن، زمن المداهنة والخيانة، زمن الرذالة والسفالة وعدم الثبات على المبادئ، زمن البائعين لضمائرهم وذممهم بأبخس الأثمان.. في الزمن الراهن حيث كثر الجبناء، المستمرؤون للصمت، وحيث ندرت شيم الكبار، بل وعزّ الرجال الذين يستحقّون فعلا وعن جدارة حمل صفة (الرجال)… وفي زمن كثر فيه أشباه المثقّفين المكتفين إمّا بدور المتفرّج أو بدور مثقّف السلطة التابع لا المتبوع، المنافق والمشارك في فخّ المؤامرة السلطويّة السافلة… ». ولا يفهم من ذلك سوى سوء نيّة لا جدال فيها ولا لبس حولها. أكتفي بهذا، لضيق المجال، وأدعو القارئ إلى الإطّلاع على المقالين ليتبيّن بنفسه حجم السرقة الأدبيّة التي أقدم عليها الدكتور يحي العريضى في تجاهل تامّ و مقصود للأمانة العلميّة التي من المفروض أن يتحلّى بها كباحث وأكاديمي من أهمّ أدواره إستحثاث تشكيل وبناء الوعي الإجتماعي لدى الجماهير بصرف النظر عن كونه مثقّف سلطة تابع وغير مستقلّ. ولكنّ «هل بقي للكتابة معنى في زمن اللامعنى الذي صنعته الحداثة ومفعولاتها؟ …أليس المثقّف، اليوم، شيئا من الماضي؟» كما يقول عبد المجيد العابد، وهو محقّ في ذلك دون ريب.

أمّا المقال الثّاني الذي كاد أن يكون نصفه رجع صدى بل نقل ونسخ حرفيّ لمقالي “الإرهاب الفكري بين الشرق والغرب:محاكمة غاليليو وابن رشد نموذجا” المنشور تباعا بجريدة “العراق اليوم ” وجريدة “القدس العربي” اللندنيّة يومي 19 و20 نوفمبر2013 كما بعديد المواقع الإلكترونيّة قبل وبعد هذين التاريخين، فهو مقال الدكتور عدنان عويّد وعنوانه” قراءه منهجية في التطرف” المنشور في عديد المواقع الإلكترونيّة وبتواريخ مختلفة إنطلاقا من 7أفريل2014، أي بعد ستّة أشهر من صدور مقالي المشار إليه. وما يحسب للدكتور عدنان عويّد أنّه أشار إلى إسمي وصفتي في الهوامش. إلّا انّ هذه الإشارة كانت على نحو غير دقيق، وكانت كما يلي:

(1-2-4 مجلة القس العربي – المهندس فتحي الحبوبي – تشرين الثاني- 2013). والواقع أنّ الارقام: (1-2-4 ) لا تفيد شيئا، ضرورة انّها مبهمة ولا تساعد على تحديد أين تبدأ و أين تنتهي كلّ فقرة معنيّة بأي رقم من هذه الأرقام. لا بل إنّ الفقرات المنقولة من مقالي تتجاوز الفقرات المشار إليها بالأرقام حيث أنّ الفقرة (3)المنسوبة بالهوامش إلى كتاب تاريخ الإسلام – حسن ابراهيم حسن – ج3 نصفها منقول من مقالي وأمّا النصف الآخر فهو شرح لمفهوم التوحّد والحلول عند الحلّاج الذي ألمحت إليه في ذات الفقرة، وكان يتعيّن الإشارة إلى ذلك . ليس هذا فقط بل إنّ “مجلّة القس العربي” المشار إليها بالهامش ليس لها وجود، والمقصود بها إنّما هو جريدة “القدس العربي” اليوميّة في عددها بتاريخ 20 نوفمبر/ تشرين الثاني2013. لذلك، فيمكن الجزم أنّ الهامش المذكور إنّما وضع بصفة شكليّة فقط للإيهام بالأمانة العلميّة لصاحب المقال وليس لتمكين القرّاء والمهتمّين من الوصول إلى المصدر والمقارنة بين مقالي “الإرهاب الفكري بين الشرق والغرب :محاكمة غاليليو وابن رشد نموذجا” ومقال الدكتور عدنان عويّد ” قراءه منهجية في التطرف” للوقوف على حقيقة وحجم النصّ المنقول من مقالي الذي تجاوزت نسبته %(5/12) حيث كانت تحديدا *(40,16%). لا بدّ من الإشارة في نهاية هذه العجالة إلى أنّ نقدي للدكتورين الجليلين، بقدر ما لا يقّلل من شأنهما في شيء، فإنّه قد يدعوهما إلى مراجعة مفهومهما للأمانة العلميّة التي قد يتناساها حتّى أكبر المبدعين العرب في الشعر وسواه كما فعل المتنبّي والبحتري وأبو نواس قديما، وكما فعل منذ مدّة غير بعيدة، الشاعر السوري الكبير “أدونيس” الذي إتّهمه الباحث “محمّد الغزّي” في مقال له نشرته “مجلة العربي” في عدد سبتمبر 2014 بسرقة إصداره الجديد «ديوان البيت الواحد في الشعر العربي» عن كتاب «قصيدة البيت الواحد» للشاعر “خليفة محمد التليسي” الصادر منذ أكثر من 30 سنة خلت.

خلاصة القول، أنّ ممارسة السطو على مجهود الآخرين من قبل باحثين أكاديميين لا يحترمون درجاتهم الأكاديمية هي بالقطع، علاوة على أنّها قد تصيب في مقتل أصالة بحوثهم، فإنّها تعتبر كذلك من قبيل الأفعال التي لا تغتفر و تستوجب الإعتذار المعنوي، بل و رفع الشكاوى القضائية لو كنّا

مثل الغرب، نحترم ونطبّق قوانين حقوق الملكية الفكريّة، ونحرص على تكريس قيم البحث العلمي في جامعاتنا العربيّة، حتّى نرفع من مستواها المتدنّي، إستتباعا لتدنّي مستوى الأساتذة والباحثين الجامعيين القائمين على التدريس والبحوث في رحابها. «لقد أسمعت لو ناديت حيّا, ولكن لا حياة لمن تنادي» . أللّهمّ إنّي بلّغت.

————————–

*هذه النسبة حدّدت بطريقة علميّة لا تقبل الطعن ولا حتّى مجرّد الشكّ.