23 ديسمبر، 2024 4:34 م

ولظافر العاني قول سديد : مضى صدام ففكروا بالمستقبل

ولظافر العاني قول سديد : مضى صدام ففكروا بالمستقبل

•         الاحذية مكرمة منه لشعب حافٍ اخلاقيا
•         العراق ذو رحم خصب بانجاب الطواغيت
مشكورا، قال د. ظافر العاني رأيا سديدا، يدل على سعة اطلاعه، ومتابعاته الواعية، في ما يكتب ذوو الرأي من حوله، على الصفحات الورقية والالكترونية.
العاني معجب بطروحاتي، من خلال الاعمدة التي اكتبها.. وهذا شرف لي.. مبعث فخر ان شخصية سياسية واكاديمية بمستواه، تعنى بما أكتب، مكونا رأيا تحليليا نابعا من دقة تسلمه شفرات الرسالة الفكرية، اكثر من اجادتي في بلورتها.
شجع ما انا مقدم عليه، بالقول: “يعجبني تحليلك لمجريات الشؤون السياسية، وأثمن وطنيتك، لكن صدام عبرته المرحلة، ذاهبا طي النسيان؛ فاعبروه؛ كي لا تمكثوا عند الماضي، مفرطين بالمستقبل”.
عاب العاني عليّ قولا اطلقته من الكويت، بشأن تشجيعي لأي منتخب يلعب ضد العراق، بكرة القدم، خلال حكم صدام؛ كنوع من ردة فعل معارض، لكل ما يمت للطاغية بصلة، وهو ليس تنكرا للانتماء الوطني، قدر ما تناوئا مع واحدة من اكثر وسائل صدام شعبية، في التسلل الى وجدان الناس، من خلال قضية حق يوظفها باطلا.
فهو يبدو راعي للرياضة وأهلها، وهذا واجبه الذي يحيله الى مكرمة، وكأن الحكومة حين تسمح للشعب بالتنفس من دون ضريبة، فتلك مكرمة يجب ان يدفعوا ثمنها دما ومالا و… حين يضيف بضعة غرامات من السكر، الى الحصة التموينية، يجب على الشعب ان يدين له بالولاء.
واحيانا.. او غالبا، يقتطع نصف كيلو هذا الشهر، ويضيف ربعا في الشهر اللاحق، وعلى الشعب ان يشكر المكرمة، ناسيا ما اقتطع ومتجاهلا ان الحصار اصلا هو عقاب دولي للشعب جراء حماقة الطاغية في غزو دولة الكويت الشقيقة.
تنافيت مع أحباب قلبي.. ابناء شعبي ابان حكم صدام؛ لأنه جير فوز المنتخب لنفسه منجزا من عند اسلافه الذين نسلوه، بلوى على شعبه والشعوب المجاورة.. فازوا بحب القائد! ولعبوا على هدي فكره! وارتدوا الاحذية التي علم صدام الاتحاد الدولي كيفية فرضها على شعب العراق الحافي اخلاقيا.
والدليل على حبي لوطني وبغضي لكل ما يصله بالديكتاتور، هي عودتي للتشجيع، تماهيا معه، بعد 9 نيسان 2003، مؤمنا بفرح الفوز ناحرا قلبي قربان وجد مبتهجا بما يحقق منتخب العراق.. بل وليس الرياضة فقط، هي التي انتصر لها، انما افرح اذا ما قدم فنان عراقي عملا مبدعا واذا ما توصل اكاديمي الى اختراع يخدم الانسانية ويجير لرفعة العراق.. لكن قبل سقوط صنم ساحة الفردوس، لم اكن كذلك.
وهذا حق لمن تصرم عمره في المعتقلات، وكان سيعدم لو لم اهرب خارج العراق، بعد ان شاهدت اخي يقتل في مديرية امن صدام، واستاذي الذي علمني شرف العلم والمعرفة، يعدم في المديرية ذاتها، وعرضي يستحيا ورزقي يقطع وابي يموت كمدا.
بأي آلاء ربكما تكذبان!؟
من ذا الذي يحق له مداعاة انسان مر بكل هذه الظروف، ان يحب بلدا طوع نزوات صدام!؟ الا هل بلغت؟ اللهم فاشهد!
لكن عاد نوري المالكي، وجير العراق لنفسه، محولا الدستور الى عكاز يتوكأ عليه شبح طغيانه، والديمقراطية صولجانا للتجبر، فعدت للتنافر مع وطن ذي رحم خصب بانجاب الطواغيت؛ فانا اكره الطغاة، ومن رائهم المنتخبات التي يوظفونها في الدعاية الانتخابية، جالسا في صالة وعلم العراق على كتفيه، بانتظار اللحظة الحاسمة، لفوز منتخب ابيه، وليس منتخب العراق.
لا ينفصل في العراق، شخص الحاكم، عن تعب الناس، يستحوذ عليه احتكارا، كما لو انه اقطاعا والشعب فلاحون يمتلكهم.. يحرثون ارضه لتثمر فوزا بكرة القدم، ولوحات تشكيلية تبهر العالم، واغاني ساحرة، كتبت كلماتها ولحنت وغناها المطربون من وحي الرفاه المبطر الذي يتمتع به المالكي ومن قبله صدام، بينما الشعب يتضور جوعا ويرتعب ارهابا.
احب من ولماذا؟ طبت قولا يا د. ظافر العاني.. سلاما عليكم يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيا.. اغدقت عليّ شرفا غامرا من نضح تواضعك الرفيع، لكن تلك هي الحال فانظر وتأمل وتفهمني.. ألتمسك العذر.