23 ديسمبر، 2024 4:13 ص

ولد الحسين ليكون خالدآ

ولد الحسين ليكون خالدآ

قلة هم أولئك الذين يتسنمون قمم الخلود والسمو والعظمة، وقلة هم أولئك الذين ينفصلون عن آخر الزمان والمكان. ليكونوا ملكاً للحياة والإنسان.
وعند مراجعة التاريخ قديمآ وحديثآ نجد أولئك القلة هم عظماء الحياة، وأبطال الإنسانية، ولذلك تبقى مسيرة الحياة، ومسيرة الإنسان، مشدودة الخطى نحوهم، وما أروع الشموخ والسمو والعظمة، إذا كان شموخاً وسمواً وعظمة، صنعه إيمان بالله، وصاغته عقيدة السماء.
من هنا كان الخلود حقيقة حية لرسالات ولرسل السماء، ورجالات المبدأ والعقيدة، وفي دنيا الإسلام، تاريخ مشرق نابض بالخلود، وقمم من رجال صنعوا العظمة في تاريخ الإنسانية، وسكبوا النور في دروب البشرية.
إذا كان للتاريخ أن يقف وقفة إجلال أمام أروع أمثولة للشموخ …، وللدنيا أن تكبر لأروع تضحية سجلها تاريخ الفداء، للإنسانية أن تنحني في خشوع أمام أروع أمثولة للبطولة، فشموخ الحسين وتضحية الحسين، وبطولة الحسين، أروع أمثلة شهدها تاريخ الشموخ والتضحيات والبطولات.
الحسين بن علي (صلوات الله عليه وعلى اله ) قمة من قمم الإنسانية الشامخة، وعملاق من عمالقة البطولة والفداء.
فالفكر يتعثر وينهزم، والذراع يتلكأ ويقف أمام إنسان فذ كبير كالإمام الحسين، وأمام وجود هائل من التألق والإشراق، كوجود الحسين، وأمام إيمان حي نابض، كإيمان الحسين، وأمام سمو شامخ عملاق ، وأمام حياة زاهرة بالفيض والعطاء.
فيا من يريد فهم الحسين، ويا من يريد عطاء الحسين، ويا من يتعشق نور الحسين، ويا من يهيم بعلياء الحسين، افتحوا أمام عقولكم مسارب الانطلاق إلى دنيا الحسين، اكسحوا من حياتكم أركمة العفن والزيف، حرّروا أرواحكم من ثقل التيه في الدروب المعتمة، عند ذلك تنفتح دنيا الحسين، وعند ذلك تتجلى الرؤية، وتسمو النظرة، ويفيض العطاء، فأعظم بإنسان، جده محمد سيد المرسلين، وأبوه علي بطل الإسلام الخالد، وسيد الأوصياء، وأمه الزهراء فاطمة سيدة نساء العالمين، وأخوه السبط الحسن ريحانة الرسول، نسب مشرق وضاء، ببيت زكي طهور.
في أفياء هذا البيت العابق بالطهر والقداسة، ولد سبط محمد (صلى الله عليه وآله)، وفي ظلاله إشراقة الطهر من مقبس الوحي، وتمازجت في نفسه روافد الفيض والإشراق، تلك هي بداية حياة السبط الحسين، أعظم بها من بداية صنعتها يد محمد وعلي وفاطمة (صلى الله عليهم أجمعين)، وأعظم به من وليد، غذاه فيض محمد (صلى الله عليه وآله) وروي نفسه إيمان علي (عليه السلام)، وصاغ روحه حنو فاطمة (عليها السلام)، وهكذا كانت بواكير العظمة تجد طريقها إلى حياة الوليد الطاهر، وهكذا ترتسم درب الخلود في حياة السبط الحسين.
فكانت حياته زاخرة بالفيض والعطاء، وكانت حياته شعلة فرشت النور في درب الحياة، وشحنة غرست الدفق في قلب الوجود.