23 ديسمبر، 2024 2:48 م

ولا يلقاها الا ذو حظ عظيم .. عيسى (ع) يحذر من الغرق في لذة حب الدنيا

ولا يلقاها الا ذو حظ عظيم .. عيسى (ع) يحذر من الغرق في لذة حب الدنيا

• اعبروها معتبرين كي لا تقتلكم
• يهودي يلحف بالقسم باطلا والنبي يديم المعجزات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نصب رسول الله عيسى بن مريم، فخا من الحق، باذن الله؛ كي يوقع الباطل بشر اخطائه، عبرة عظيمة وموعظة كبرى، فلنفد منها كالجمل يحمل اسفارا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يروى أن سيدنا عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، اصطحب يهوديا، في مسيره، مودعا معه ثلاثة أرغفة؛ زوادتهما خلال الطريق.
ولما حان وقت الطعام، وجدهما رغيفين اثنين فقط؛ فسأه: أين الرغيف الثالث؟
أجاب اليهودي: والله ما كانا إلا اثنين فقط.
لم يعلق نبي الله، مواصلا السير، حتى أتيا أعمى، وضع عيسى (ع) يده على عينيه ودعا الله له؛ فاشفاه.. سبحانه وتعالى، معيدا البصر اليه.
وهنا سأل عيسى صاحبه اليهودي، مرة أخرى: بحق من أشفى هذا الأعمى ورد عليه بصره، أين الرغيف الثالث؟
اجاب مصرا: والله ما كانا إلا اثنين.
ولم ينبس رسول الله ببنت شفة، كرة اخرى، مترفعا، الى ان بلغا نهرا يقطع طريقيهما.
تساءل اليهودي، هذه المرة: كيف سنعبره؟
فقال النبي: قل باسم الله واتبعني.. سار عيسى على الماء، يتبعه اليهودي؛ متعجبا: سبحان الله!
وعاد عيسى يسأل: بحق من سيرنا على الماء أين الرغيف الثالث؟
انكر اليهودي ثالثة، يقسم بالله: ما كانا إلا اثنين.
وصلا الضفة الأخرى؛ فجمع.. عليه السلام، ثلاثة أكوام من تراب، داعيا الرب، أن يحيل التراب ذهباً.
وكان للنبي عيسى عليه السلام، ما تمنى على الله؛ إذ تحول التراب الى ذهب بمشيئته سبحلنه وتعالى.
استفهم اليهودي: سبحان الله، لمن اكوام الذهب الثلاثة هذه؟
قال عليه السلام: الأول لك، والثاني لي، وسكت قليلا، يتريث في نصب فخ من الحق لمرتكب الباطل.
ولم يطق الخطآء صبرا، فعاجله بالسؤال: والثالث؟
رد عيسى: لمن أكل الرغيف الثالث!
من دون ان يتفكر بردة فعله، قال بادهه بسرعة: أنا الذي أكلته!!!
قال سيدنا عيسى: هي كلها لك، ومضى تاركاً اليهودي يغرق في لذة حب المال والدنيا.
انشغل اليهودي بالمال عن نبي الله عيسى بن مريم وهو يفارقه، وما هي الا لحظات او دون اللحظات، حتى قدم ثلاثةُ فرسان، قتلوه واستولوا على ذهب لم يتمتع به الا بضع دقائق معدودات؛ اذ قتلته شراهة طمعه.
سبحانك اللهم ما أعدل حكمتك!
بعد أن حصل كل واحد من الفرسان على كومة؛ لعب الشيطان برؤوسهم؛ فدنا أحدهم من أحد صاحبيه؛ قائلا: لم لا نغتصب انا واياك، كومة ثالثنا؛ فيزداد كلانا نصفا فوق حصته.
استحسنها: فكرة رائعة.
طلبا من ثالثهما شراء طعام لغداء قبل ان ينطلقوا، يغذون السير حثيثا في الصحراء المترامية.. رمالا تسفي.
وافق، ومضى، يحدث نفسه بالتخلص منهما؛ ليظفر بالمال وحده، داسا السم في طعام صاحبيه.
عاد فاستقبلاه بالطعنات حتى مات.
قبالة جثته المغدورة والغادرة، أكلا الطعام المسموم؛ فما لبثا الا بضعا من الوقت، ولحقا به؛ كأن سلسلة الاخطاء تثأر من مرتكبيها تلاحقا، حسب الحديث القدسي: “الظالم سيفي انتقم به وانتقم منه”
عاد نبي الله عيسى عليه السلام، مما ذهب اليه؛ فوجد أربعة قتلى، ضحايا الذهب والطمع والشرهة المفغورة فاها لدنيا الغرور، قائلا: هكذا تفعل الدنيا بأهلها فاعبروها ولا تعمروها،
تظافرا مع الآية القرآنية الكريمة:”ولا يلقاها الا ذو حظ عظيم”.
فلو اتعظ اليهودي من المعجزات التي اراها له عيسى (ع) وعاملا على ان ما لدى الله خير وابقى، معترفا بضعفه امام الجوع، وغير متنكر لخطأه الاول، تائبا من بعده، في المرة الاولى او الثانية او الثالثة؛ اذ وهبه الرسول بوحي من الله وثلاث معجزات تباعا، فرصة التراجع عن غيه، الا انه سدر في الباطل والتف اهله على بعضهم يتقاتلون.
عبرة عظيمة وموعظة كبرى، فلنفد منها كالجمل يحمل اسفارا.