17 نوفمبر، 2024 7:34 ص
Search
Close this search box.

ولادة المسيح بين الأنجيل والقرآن .. وأنقلابالنصوص

ولادة المسيح بين الأنجيل والقرآن .. وأنقلابالنصوص

أن مولد السيد المسيح ، تعتبر ولادة حداثوية لفجر البشرية – في الخلاص والتضحية والغفران والأخاء ، ولفلسفة الحياة أيضا ، ويمكن القول ، هناك فاصل تاريخي لكل الأحداث والوقائع .. التي سبقت الولادة والتي أعقبت الولادة .وسوف لن أناقش ما جاء بالأناجيل / حول الولادة ألا أذا أقتضى الأمر ، ولكني سأبحث بأمر الولادة في القرآن ، وما تأسس عليها .الموضوع :                                                                                                                              أولا – سأنقل بأختصار ما جاء في أنجيل لوقا حول ولادة يسوع المسيح ، } البشارة بميلاد يسوع ( لوقا 1: 26 – 38 ) أرسَلَ اللهُ المَلاكَ جِبرائيلَ إلى بَلدَةٍ في الجَليلِ إِسمُها النـّاصِرَةُ ، إلى عذراءَ إِسمُها مَريَمُ ، كانَت مَخطوبَةً لِرَجُلٍ مِنْ بَيتِ داودَ إِسمُهُ يوسُفُ . فدخَلَ إليها المَلاكُ وقالَ لها : ( السَّلامُ علَيكِ ، يا مَنْ أنعمَ اللهُ علَيها . الرَّبُّ مَعكِ ) . فاضطرَبَت مَريَمُ لِكلامِ المَلاكِ وقالَت في نَفسِها : ( ما مَعنى هذِهِ التَّحيَّةِ ؟ ) فقالَ لها المَلاكُ : ( لا تَخافي يا مَريَمُ ، نِلتِ حُظْوةً عِندَ اللهِ : فسَتَحبَلينَ وتَلِدينَ اَبنًا تُسَمِّينَهُ يَسوعَ . فيكونُ عظيمًا واَبنَ اللهِ العَليِّ يُدعى ، ويُعطيهِ الرَّبُّ الإلهُ عرشَ أبـيهِ داودَ ، ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ إلى الأبدِ ، ولا يكونُ لمُلْكِهِ نِهايةٌ ! ) فقالَت مَريَمُ لِلملاكِ : ( كيفَ يكونُ هذا وأنا عَذراءُ لا أعرِفُ رَجُلاً؟ ) فأجابَها المَلاكُ : ( الرُّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ علَيكِ ، وقُدرَةُ العليِّ تُظَلِّـلُكِ ، لذلِكَ فالقدُّوسُ الّذي يولَدُ مِنكِ يُدعى اَبنَ اللهِ . ها قَريبَـتُكِ أليصاباتُ حُبلى باَبنٍ في شَيْخوخَتِها ، وهذا هوَ شَهرُها السّادِسُ ، وهيَ الّتي دَعاها النّـاسُ عاقِرًا . فما مِنْ شيءٍ غَيرَ مُمكنٍ عِندَ اللهِ ) . فقالَت مَريَمُ : ( أنا خادِمَةُ الرَّبِّ : فَلْيكُنْ لي كَما تَقولُ ) . ومَضى مِنْ عِندِها المَلاكُ .. { .                      

ثانيا – ومن سورة مريم ، سوف أنقل بعض الآيات ، التي خصها القرآن حول ولادة السيد المسيح ( ﴿16﴾ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ﴿17﴾ فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴿20﴾ قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ﴿27﴾ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ﴿29﴾ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴿33﴾ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴿50﴾ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ﴿42﴾ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﴿45﴾ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴿46﴾ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ ) . والآية التالية ، تشير الى أن المسيح ” كلمة الله و روح منه ” ( أنما الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ.. / 171 سورة النساء ) .                                                                                                                                  

القراءة الأولية / ظاهرية النص :                                                                                                     السرد النصي الظاهريلولادة المسيح في القرآن ، كان آية ، بالرغم من أنه لا يتفق مع النص الأنجيلي . فالسرد به أعجاز ولادي للمسيح ، ووصف بأسمى الآيات منها ( وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا / 50 سورة مريم ) ، وهنا تأكيد على أن المسيح حي ! ، وكذلك على أنه ( رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ / 171 سورة النساء ) ، وهنا أعتراف على أن المسيح كلمة الله وروحه ، و ” كلمة الله ” أتفاق بشكل أو بأخر مع العقيدة المسيحية ، ( في الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ.”  / أنجيل يوحنا 1.1) ، كذلك بالنسبة للعذراء مريم ، التي خصها القرآن بسورة منفردة كاملة تماما ، ووصفت العذراء مريم بأسمى الأوصاف ( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ / 45 سورة مريم ) .. وغير ذلك من الصفات للمسيح ولأمه العذراء .  

القراءة الثانية / الرأي الشخصي للكاتب :                                                                                            1 . تساؤل الأولي ، لم أسهب القرآن تفصيلا في ولادة المسيح ، ولماذا أضفى عليه الكثير من الأوصاف المقدسة / كلمة الله وروح منه وسلام علي .. ، وبذات الوقت على أمه العذراء ، التي خصص لها سورة كاملة لها أستثناءا من دون نساء آل محمد ! ، ولكنه وقع في ألتباس بنسبها ، ” المصادر المسيحية تقول : مريم العذراء بنت يواكيم وأمها تدعى حَنّة ، أما مريم بنت عمران / أخت هارون وموسى – وفق وصف القرآن ، هي غير مريم أم المسيح ـ فبينهما مئات السنين وهذا ليس موضوعنا ! . ” . ولكن الأشكال الأهم : لما كان القرآن من عند الله ( فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ / 22 سورة البروج ) ، فكيف تخطأ المعرفة الألهية في قضية الأنساب ! ؟ ، ومنها نسب مريم العذراء والدة المسيح .                                                                                                            2 . في ذات الأمر لم لم يركز القرآن على ولادة محمد / رسول الأسلام ،وركز على ولادة المسيح بأسهاب ! – فالمصادر الأسلامي تعزي ذلك ، الى أن ولادة محمد ” كانت طبيعية ” ، فقد جاء في موقع / صيد الفوائد ، التالي ( وإن دارس القرآن يدرك أن القرآن لم يذكر قصة مولد النبي ، لأنه كان مولداً طبيعياً .. ) ، ولكن بالرغم من ترقيع المفسرين حول سبب عدم ذكر ولادة محمد في القرآن / لأنها كانت ولادة طبيعية ، ولكني أرى أن ذكر ولادة المسيح بهذه الهالة ، لم يكنذكرا عاديا .                                                                                           3 . يضم الموروث الأسلامي أشارات على أن المسيح ” طاهر ” ، ولم يوصف بها محمد ذاته ، ويمكن أن أرجع ذلك الى أن المسيح ، لم يرفع سيفا ولم تتلطخ يداه بدم أي أحد ! ، فقد جاء في موقع أسلام ويب / تفسير الطبري ، التالي ( وأصل “ المسيح ” ، “ الممسوح ” ، صرف من”مفعول” إلى”فعيل” . وسماه ” الله ” ، بذلك لتطهيره إياه من الذنوب . وقيل : مسح من ” الذنوب والأدناس ” التي تكون في الآدميين ، كما يمسح الشيء من الأذى الذي يكون فيه ، فيطهر منه . ولذلك قال مجاهد ومن قال مثل قوله : المسيح ” الصديق ) . وأرى أن توصيف المسيح / تحديدا ، بانه ممسوحا من ” الذنوب والأدناس ” ، مقولة تعني أن غيره كان غير ممسوحا ! .                                                                                                              

القراءة الثالثة / الأنقلاب :                                                                                                                أ . مما سبق يؤشر لنا مكانة مميزة للمسيح ولأمه ، ولقومه وتابعيه ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ / 55 سورة آل عمران ) ، ولكن من جانب أخر ، حدث أنقلابا في الموروث الأسلامي عامة ، حيث جاءت آيات وأحاديث تنهي عن كل دين عدا الأسلام / بما فيها المسيحية ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ / 19 سورة آل عمران ) ، و الانكى من كل ذلك الحديث التالي ( عَن ابن عُمَر : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ مُتفقٌ عليه . ) . هنا رسول الأسلام أنهى كل شك في ( أسلمة أتباع الأديان الأخرى ) قتالا وبقوة السيف .. أذن ما هو وضع نصوص القرآن السابقة ! .                                                                                                                            ب . تساؤل .. أين مقام المسيح وقومه وأتباعه من كل ذلك ! ، ولم القرآن يعزز علو مكانة المسيح وقومه بنصوص ، ومن ثم ، يحدث أنقلابا بالموروث الأسلامي / نصوصا وأحاديث ، بكل مما ذكر ، وذلك بألغاء المسيحية كدين ، وحتى أسلمة المسيح ذاته ، فقد جاء في موقع الألوكة ، الحديث التالي ( ليوشكنَّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً ، عَن أبي هُرَيْرَةَ قال : قَالَ رَسُولُ اللّهِ : “ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَماً مُقْسِطاً ، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ“. . ووفق تفسير الطبري ” وقيل : لا يقبل من أحد الجزية ، وإنما القتل أو الإسلام ” ) . وهنا نشهد أنقلابا أخرا ، فالمسيح بنفسه يفرض الجزية على من لم يسلم وألا يقتل وحتى لو الفرد كان من أتباعه !! ، وهنا يبتعد المنطق والعقلانية فيمقارنة النصوص السابقة بالنصوص اللاحقة .

أضاءة :                                                                                                                                    من كل مما أسلفت ، يتبين لنا أن مدونوا القرآن اللاحقون ، لم يطلعوا على ما دون الأولون من نصوص ! ، وذلك لتعدد المدونون وتباين مرجعياتهم وخلفياتهم العقدية وهذه أشكالية لا يمكن ترقيعها ! . أو أن مدونوا القرآناللاحقون أدركوا بأن النصوص اللاحقة ، لا بد أن تركز على الدعوة المحمدية ، وعلى الدين الجديد وما ذكر سابقا قد ذكر ، ومن ثم ترك الباب على مصراعيه ، للمفسرين والفقهاء ليرقعوا الأمر للنصوص السابقة وفق أجتهادهم ! . أحتمالية أخرى أن المدونون الأولون كانوا ذو أنتماء نصراني ، فدونوا نصوصا وفق عقيدتهم ! / لذا كان هناك تمجيدا للمسيح وأمه العذراء مريم ، هذا أيضا ، يمكن أن يعتبر أمرا واردا ! . لأجله كانت النصوص الأخروية تمثل أنقلابا على ما دون به الأولون من نصوص ! .

2

أحدث المقالات