(إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُور)
من شؤم الايام وسواد الليالي أن الطواغيت لاينتهون وفراعنة العصر باقون حتى وان طحنت أرادت الشعب عظامهم ونثرت بقايا لحوم اجسادهم في بقاع الارض لان نارهم تبقى تحت رماد ذكراهم مستعره وشظاياها لاسعه كلما سنحت فرصة للاءذى وفسحة للظهور, لحظة أليمة مرت بخاطري وانا أستعرض مشهد رمي شال أم عراقية فقدت أبنها في معسكر سبايكر بوجه المستمعين اليها وهي تحكي لوعة قلبها ومأساة نفسها وعمق أذاها وعظيم مصيبتها وجليل وقوعها بكلمات يعجز المستمع عن فهم معناها ورنين صداها بعد ان أعياها الاءنتظار وقارب صبرها النفاذ فهرعت مسرعة لبث شكواها علّها تجد من يسمع نداءها ويستجيب لنخوتها , فهي لاتندب حظا عاثرا أو نادمة على موت أبنها فهو فداءا للوطن شهيدا مستجيبا لنداء مرجعيته الحكيمة أن لوعتها تكمن بعدم معرفتها بمصير ولدها كحال غيرها من الثكالى بعد ان وقع بيد اعداءه الذين سلبت منهم الرحمة وهربت منهم الشفقة وغابت عنهم الانسانية لايعرفون غير لغة القتل والتنكيل بمسميات دينية ومخالب بربرية وافعال اجرامية عراقيون انتماءا وجنسية وولادة 100% وهنا يقف العقل حائرا بتقيم مثل هذه الافعال والتصرفات بغياب الحسابات عنهم لنعاود قراءتها من جديد عسانا ان نقف عند نقطة أستدلال و فسحة أمل وضؤ يبدد ظلام المحنة التي نحن فيها بعد ان ساق القدر آلاف من الشباب لهوة عميقة وبئر أظلم لانفاذ منه ولاخلاص من آذاه يعتصرهم جوع لايوصف وعطش لايحتمل وخوف لايكتم قادهم لمصير مجهول على أيادي أبناء وطنهم من عشائر عربية أصيلة طالما تقاسم أهلهم معها رغيف الخبز بايام محن وتاريخ لايغادر وسطور لاتمحى عام1990 عندما رجعوا تصاحبهم الخيبة وترسم الذلة عنوانها على وجوههم بمسير قارب على ايام طويلة من الكويت مرورا بمحافظات الجنوب والوسط وصولا لمحافظاتهم وهم يعرضون أسلحتهم بابخس الاثمان ليشتروا به أثواب المدنية سترا بعد ان خلعوا ملابسهم ورتبهم العسكرية ليستقبلهم أهالي هذه المدن برغيف خبز حار وحمام دافىء وفراش وفير بين حنايا ضلوعهم وضعوهم وفي سويداء قلوبهم قفلوا عليهم وتحت حراب أسلحتهم خبؤهم خوفا عليهم من الانتقام واعمال الثأر ولاننسى كيف أستقبلت اهالي محافظة كربلاء وامناء العتبتين المقدستين العباسية والحسينية فيهما أهالي الانبار مؤخرا بتوفير سكن لائق وتقديم أنواع الطعام ولذائذ المشروبات وحفاوة الاستقبال ودفء العلاقة ومصروف الجيب لامنة عليهم بل موقف اخوي نابع من خلق أسلامي محمدي عليوي أن مايحز في النفس ويعصر القلب ويعظم الاسى مجهولية مصير الكثير من الشباب وعدم الاستدلال على جثث الموتى فاجعة توازي بمستوى فعلها المجازر الانسانية التي تحدث عنها تاريخ الشعوب المتطلعة للحرية ونسوا قول نبيهم (ص) ( من أمّن رجلاً على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل، وإن كان المقتول كافراً “)) فبأي وجه بعد هذا ستظهرون وتحت اية حجة أو عذر تحتمون ,ندعوا الجهات الامنية الى التحري عن المفقودين وانقاذهم من براثن الخونة والاستدلال على رفات الشهداء المغدورين وأحالة الملف الى المحاكم المختصة لاتخاذ اللازم بحق من تلطخت اياديه أو تسبب بالاذى و دل وقاد لهذه الجريمة البشعة ورحم الله الشاعر حيص بيص عندما قال :-
مـلكنا فـكان الـعفو منا سجية // فـلما مـلكتم سـال بالدم أبطح
وحـللتم قـتل الاسارى وطالما // غدونا عن الأسرى نعف ونصفح
فـحسبكم هـذا الـتفاوت بيننا // وكـل إنـاء بـالذي فيه ينضح