يمتلك المسلمون تأريخا قديما وحافلا في مجال المتاجرة بالأعضاء البشرية واستغلال الأشلاء لتحقيق مكاسب سياسية أو دينية أو مالية حتى .
كان رأس الحسين – ع – أو رأس يُهدى في الإسلام بعدما فُصل عن جسده وبقي يطوف في أرجاء العالم الإسلامي آنذاك لغرض التشّفي وبث الرعب في قلوب الذين يفكرون في مناهضة السلطة ، وفي رواية معتبرة إن الرأس بقي في خزائن بني أمية حتى صار عظمة بيضاء إلى زمن سليمان بن عبد الملك الذي أمر بوضعه في خرقة بيضاء ودفنه في مقابر المسلمين في الشام . بعد ذلك توالى مسلسل استغلال جثث القتلى وأعضائهم في الصراع السياسي ) عن عبد الملك بن عمير قال: دخلت على عبيد الله بن زياد وإذا رأس الحسين قدامه على ترس، فوالله ما لبثت إلا قليلاً حتى دخلت على المختار فإذا برأس عبيد الله بن زياد على ترس، فوالله ما لبثت إلا قليلاً حتى دخلت على مصعب بن الزبير وإذا رأس المختار على ترس، فوالله ما لبثت إلا قليلاً حتى دخلت على عبد الملك وإذا رأس مصعب بن الزبير على ترس.وقال: ما كان لهؤلاء عمل إلا الرؤوس )
وقد ورثت الأحزاب والحركات الإسلامية كل ذلك التراث المنحط من أسلافها وأحيته أيمّا إحياء ، بل زادت عليه من فنون التنكيل والتمثيل كثيرا ، فكان التمثيل بجثث القتلى وتفخيخها عملا روتينيا من قبل عصابات القاعدة في العراق إبان الصراع الطائفي سنة 2006 وما بعدها ، قابله تنكيل مماثل من قبل ميليشيا الدعوة وبدر والمهدي التي استعملت المثاقب الكهربائية والوسائل البشعة في قتل الآخرين . ومرت سنين عديدة مارست فيها ميليشيا المهدي بيع جثث الضحايا إلى ذويهم بمبالغ باهضة عندما كانت هذه الميليشيا التي يقودها الزاملي ( عضو البرلمان الحالي ) تسيطر على وزارة الصحة وثلاجات الطب العدلي ببغداد . ولا ننسى إن المتاجرة بالأشلاء أخذت طابعا دوليا عندما تكررت صفقات مبادلة جثث الجنود الإسرائيليين أو بقايا عظامهم بمئات الأسرى اللبنانيين أو غيرهم بين حزب الله الإسلامي والكيان الصهيوني .
الآن تمارس السلطة في العراق التجارة نفسها بأشلاء القتلى الأبرياء ، فقد قامت قناة العراقية الحكومية بعمل وضيع لا تمارسه أحط القنوات الإرهابية في تسخير المشاهد البشعة لجثث خمسة جنود قضوا في الرمادي ، لماذا هؤلاء القتلى بالذات ؟ ولماذا في الوقت الذي يحتاج العراق فيه إلى الإبتعاد عن كل إثارة ؟ لماذا لم تعرض قناة العراقية جثث قتلى ساحة الإعتصام في الحويجة ؟ ناهيك عن آلاف الضحايا في كل مكان ، هذا الشبوط يسوّق لمجزرة أخرى يريد أن يرتكبها المالكي في الأنبار ، المستفيد الوحيد من قتل هؤلاء الجنود العزّل هي السلطة ، فلا يعقل أن يرتكب المعتصمون مثل هذا الخطأ الفادح ، ولذلك سرعان ما أدانوه جميعا . إن هذا العرض المسيس للأشلاء يكشف عن وحشية أهل السلطة وجهلهم وتلاعبهم بمشاعر العراقيين ، بل يكشف عن فقدانهم لأي معيار من معايير العمل الصحفي والإعلامي . مرة أخرى تثبت أحزاب التشيع السياسي إنها أخس أحزاب الأمة مع أحزاب الإسلام السياسي الأخرى ، ومرة أخرى يثبت لدينا إن الميكافييلية هي النظرية المفضلة لدى هولاء المجرمين .
[email protected]