كل قوانين الكون : السماوية والوضعية تقضي بدفع اجر مناسب لمن يؤدي عملاً حقيقياً ؛ سواء كان هذا العمل ذهنياً او بدنيا ً .. وكل تلك القوانين نظمت بتعليمات ضوابط هذا العمل وانواعه واوقاته ومواصفاته .. وشرعت وباسم الله او الشعب عقوبات رادعة بحق من يقصر في اداء العمل او يتهاون فيه او يتقاعس عنه .ورغم انه ليس من اختصاصي .. وليس من اهدافي في هذا المقال ان اتحدث عن القانون ؛ الا انني اعرف انه ومنذ ان نشات الدولة العراقية الحديثة في العام 1921 وحتى الان فقد شرعت العديد من القوانين التي تحكم ضوابط العمل وتضع العقوبات المناسبة لمن يسيء الى عمله او لا يؤديه بصورة مقبولة ومنها قوانين : انضباط موظفي الدولة للاعوام 1929 و1936 و1991 وصولا الى القانون الاخير الصادر في العام 2008 وتعديلاته في العام 2013 .. وكل هذه القوانين تحوي ( من ضمن ما تحويه ) عقوبات رادعة لمن يتغيب عن عمله او يقصّر فيه .. واهم ما فيها ان للموظف اياماً محددة للاجازات الاعتيادية والمرضية .. تقابلها عقوبات محددة للغياب بانواعه المبرر وغير المبرر .تعالوا وطبقوا هذه القوانين على اعضاء مجلس النواب ..
على الاقل في دورته الاعتيادية الحالية ؛ وبالخصوص خلال الاشهر الاربعة الاخيرة ( اذار – نيسان – ايار – حزيران ) فسوف تلاحظون ان المجلسَ معطلٌ .. وان دوره الرقابي والتشريعي غائبٌ .. وان غالبية الاعضاء لم يؤدوا اي واجب يستلزم ان تدفع لهم الدولة عليه اجراً وهي في هذا الوضع المالي والاقتصادي المزري !اليس من حق الشعب ان يطالب من يعنيه الامر بايقاف صرف رواتب ومخصصات وامتيازات ومنافع البرلمانيين وحماياتهم ومرافقيهم ؛ وهم لا يؤدون اية خدمة ؟ بل ان غالبيتهم يقضون الان اجازات صيفهم على بلاجات بيروت او فنادق اربيل وعمان ودبي وفرنسا وغيرها ؛ وفي متابعة امور تجارتهم ( التي تحرم كل القوانين اعلاه عليهم العمل بها ماداموا في موقع المسؤولية القيادية ) .. وبذلك سنوفر مليارات الدنانير للميزانية المنهكة ونمنع البلد من ان ينحدر اكثر الى هاوية شروط صندوق النقد والبنك الدولي ؟ .. اليس من الاجدر ان تحول هذه المليارات لادامة زخم المعركة وامداد القوات المسلحة والحشد الشعبي بالسلاح اللازم لدحر الدواعش وهزيمتهم على ارض العراق او الشروع بتقديم بعض الخدمات للمواطنين او اسعاف قطاعات الصحة والتعليم المتدنية ؟ثم الا يعني غياب هؤلاء عن اداء واجباتهم وجلساتهم ؛ وعراكهم اليومي بمناسبة وبدونها وتراشقهم بالاحذية وقناني المياه والالفاظ الجارحة والنابية داخل قبة البرلمان ؛ او من على شاشات الفضائيات .. الا يعني هذا ان حضورهم اوعدم دوامهم سيّان ؟ .. وان البلد واموره سائرة على خير مايرام سواء حضروا وعقدوا اجتماعاتهم ام لم يحضروا ؟ الا يعني انهم فضائيون وياخذون استحقاقاً ليس لهم ؟ واخيرا اتسائل هل يمتلك الحراك الشعبي ( المنضبط والواعي وذو الاهداف المحددة )
ارادة مقاضاة مجلس النواب ومطالبة اعضائه بردِّ ما تقاضوه من اجور عمل لاشهرٍ لم يعملوا فيها ولا دقيقة واحدة اسوة بالموظف الذي لا يعمل ؟ اقول قولي هذا واستثني من ذلك اولئك البرلمانيين والمسؤولين الذين كانوا ومازالوا ؛ ومنذ اشهر يقودون ويشاركون في عمليات تطهير ارض العراق من دنس ارهاب الدواعش وفكرهم المتخلف .. وكذلك اولئك النواب الذين استمروا في اداء واجباتهم الرقابية والتواصل مع المواطنين في مشاكلهم اليومية وهم لعمري ؛ قليلون للغاية !