الامانة في النقل لا سيما ما يخص الاعلام في التاريخ تعتبر من اولويات كل من يقتحم هذا المجال ، بعيدا عن الدوافع لان الكلمة التي تكتب تصبح وثيقة للاجيال القادمة ، وانا اطالع كتاب اللؤلؤ والمرجان للمحدث حسين النوري ( 1245 ـ 1320) توقفت عند هذه المعلومة التي تخص ضريح المختار رضوان الله تعالى عليه وهذا نصها ” منذ مدة ارسل بعض القاجاريين مبلغا ما يقارب من اربعمائة تومان من طهران الى المرحوم ساكن الخلد فقيه عصره وعلامة دهره الشيخ عبد الحسين الطهراني دام ثراه ( 1225 ـ 1286) لاجل بناء قبر المختار رحمة الله عليه فكتب رحمه الله :” القبر ليس معلوما فلتصرف في امر اخر ” وبعد اصرار شديد على لزوم صرفها في ذلك بدأ البحث عن قبره وقد كنت يومها في خدمته فلم احصل الا على عبارة ابن نما المشار اليها انفا فاعرض رحمه الله عن الفكرة فاخذ اخرون المال وفعلوا به ما فعلوا ( اللؤلؤ والمرجان ص138) .
ارسل بعض القاجاريين يعني الجهة المرسلة مجهولة ، وليكن ذلك ، فكتب رحمه الله اي الطهراني ان القبر مجهول ، الى من كتب ؟ وكتب فلتصرف في امر اخر ، مسالة الصرف لغير ما خصص لها شرعا يجب الرجوع الى المتبرع لاخذ الاذن ، ثم تقول فاعرض عن الفكرة ، وهذه بحاجة الى بحث ، وقبل الولوج فيه اشير الى اخر عبارة كتبها النوري ، وهي فاخذ اخرون المال وفعلوا به ما فعلوا ، من هم الاخرون وماذا فعلوا به ؟وهذا لايمكن ان يكون الا بموافقة المتبرع والشيخ الطهراني .
اعود لما ذكره من مجهولية القبر ، اولا الشيخ الطهراني هاجر ال كربلاء سنة 1276 هـ وان هنالك رواية تقول 1280 لكن لنعتمد الاولى بحكم ان المحدث النوري ورد كربلاء 1278 بقي فيها وفي الكاظمية وسنة 1280 سافر لاداء فريضة الحج ومنها رجع الى طهران ،
نعود الى ضريح المختار فقد ذكر في تاريخ الكوفة تاليف السيد حسين ابن السيد أحمد البراقي (ت 1332 ه. ق) واستدراك السيد محمد صادق آل بحر العلوم (ت 1399 ه. ق) و تحقيق ماجد بن أحمد العطية ما يخص تعيين قبر المختار من قبل الشيخ الطهراني قائلا :” تعيين قبر المختار بن أبي عبيد الثقفي إن العلامة الأكبر شيخ العراقين الشيخ عبد الحسين الطهراني (قدس سره) لما يمم الأعتاب المقدسة بالعراق ونهض بعمارتها، فحص عن مرقد المختار في مناحي مسجد الكوفة” … الى ان قال “لم يزل الشيخ يفحص عنه، فأنهي إليه عن العلامة الكبير السيد محمد رضا (1189 ـ 1253هـ) ابن السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي (رحمه الله): أن أباه كان إذا اجتاز على الزاوية الشرقية بجنب الحائط القبلي من مسجد الكوفة – حيث يعرف بقبره الآن – يقول: لنقرأ سورة الفاتحة للمختار فيقرأها، فأمر الشيخ بحفر الموضع، فظهرت صخرة منقوش عليها: هذا قبر المختار بن أبي عبيد الثقفي.
فعلم المكان قبرا له وهو خارج عن باحة المسجد تحت جداره القبلي وإن كان مدخله منه، وكانت سنة عمارته في حدود سنة 1285، وقد نقل ذلك عن جماعة من الأعلام منهم، العلامة الحجة الشيخ حسين ابن خليل الطهراني النجفي ( 1230 ـ 1326) ( ص101).
وتاكيدا لهذه الرواية فقد نقل تلك القصة بعينها العلامة الخبير الأستاذ الميرزا محمد علي الأردوبادي الغروي ( 1312 ـ 1380) في رسالته الثمينة التي ألفها في تنزيه المختار وأسماها (سبك النضار في شرح حال المختار) بسند أنهاه إلى شيخ العراقين اي الطهراني .
اما ما يخص الطهراني فانه كان يحتفظ باموال وممتلكات تعود لامير كبير وعندما اغتيل امير كبير سنة 1280 هـ امر ناصر الدين شاه ان تصرف امواله على اعمار العتبات المقدسة .
هذا الاعمار حصل في حياة المحدث النوري وقبل كتابة كتابه اللؤلؤ والمرجان فلماذا لم يذكرها لتثبيت قبر المختار بدلا من ذكر المجاهيل والتصرفات اللاشرعية؟