في زمن النظام السابق لم يكن الأغلب ينظر إلى فحوى ( الشعيرة ) هل هي تصب في نهر الثورة الحسينية أو تلحق ضررا بها انما كان كل الهم منحصرا في ان تكون تلك الشعيرة هي مزعجة للنظام الحاكم وتمثل معارضة له وخروجا عليه وقد فهم النظام هذه الغاية فتصدى لجميع المظاهر والشعائر الحسينية بالمنع حينا و القمع احيانا وكانت ردة الفعل من أنصار الحسين الرافضين للنظام هي التبني والممارسة والتحريض عليها لكن بعد رحيل النظام هل يجوز أن تبقي جميع تلك الشعائر التي كانت تمارس كأسلوب معارض للنظام باسم الشعائر الحسينية ؟ أو يتطلب الأمر إزالة بعض تلك الشعائر وتصحيح البعض الآخر منها وتشذيبه بما يتناسب مع فكر وأهداف الثورة الحسينية ؟ وما هو دور المرجعيات في هذا ؟ ان الناظر اليوم إلى ما يقام من شعائر تدل على أن قضية الحسين هي مأساة ولنا ذنب في وقوعها وعلينا أن نجلد ذواتنا من أجل التكفير عما ارتكبناه بحق الحسين في كربلاء واغفلنا ان قضية الحسين ثورة على الباطل ودفع الظلم ودعوة للتحرر وإعلان العبودية لله وحده ولو عرضنا هذه الشعائر على القرآن وأحاديث النبي والمعصومين لهالنا ما بينهما من فرق شاسع حيث يقول الحديث النبوي ( رققوا القلوب بالدمعة ) وارسى النبي .ص. في وفاة ابنه سنة حسنة حيث قال: ( تدمع العين ويخشع القلب ولا نقول شيئا يغضب الرب وانا بك لمحزونون يا ابراهيم ) وقال الإمام علي بعد وفاة فاطمة ( لزرت قبرك والحبيب يزار ) وقال عليه السلام في موضع آخر عندما مر على قوم فقدوا عزيزا لهم : ( ان جزعتم فقد اديتم حق الرحم وان صبرتم فقد اديتم حق الرب ) وبدء من علي بن الحسين حتى الحجة عليهم السلام لم يصلنا عنهم بخصوص قضية الحسين غير التأكيد على الزيارة وإقامة مجالس العزاء والبكاء كما أن مراجع الفقه لم نسمع أو نرى منهم غير الزيارة لضريح الحسين وحتى مجالس العزاء والبكاء ناوا بأنفسهم عنها ولم نرى مرجعا حضر أو أقام مجلسا للحسين وارخى لدموعه العنان في وقت توافرت فيه وساءل السماع والرؤية رغم البعد .. اذا يتبع من من يقومون بجلد ظهورهم بالسلاسل ويفلقون رؤوسهم بالمدي والسكاكين ويلدمون صدورهم بالأيدي؟ ولم يتواتر خبر أو رواية عن صحة ما يقومون به عن النبي والأئمة ولا المراجع بعدهم ؟ وهم ونحن نعرف انها ليس من شعائر الله التي تعد من تقوى القلوب ولو كانت كذلك لمارسها المعصوم حتى تكون عليهم حجة . ان ما يقام اليوم في كثير من ما يسمى شعائر ( حسينية ) لا علاقة لها بالحسين وثورته الإصلاحية ولا تمت لها بصلة لا بل تحاول جر تلك الثورة العظيمة إلى خارج مسارها الإنساني النبيل ويتحمل الساكتين من أولي الأمر ( المراجع ) ومن هم بدرجتهم وزرها بنفس درجة من ابتدعها وعممها ونشرها بين الناس ان لم يتصدوا لها بحزم ومسؤولية وإعادة الشعائر إلى طبيعتها التي ترضي الله ورسوله والأئمة والحسين ولو بقي الحبل على الغارب فستضيع ثورة الحسين ومضامينها وستجد الأجيال القادمة ان قضية الحسين ليس أكثر من فعاليات لجلد الذات وتانيب الضمير بعد أن كانت ثورة إنسانية المضامين حسينية الهوية محمدية الوجود