لن اتطرق الى تقييم وضح التحالف الدولي المزعوم ضد داعش والمتكون من اكثر من اربعين دولة كما هو معلن على الطريقة التي تم تناولها من قبل الكثير والا فسوف لايكون للمقالة معنى الا اجترار ما يعاد على صفحات الاعلام.
انه بكل بساطة تعقيب على ما لاحظناه من آراء حول قضية غاية في الاهمية والتي انعكست في تصريح الرئيس الفرنسي وتناولناه في المقالة السابقة ( ماذا وراءك ياهولاند ).
لاشك ان قضية التحالف الدولي هي القضية الاولى في سلم القضايا العراقية ويجب ان تكون كذلك فما لم نتخلص من الدواعش فلايمكن ان يهنأ لنا عيش او نتذوق الاستقرار.
والكلام عن هذا الموضوع الخطير يفتح الابواب على مصاريعها للكلام عن طبيعة السياسة العراقية والتعامل الدولي معنا وبالتالي قيمة الشخصية السياسية العراقية وفرض احترامها والتي تنعكس بدورها شئنا ام ابينا على قيمة الشخصية العراقية عموماً.
وهنا لابد من المكاشفة في هذا الامر، لنوضح وبكل صدق يعلم ما وراءه تعالى وحده، هو ان الدكتور العبادي والفريق المقرب منه عقدوا النية على المضي بستراتيجية واقعية تعتمد على قوانا الذاتية وتعتمد المصداقية بكل نية صادقة قدر المستطاع من اجل خط طريق واضح وقوي ياخذ بيد العراق الى وضعه موضع الدول المحترمة التي تمتلك قرارها بيدها.
اننا بالقدر الذي ندرك فيه ان العراق بلد يمتلك اغنى تواريخ الارض ولايقل عن غناه المادي وطاقته البشرية وتجربته الحضارية ندرك كذلك ما يحيط بنا من تحديات كبرى اقليمية ودولية معلومة للقاصي قبل الداني، ولكن ونقولها بمرارة اننا ندرك بنفس الوقت ان اخطر التحديات بل ازعجها مع الاسف الشديد هي التحديات النابعة من داخل العراق نفسه.
فاذا ما تحلينا بالشجاعة كي لانكون كالنعامة لندس برؤوسنا في التراب فسنواجه حقائق متعبة حد النخاع من واقعنا المعاش ولا اريد ان اتطرق الى التناقض الذي عاشه هذا الشعب وكيف يستدل من يريد الانتقاص من هذا الشعب الكريم بحقائق تاريخية واقعية مرة منها ان هذا الشعب لم يرضخ ولم يتعاون مع حكامه ولم يحترم الشعور الوطني ويبرز الحالة الوطنية ( اي ما يجر عدل كما يعبر في اللهجة العامة ) الا عندما يسوقه حاكم ظالم ودلائلهم الحجاج وعبيد الله بن زياد وصدام وانهم يغدرون بمن يريد بهم خيراً مستدلين بالحاكم الوطني المرحوم عبد الكريم قاسم.
حتى ان سياسة تعمد تركيع الشعب واخناعه كانت واضحة دون خجل او حياء منه فقد كنا نلاحظ عند بداية انخراط المواطن في خدمة العلم يكتب في دفتر الخدمة وبكل وضوح “احضر للسوق” وهي عبارة وان كانت فصيحة الا انها لاتليق باحترام المواطن انما تدل على اذعانه فالسوق لفظة تليق بالحيوان وكان لايكلف الحكومة شيئاً لو انها استبدلتها بعبارة احضر لخدمة العلم مثلاً او احضر للتجنيد وهكذا.
هذا من ناحية ، ولكن الامَر من ذلك انهم وكما وصفوهم علماء الكلام امة جدل ليس من السهل اقناعهم ولا يرنو احدهم الا الغلبة في نقاشه مع الاخر وليس الوصول الى الحقيقة مهما كلفه ذلك رغم امتيازهم بالكرم ودمث الاخلاق …الخ، وهو الامر الذي استفاض في ايضاحه علامتنا المرحوم علي الوردي.
وهنالك امر ادهى وامر وهو ان العراقي يمتاز بالعنجهية وتعاليه على اخوته رغم انه ربما يذعن الى غير العراقي ويحترم رأيه، فتراه يتعدى على اكبر مسؤول ولايحترم ولايعترف باي سياسي بل قد يعمم على كل السياسيين ويصفهم باوصاف دنيئة رغم انه لايملك شيئاً من حطام الدنيا ولايقوى على فعل شيئ مثله مثل البسطاء من الناس.
وهذا الامر ينعكس بشدة على مواقف العراقيين من السياسيين كما هو واضح من خلال الوسائل الاعلامية، فسياسة التسقيط ان اجيز لي التعبير بحرية ان اقول هي سياسة او سمة عراقية بامتياز مع كل الاسف.
فترى من يكتب وكما يحلو له قلمه يشتم كل ما يمر على باله وان كان تعميماً دون اكتراث وقد ترى سياسياً يشتم اخوته السياسيين وعلى شاشات الفضائيات رغم ان هذا الامر لايؤدي الا الى سقوط الشاتم نفسه.
والا ماذا يمكن ان نقيّم ما شاهدناه من صور امامنا عبر لقاء الفتلاوي وطه اللهيبي مثلاً.
وانني استغرب اشد الاستغراب وانا اشاهد احد ” النواب ” وهو فائق الشيخ علي وقد ذكر على شاشة التلفزة بان مجلس النواب يحتوي ( زبالة ) ولا ادري كيف كان يعيش في لندن وهل اكتسب شيئاً من ثقافة ذلك الشعب القانوني المحترم؟!. هل يدرك هذا النائب ان شتمه لاخوته انما شتم لمجلس النواب عموماً وبالتالي فهو تحقير وتنزيل لبلده لان مجلس النواب يمثل العراق شاء ام ابى ويجب عليه وعلى امثاله ان يفهم ذلك وان احتوى المجلس على مستويات ضحلة فهذا لايجوّز له السقوط الى هذا المستوى والتعدي على البلد بهذا الشكل. هذا ناهيك عن ان هذا النائب ومعه مجموعته التي لاتتعدى الثلاث او اربعة اشخاص كانو يطالبون بوزارة فكان لهم من التصريحات ما كان بسبب عدم نيلهم ما ارادوا، فهل هذا المستوى من التعامل والادراك يليق بالبرلماني وهل يملك هؤلاء من رباطة الجاش والحنكة السياسية ما يؤهلهم لتقلد مستوى وزارة وقيادة البلد الى ما هو اصلح؟. وهم يتصورون بانهم افهم من غيرهم وتراهم ينتقدون كل من تصدى لهم وكانهم هم من فلق الحبة ولا احد يفهم غيرهم.
ونعلم ما مدى المستوى الثقافي الوطني الذي يتمتع به الفرد العراقي البسيط الذي يجعله “يجهد نفسه ويتفانى في سبيل خدمة وتطوير البلد”. لقد تناهى الى سمعي مؤخراً ان اكثر من عشيرة دخلت في صراع مسلح راح ضحيته عدة افراد بسبب خروف ونفس الامر وقع بين عشيرتين بسبب دراجة هوائية قيمتها خمسون الف دينار.
اقول هذا ما هو موجود في الداخل مع ما نعانيه من تصارع الكتل السياسية وسعيها لتحقيق مصالحها الذاتية على حساب المصلحة العامة ناهيك عن تحديات الخارج كما اسلفت.
ولكن السؤال الذي يطرح هنا وبشده، هل يدرك الدكتور العبادي هذا الواقع بكل حذافره ؟، وهل لديه خارطة طريق لتحقيق شيئ ايجابي لتحقيق قدر من المنحى الاصلاحي في هذا الواقع المرير المتعب.
الجواب صدقوني نعم ، صحيح ان الفريق الذي يعتمد عليه العبادي ليس بجديد ولم يات من السماء وكان اغلبهم في السلطة او قريب منها، هذا كله صحيح وندركه ، ولكن المستجد الان ان هذا الرجل يحمل غصة في نفسه بسبب الانتكاسة التي مر العراق بها عبر السنوات الماضية مما انعكس سلبياً على سمعة حزب الدعوة وهو الحزب الذي ضحى بالكثير ويعتمد عقيدة ربانية ووطنية يجب ان تتجه بالاتجاه الصحيح لخدمة البشر وخصوصاً العراقيين، فما مر بحاجة الى اصلاح كبير يمر عبر تصور مخلص في ذهن العبادي وهو عازم على المضي في السير عليه مهما كانت النتائج وقد قالها في اول يوم قدم فيه الكابينة الوزارية حيث قال ( يفترض ان يكون هؤلاء الوزراء فدائيين ).
هذه هي حقيقة فريق العبادي الجديدة مهما حاول البعض الانتقاص منها وتبقى جميع الاراء محترمة.
نحن نعرف الرجل جيداً ولذلك راهنا ونراهن عليه ولكن لا اعتقد في ذات الوقت ان عاقلاً لايفهم ما هي التحديات ومدى صعوبة تطبيق هذا البرنامج الاصلاحي وما يحتاجه من رأي جمعي تتكاتف فيه الاغلبية العظمى في سبيل استقرار وتقدم العراق الامر الذي سيجعل العملية تعاني من البطئ بالتاكيد ولكن عسى ان يكون صبراً جميلا.
ضمن هذا المنطوق المخلص نتمنى من الجميع ان يطبّع نفسه ولو لاول مرة للتعاون في سبيل احترام الشخصية العراقية عموماً ونبذ الاوصاف التي تنتقص من المقابل وادراك ان من يصف غيره بهذه الاوصاف المشينه فسوف يرد عليه بنفس الاسلوب وليت شعري هل سال احدنا ماذا قدم للعراق من موقعه هو لينتقد الاخرين؟, فوصف السياسيين بسياسي الصدفة مثلاً لايليق بنا فمن اختاره الشعب هو الذي يمثل الشرعية وهو من يحق له التصريح باسم الشعب وصوته الذي يتمتع بقيمة وليس صوتي انا او الاخرين ممن لانمتلك الشرعية فنحن نكتب ولايقرأ ما نكتبه الا من يتعنى لذلك اما اصوات النواب واعضاء السلطة فهي التي تمتلك القيمة السياسية شئنا ام ابينا ولا نضحك على انفسنا اكثر من هذا ويبقى اسلوبنا الاخلاقي وواجبنا الوطني يحتم علينا احترام كل عراقي مهما كان.
وستراتيجيتنا هو عدم التسامح مع مرتكبي الفساد المالي او الاداري وعلينا تعريتهم والمطالبة بمحاسبتهم مهما كانوا. هذا هو معيارنا ان كنا صادقين.
ان التوجه الجديد هو القاء الحجة وهو ما جسده منهاج الدكتور العبادي في تجاوبه مع كل الاطراف ومنهم الاخوة السنة وعدم ترك الوزارات بالوكالة والغاء كل ما لاحاجة للدولة به وزيارة الكثير من الاطراف للتقرب منها والتفاهم معها تجسيداً لمبدأ القاء الحجة هذا.
ويندرج التعامل مع التحالف الدولي في هذا المضمار، فالدكتور العبادي لم يكن طفلاً ليرد بتصريحه الذي علقنا عليه في مقالتنا السابقة ( ماذا وراءك ياهولاند ) نتيجة سوء فهم او عدم ادراك لامر ما فهذا تسطيح واضح للامر فعلينا ان نفهم ان هذا الرد لم يصدر الا بعد متابعة الوضع بمجمله ودراسة الموضوع الذي يتعلق بالتحالف الدولي من كل جهاته الستة وماذا قدم للعراق لحد الان وما سبب تخبط رؤساء الدول الكبرى في تصريحاتهم بين الفترة والاخرى وماذا فعلت داعش لحد الان وهي ترتع وتمرح دون رادع، وعلينا ان نوضح لمن فاته ان يطلع على هذه الامور او يتناسى:
* الم يأت هولاند الى بغداد وكانت له تصريحات رنانة في مواجهة الارهاب والتي لاتنسجم وتصريحه الاخير باي حال.
* هل قدم الفرنسيون ما ينسجم مع انطلاقتهم الاولية التي حسب العراقيون من خلالها بانهم سينسفون داعش بطلعاتهم الجوية.
* وما معنى ان يصرح اوباما بان الحرب مع داعش ستاخذ عدة سنوات. الم يتضمن ذلك دعماً اعلامياً تفخيماً لداعش؟.
* الم تقظ امريكا على صدام واخرجته من الكويت بسرعة البرق ودمرت مايزيد على نصف مليون جندي وقوة عسكرية عظيمة في المطلاع.
* وهل يعلم من يدافع عن هولاند بان الطلعات العسكرية للتحالف لم تتعدى 400 بينما كانت اكثر من 26000 طلعة ضد القذافي و116000 طلعة في حرب الكويت فهل يستطع احد تغافل الفرق بين تلك الحالات والوضع الان وهل ان التحالف كان اكثر جدية في حربه مع الخليخ ام مع داعش وما هي الدوافع وراء ذلك؟.
* وزير خارجية تركيا يصرح اخيراً بان ضربات التحالف غير ذي جدوى في العراق
( وشهد شاهد من اهلها ).
* هل يخفى على احد ان داعش صنيعة امريكية بدعم من ازلام البعث الصدامي وتم تسليحهم بشكل متطور ولا ادل على حقيقتهم التي كشفها رئيس البرلمان السابق الدكتور المشهداني عندما وصفهم بدقة ذكية قائلاً ( داعش بندقية امريكية تحت الطلب ).
* كيف تعاملت حملة الطائرات الامريكية مع الدواعش في اربيل وصدهم عنها.
* الاخطاء التي لايستهان بها كأنزال الاسلحة على الدواعش وضرب القطعات العراقية مبرراً بالاخطاء الغير مقصودة كما يزعمون.
* ماذا جنينا من مؤتمر التحالف الدولي ضد داعش في باريس والذي اقام الدنيا اعلامياً ولم يقعدها.
* لماذا تطالب امريكا بفرض اثيل النجيفي لقيادة تحرير نينوى وهو الامر الذي جوبه بالرفض، وهل هذا الامر يخدم وحدة اللحمة والمصداقية العراقية بعد اتهامه بالخيانة ، وهل هذا يدلل على غرض امريكا الشريف ام يثير التساؤل؟.
* هل تم تحرير جرف الصخر بجهود عراقية ام امريكية وفرنسية، وهي التي لاتقل صعوبة عن الموصل والفلوجة؟.
ثم لماذا يطلق هولاند هذه التصريحات المشبوهة في هذا الوقت بالذات الذي تشهد فيه قواتنا بداية اخذ زمام المبادرة بصورة حقيقية ؟، اليس الاولى به ان يبارك هذه التطورات.
كل هذا وهنالك من يدافع عن موقف هولاند بحجة ان حركة الجيش العراقي بطيئة في تحريرها للمدن، واعجبي، هل اصبحنا ننظر بعين واحدة ام ان الغرب محظوظون دائماً ام ماذا؟، حيث كان من الاولى ان ننتقد تصريحاتهم وهم يخمنون دحر داعش بعد اكثر من ثلاث سنوات. فذكرهم
لهذه المدة لاتعني شيئاً لدينا ولاتمثل تحركاً بطيئاً لدى اخواننا اما تحركات جيشنا حيث حرروا بعض المناطق خلال بضعة اسابيع تعني تحركاً بطيئاً ولا ادري على اي اساس يحكمون؟!.
بالتاكيد ان طموحنا هو ان تتحرر المناطق بايام معدودة ولكن الاماني شيء والواقع المعقول شيء آخر.
وبالتالي لماذا نغفل هذه الحقائق الواضحة وضوح الشمس وهل هذا لصالحنا او سيكون بمثابة التعبير عن الشعور بالدونية وقبول الاخر مرغمين على علاته شئنا ام ابينا.
ان السيد رئيس الوزراء كان حاداً ويعني ما يقول ولا مجال للمجاملة هنا فلا داعي لتعامل هولاند وامثاله مع العراق باسلوب فوقي ويتعامل مع دول الخليج على سبيل المثال بكل مصداقية واحترام فهم ليس افضل منا بكل المقاييس مع كل احترامنا للجميع.
ان العراق اليوم عازم كما اوضحنا على التاصيل الى مرحلة جديدة يبرز فيها شخصيته السياسية المحترمة ويحرز بالتالي احترام آدمية المواطن العراقي وسمعته اينما حل ورحل وهذا يتوجب منا مطالبة الجميع التعامل معنا بلغة المصالح فكما يقدمون لنا الدعم العسكري فنحن نقدم لهم الاموال تماماً كما يفعل غيرنا ولا سلطان لاحد علينا.
وهذا مع لحاظ اننا ندرك باننا بحاجة الى الدول العظمى وقوتها العسكرية والاحتفاظ بعلاقات وروابط طيبة معها ولكن على اساس الاحترام المتبادل فقد ولى عهد الذل الذي كان يعيشه العراق نتيجة السياسات الرعناء ولا نسمح بعودة الشعور بالدونية امام الاخرين والسجود تحت اقدامهم مهما كانت مواقفهم معنا فيجب علينا بل لن نسمح لانفسنا بعد اليوم التمسك بالشعور بالدونية والتبعية للاجنبي ضد ابناء شعبنا كما داب على هذا الحال وما زال الكثيرون.
ان تصريح هولاند غير مقبول وستراتيجية التحالف غير مقبولة هي الاخرى بشكلها البارد هذا فالامر ليس بحاجة الى الكثير من الكلام ان كان يتمتع بالمصداقية فلم يتطلب الامر كل هذا التوسل حين تعاملت امريكا بكل حزم مع صدام بل حتى تعاملها مع الدواعش نفسهم في موضوع حماية اربيل حيث كان هنالك نوع من الشدة افهمت الدواعش ان الامر مختلف مع الاكراد فهل فهمنا نحن ان الامر مختلف معنا ام اننا بحاجة الى من يصفعنا على رؤوسنا كي نفهم.
انهم يخططون لمصالح عليا تحتاج للمزيد من الوقت والذي سيكون على حساب دماء شعبنا المسكين واستقرار بلدنا وضياع طاقاتنا التي لايكترثون بها بل يدركون انها تصب في المصلحة الاسرائيلية واستنزافهم لنفطنا كيفما يشتهون في المحصلة النهائية فهل نحن مدركون.
والله تعالى من وراء القصد