لم يكتفوا أن فجر الارهابيون مقامهُ في عام 2005، حقداً وحسداً لهُ ولأبيه، بل حقداً وحسداً لعلي بن أبي طالب(ع) الذي أذاق أجدادهم مرارة الذل والمهانة، بهدمه اوثانهم واصنامهم واعرافهم البالية، فعاد الاحفاد لينتقموا من قبور عليًّ وأصحابه.
ولم يشفَ غليلهم بهدم القبر، فعادوا ليطعنوا إبراهيم في دينه وعقيدته وولائه، فنسبوا له خيانة المختار الثقفي! ونعق ورائهم الناعقون، فكان لابُدَّ لي من توضيح الالتباس لمن التبس عليهم الامر، ممن لا يفقهون وغير المطلعين على التاريخ ودهاليزه وخباياه.
” إبراهيم بن مالك الأشتر النخعي أبو النعمان (مقتول 72 هـ/ 691 م) هو ابن مالك الأشتر وقائد عربي شهير ثار ضد الأمويين ملتحقاً بالمختار بن أبي عبيد الثقفي للمطالبة بدم الإمام الحسين بن علي عليه السلام، وبعد استشهاد المختار الثقفي التحق بابن الزبير ووقف معه في حربه مع المروانيين، قُتل وهو يقاتل مع مصعب بن الزبير على يد جيش عبد الملك بن مروان.” هذا النص الوارد في سيرة إبراهيم جعلهُ عرضة للطعن، فكيف لهُ أن يلتحق بمصعب قاتل المختار؟!
سنوضح الامر بعدة نقاط:
لقد فعلها المختار والتحق بجيش عبد الله بن الزبير وقاتل الى جانب مصعب، حيث كان يرى بأن الخلاص الأول والاهم يجب أن يكون من الامويين، ومهما يكن فالزبيريين أقل وطأة وظلما من الامويين.
حينما قُتل المختار كان إبراهيم في الموصل، ولم يعلم بقتله الا بعد حين.
خَبَرَ إبراهيم ان لا قدرة له بمقاتلة الامويين والزبيرين معاً، وحينما أرسل له الطرفان (مصعب وعبد الملك) يستميلانه كلٌّ الى جانبه فضَّل الالتحاق بالزبيريين كما فعل المختار ولم يفلح؛ فلقد طلب المختار من الزبيرين الاجتماع معه ومقاتلة الامويين، لكنهم رفضوا. والواضح عندي ان إبراهيم غير المختار، فبالرغم من طلب المختار نفسه الاجتماع، رفضه مصعب (لماذا؟)، الا ان مصعباً نفسه هو من بعث وطلب من إبراهيم الاجتماع والصحبة، ووافق على جميع ما اشترطه إبراهيم.
لقد اراق مصعب دماء جيش المختار المستسلم، الذي يتراوح عدده بين 6000 الى 7000 مقاتل في يوم واحد، لكن إبراهيم في صلحه مع مصعب، حفظ جيشه ومدن ولايته الممتدة من الموصل وضواحيها الى مدن أذربيجان وأرمينيا.
لم أطلع على أية رواية عن اهل البيت عليهم السلام تذم إبراهيم، على عكس المختار وإن كانت ضعيفة.
استشهادهِ رضوان الله تعالى عليه:
دارت معركة بين إبراهيم بن مالك الأشتر ومحمد بن مروان قبل يوم واحد من المعركة الأصلية، التي وقعت بين عبد الملك ومصعب، وبالرغم مما أبدى ابن الأشتر فيها من شجاعة فائقة، فقد هُزم وقُتل لخيانة عَتّاب بن الورقاء التميمي، الذي تراجع على مواطأة مع عبد الملك، وعندئذٍ قَتَلَ مولى لبني عذرة يقال له (عبيد بن ميسرة) ابراهيم ابنَ الأشتر واحتزّ رأسه وأحرق جثّته، وعبيدٌ هذا هو موالي حُصين بن نمير الذي قتله إبراهيم في حرب خازر.
وقد نظم عدد من الشعراء قصائد في رثاء إبراهيم بعد قتله، كقول ابن الزبير الأسدي:
سأبكي وإن لم تبك فتيان مذحـــــج فتاها إذا الليل التمــــــــــــــــــــــــــــام تأوبا
فتى لم يكن فِي مرة الحرب جاهلا ولا بمطيع فِي الوغـــــــــــــــى من تهيبا
أبان أنوف الحي قحطـــــــــــــــــان قتله وأنف نزار قد أبــــــــــــــــــــــــــــــان فأوعبا
فمن يك أمسى خائنا لأميـــــــــــــــــــــــره فما خان إِبْرَاهِيم فِي الموت مصعبـــا
بقي شيء…
للذين يأخذون تاريخهم من الاعلام المرئي خصوصا المسلسلات والأفلام التاريخية، أخبرهم بأنها رؤيا المؤلف لا غير، فتبصروا لعلكم تهتدون.