يشهد مجتمعنا العربي في هذه البلاد في السنوات الأخيرة الكثير من التحولات والتبدلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، التي أدت إلى متغيرات في حياتنا وسلوكنا الاجتماعي القيمي .
هنالك ردة مجتمعية وفكرية وأخلاقية عميقة ، وانهيار للأحزاب ، وسقوط للقيم ، واندثار للمبادئ ، وتراجع للوعي الجماعي والسياسي والوطني والثقافي ، ولهاث شديد وراء الثروة والمال . ناهيك عن العائلية والطائفية والعشائرية التي تنخر عظام وجسد هذا المجتمع المأزوم ، وهذا ما أثبتته الانتخابات الأخيرة للسلطات المحلية .
زد على ذلك انتشار ظواهر الارتزاق الفكري والدكاكين الحزبية والمال السياسي علاوة على انتشار النفاق والرياء والدجل السياسي والزيف الاجتماعي والمظاهر الكاذبة ، والتنافس الواسع في السيارات والفيلات الجميلة والرحلات الاستجمامية للخارج وشراء الملابس غالية الثمن وارتياد المطاعم الفاخرة . وقد أصبح شعبنا رهينة لثقافة الأكل والاستهلاك ، وباتت الذاتية والأنانية هي الصفة الغالبة والمسيطرة على مشاعرنا وأحاسيسنا ، وكل واحد منا يبحث عن مصلحته الضيقة قبل المصلحة العامة ، مصلحة شعبه ومجتمعه ووطنه . أما عن البذخ والإسراف في حفلات الأعراس وظاهرة التعري وسباق العرائس في ارتداء الملابس الشفافة وإبراز المفاتن والصدور العارية فحدث ولا حرج ..!
وباعتقادي ، إننا جميعا دون استثناء نتحمل المسؤولية عن هذا التدهور والتسيب الأخلاقي والاجتماعي وما آلت إليه أوضاعنا الاجتماعية .
إن الواقع الذي نعيشه يحتاج إلى ثورة تجديدية في الفكر والعقل ، وتغيير في النهج والمسلك والتفكير ، وإرساء وعي نقدي جديد يتصدى لكل الظواهر السلبية المدمرة التي اجتاحت مجتمعنا ، ويمهد الطريق لنهضة اجتماعية قادرة على بناء جيل جديد قادم ، يؤمن بالتغيير والقيم والأخلاق والأفكار التقدمية التنويرية ، وتوليد حضارة إنسانية جديرة بالإنسان على أساس الديمقراطية والتعددية واحترام الرأي الآخر ، وتصون النسيج الاجتماعي والأهلي والوطني الوحدوي .