18 ديسمبر، 2024 11:29 م

وقفات عند لقاء المالكي الأخير على العراقية ٢/٢

وقفات عند لقاء المالكي الأخير على العراقية ٢/٢

يبدي حرصه على عدم خرق الدستور، وكأنه الوحيد من السياسيين للطبقة السياسية لما بعد ٢٠٠٣ لم يخرق الدستور، فيقول «القوى السياسية عندما خرقت الدستور كانت هذه نتائجها». ثم يذهب ليفلسف الفرق بين الأكثرية الانتخابية والأكثرية البرلمانية. والغريب إنه يتصور إذا عمل بالأكثرية الانتخابية يجب أن تمثل قائمة انتخابية الأكثرية البرلمانية المطلقة أي (٥٠% + ١) من مجموع عدد النواب، وبما إنه لا يوجد من يحصل على هذه الأكثرية، فلا بد من العمل بالأكثرية البرلمانية كما يقول، أي العمل بالبدعة التي سنها بنفسه عام ٢٠١٠، فكان عليه وزرها ووزر من عمل بها حتى تحقيق التغيير، بينما يعتبر عدم الالتزام بهذه البدعة المالكية مخالفة دستورية، والظاهر إن المالكي لا يعرف أن الكتلة التي يكلف مرشحها لتشكيل الحكومة، هي ليست التي يملك أكثرية برلمانية مطلقة، بل التي حازت على العدد الأكبر من المقاعد عبر الانتخابات حصرا، وليس عبر لعبة التحالف المابعدانتخابي مالكية الابتكار، ولأن هذه الكتلة لا تتمتع عادة بالأكثرية المطلقة، فهناك يبدو ما لا يعرفه المالكي أو يتجاهله، وذلك هي الحكومة الائتلافية، فأقول له عليك أولا أن تتطلع على كيفية تشكيل الحكومات في الدول الديمقراطية، خاصة تلك ذات التعددية الحزبية، وليست ثنائية الحزبين، كما في الولايات المتحدة وبريطانيا، لتثقف نفسك قليلا، قبل أن تبت في أمور لا معرفة لك بها كما يبدو لي. فهو يتصور بتشكيل تحالف ما بعد الانتخابات بين أكثر من كتلة انتخابية في الجلسة الأولى؛ أنه يعطي قوة لرئيس مجلس الوزراء حسبما يعتقد أو يدعي، بينما قوة رئيس السلطة التنفيذية تستمد من الائتلاف الحكومي الملتزمة أطرافه بالتزامات العقد الائتلافي الموقع من قبلها، ولا تدخل أطراف في التشكيلة الحكومية، فتكون مشاركة من جهة فيها، ومعارضة من جهة أخرى، مما ابتدعته الطبقة السياسية التي ينتمي إليها المالكي وحزبه. فهو عندما يؤكد أن «لا بد من الكتلة النيابية الأكثر عددا»، يبدو أنه لا يميز بين أمرين مختلفين، بسبب عدم اطلاعه على الآليات المستخدمة في تشكيل الحكومات الائتلافية في الدول الديمقراطية (اللي براسها خير)، كما يعبر بالعراقية، ويعتبر البدع (الكلش ديمقراطية) التي أوجدتها الطبقة السياسية في العراق من سياسيي الصدفة بعد ٢٠٠٣ هي التي تمثل القاعدة.

أما عن موقفه من شباب الحراك الشعبي، ومن التظاهرات، فقد عبر عن تأييده للتظاهرات المطلبية حصرا، ورفضه للتظاهرات السياسية المطالبة بالتغيير وغير الراضية بالإصلاحات الترقيعية. وراح يتكلم كيف استطاع هو و«القوى التقليدية» من ضم قوى شبابية إليهم، ويقصد بالقوى التقليدية هي نفس القوى التي انطلقت تشرين ضدها (دعوة، مجلس، بدر، عصائب، حكمة، تيار، فضيلة …)، ويعقب أنهم كانوا يريدون اعتماد الشباب وهاهم استطاعوا استيعاب أعداد من شباب الاحتجاجات، لكن مع تأكيده أنهم فقط مع الحراك الشعبي وفق المواصفات التي نعتقدها (أي الحراك المطلبي لا الحراك السياسي)، ويعقب «الشباب بالمواصفات التي ذكرت تم احتواؤهم من قبلنا ومن قبل غيرنا، لكن كم سيحصدون من الأصوات»، ويشترط «ألا يكونوا من الذين تورطوا بالقتل أو التخريب أو الحرق»، وهنا يريد أن يتهم الحراك الشعبي بهذه الممارسات التي أكد التشرينيون دائما – كما يفترض أن يعلم – على رفضها، وذلك بإصرارهم على سلمية التظاهرات، فهو يقول: «الذين شاركوا من أجل التعيين والإصلاحات (أي المطلبیین) نرحب بهم، وليس الذين قتلوا وعلقوا الرؤوس»، مصورا أكثر شباب الاحتجاجات وكأنهم (داعشيو) المنهج والسلوك.

ومع ترحيبه بالشباب الذين تنطبق عليهم مواصفاته، يشكك – ولعله محقا – بقدراتهم، فيقول «غير واضح للآن كم ستكون لديهم قدرة لتحقيق النتائج، لأنهم حديثو عهد بالسياسة، بينما القوى الأخرى موجودة ومتمرسة وتتمتع بخبرة وجمهور»، ويعني نفس القوى التي انطلقت تشرين والتشرينیون ضدها، وضحوا بمئات الشهداء من أجل الخلاص منها.

وبلغة فيها استغفال للعقول، يقول إنه قال للشباب (أي المحتجين مطلبيا): «أنتم خرجتم غاضبين على الأحزاب، ثم شكلتم أحزابا»، وكأنه لا يعلم بأن الشباب التشرينيين إنما عبروا عن غضبهم عن الأحزاب التي مارست سرقة المال العام، والعنف والقتل والاختطاف والتغييب، وسيست الدين، وزاولت الطائفية السياسية، والتي آلت إلى المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية، التي لم تقتصر على المحاصصة في المناصب، بل شملت المحاصصة في سرقة المال العام وتجويع الشعب العراقي وحرمانه من أبسط الخدمات الضرورية، فيا (دولة الرئيس) نوري المالكي، الغضب هو ضد أحزابكم أنتم (الدعوة ومثيلاتها)، أفأنت (غشيم) أم إنك تتغاشم؟