23 ديسمبر، 2024 12:30 ص

وقت مناسب لتحرك إنتظرناه طويلا

وقت مناسب لتحرك إنتظرناه طويلا

لايجب إغفال الشأن الايراني أبدا، ذلك إن إيران التي جعلت من الاوضاع في العراق شأنا إيرانيا من خلال تدخلاتها المتزايدة و التي بلغت حدودا غير عادية، أدى ذلك الى ثمة تداخل في الشأنين بحيث بات لکل واحد منهما تأثير على الاخر بصورة أو بأخرى وهذا الامر ينسحب أيضا على کل من سوريا و لبنان و اليمن الى حد ما، غير إن هناك ملاحظة مهمة لابد من الانتباه إليها و أخذها بنظر الاعتبار، وهي إن إيران هي التي توظف لحد الان سياق الاوضاع و التطورات الجارية في العراق و البلدان التي أشرنا إليها لصالحها، في حين إن هذه البلدان الاربعة ليس لها أي دور في المقابل.
إستغلال نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية للأوضاع في المنطقة عموما و في البلدان الاربعة التي تعتبر خاضعة لنفوذه خصوصا، أعطاه مساحة واسعة للتحرك و منحه حجم حضور سياسي و أمني أکبر إقليميا و دوليا، ذلك إنه نجح في مصادرة الدور السيادي لأربعة عواصم في کثير من القضايا و المسائل الهامة، لکن وفي نفس الوقت لايمکن التصور بأن هذا النظام من القوة و المناعة بحيث لايتمکن أحد من الوصول إليه و النيل منه کما فعل و يفعل مع الآخرين، غير إن هناك وجه خطأ يتکرر على الدوام، ويتجلى في عدم الاستفادة من الفرص المتاحة للتحرك ضد إيران و الانتقال من موقف الانتظار و الدفاع السلبي الى موقف السعي لأخذ زمام المبادرة و الهجوم السياسي ضده.
ماقد جاء في تقرير السيدة عاصمة جهانغيري، مقررة شٶون حقوق الانسان في إيران و کذلك في تقرير السيد أنطونيو غوتيرس، الامين العام لمنظمة الامم المتحدة بشأن مجزرة عام 1988، التي تم فيها إعدام 30 ألف سجينا سياسيا، يعتبر تطورا إستثنائيا في ملف حقوق الانسان في إيران ذلك إنها المرة الاولى التي يتم فيها الاقرار من جانب الامم المتحدة بهذه المجزرة التي سبق وإن إعتبرتها منظمة العفو الدولية جريمة ضد الانسانية، وهذا التطور الجديد و الذي تنظر إليه إيران بعين التوجس و الريبة و تشعر بحساسية بالغة منه، ذلك إنه قد يقود بنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الى مفترق لارجعة منه، ولذلك فإن المعارضة الايرانية النشيطة المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بقيادة مريم رجوي، و الذي يواصل منذ سنة و بلاهوادة تحرکه على مختلف الاوساط و المحافل الدولية من أجل طرح قضية مجزرة عام 1988، وجعلها مدخلا أساسيا لمحاکمة و محاسبة قادة النظام الذين إشترك معظمهم بهذه الجريمة النکراء، ولئن توفقت هذه المعارضة بإيصال ملف هذه المجزرة الى الامم المتحدة من خلال التقريرين أعلاه، فإن بقية المشوار سيعتمد على الجهد الدولي أو بالاحرى أصوات الدول التي ستصوت خلال الاجتماع المقبل للجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/کانون الاول المقبل من أجل إدراج هذه القضية کجريمة ضد الانسانية و تطالب في نفس الوقت بتشکيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق فيها، وإن سعي دول المنطقة کي يکون لها دور مٶثر و ملفت للنظر سواءا من حيث إدراج هذه القضية في جدول أعمال الجمعية العامة ‌أو من حيث صدور القرار الخاص بها، فذلك ماسيٶدي دوره الفعال في تقويض نفوذ هذا النظام و رد کيده الى نحره و جعله في مواجهة شر أعماله وماسيترتب على ذلك مستقبلا.