كلما اشاهد جموع الثوار في ساحة التحرير او في كربلاء والناصرية وغيرها من المحافظات المنتفضة وهم يواجهون الرصاص الحي بصدور عارية تزداد قناعتي باصرار الشباب على تحقيق مطاليبهم في ازالة الطغمة الحاكمة ومن يساندها من دول عظمى واخرى اقليمية
ان هؤلاء الثوار ومعهم ابطال التكتك في ساحات البطولة والفداء قد قضوا على اخر انفاس الفتنة الطائفية المفتعلة، واستطاعوا بجراتهم وتخطيهم لحاجز الخوف ان يوحدوا العراقيين تحت مطلب واحد وهو وطن مستقل لا وطن مسلوب ومنهوب
كما اتذكر المالكي الذي رفعه الامريكان من الدرك الاسفل الى اعلى منصب في الحكومة وهو يقول بعد ماننطيها (اي مانعطيها) . او ذاك الذي يدعي بانه استحصل على مكاسبه بالدم، وهو مع امثاله جاءوا على الدبابة الامريكية، وتحميهم ميليشيات الحرس الثوري الايراني، وهم بكل جراة يتباهون في خيانتهم وعمالتهم للاجنبي على حساب الوطن وابناءه، وقد بنوا على اشلاء الضحايا العراقيين دولة المافيات العميقة، تحت لافتة مزورة اسمها الديموقراطية
وادخلونا في متاهات تاريخية وخطابات تحريضية من اجل التمكن من حكم العراق. وبداوا حياتهم السياسية بالدم العراقي واستمروا في مسلسل وخطاب الدم حتى يومنا الحاضر، ومازال الشعب الذي خدع يوما بخطاباتهم المزيفة ينزف دما من اجل الخلاص منهم بعداستفاقة الشباب على ركام من الخراب لم يشهد له العراق مثيلا منذ دخول هولاكو بغداد والى يومنا الحاضر
فهم خلال ستة عشر عاما لم يبنوا مدرسة ولا جسرا ولم يعبدوا شارعا ، وعملوا تخريبا بكل القطاعات، فقد اتلفوا الزراعة وقضوا على الصناعة بشقيها العام والخاص، وهدموا المدارس، وخربوا المستشفيات. ثم احرقوا المزروعات وقضوا على الثروة الحيوانية. وحتى الاسماك في الانهر والاحواض لم تسلم من سمومهم. وعاثوا في الارض فسادا تحميهم ميليشيات الاحزاب العميلة المسلحة، وسرقوا موازنات الدولة وتقاسموا المناصب الحكومية بينهم. ومازالوا مستمرين في كبت الاصوات الحرة الشريفة بقتل الاعلاميين والادباء الشرفاء، وملؤوا السجون بالمعتقلين، وافشوا تجارة المخدرات، وفتحوا دور الدعارة وصالات القمار. ثم بعد كل ذلك يقولون ان الشباب المنتفض مدفوعين من قوى خارجية او اتهامهم بالبعث او ارتباطهم بدول اقليمية وغيرها من الاتهامات
وفي انتفاضة تشرين الحالية اراقوا دماء عزيزة من الشباب المنتفض حيث قتلوا اكثر 350. واصابوا وعوقوا اكثر من 15الف منهم
انهم يعتقدون بان العنف المفرط واراقة دماء الشعب ستطيل من عمر حكمهم وبقاءهم في السلطة او اسكات صوت المعارضة ، وهاهو الشعب المنتفض يزداد قوة وصلابة ويثبت لهم عدم استطاعتهم من اطفاء جمرة الانتفاضة التي ستبقى متوقدة حتى ازالتهم من السلطة
وبعد كل هذه المجازر المرتكبة من قبل الحكومة واحزابها العميلة تجاه المتظاهرين السلميين، دعت ممثلة الامم المتحدة في العراق جينين بيلاسخارت الى اجراء حوار وطني للخروج من المأزق الحكومي والوصول الى ارضية مشتركة ، مع الدعوة لاجراء انتخابات مبكرة
ان ممثلة الامم المتحدة في دعوتها هذه تساوي بين الضحية والجلاد، فاي حوار يمكن ان يتم مع مافيات مسلحة مازالت ترتكب ابشع الجرائم تجاه شعب منتفض اعزل. واي حوار هذا والاحزاب الفاشية مازالت تنهب موارد الدولة، ولديها اذرع مسلحة تخطف هذا وتعتقل ذاك وتقتل متظاهرين عزل
اي حوار هذا وهادي العامري يطالب على رؤوس الاشهاد بقمع الانتفاضة بالقوة المسلحة ليضمن استمراره مع ميليشياته بالحكم وهو يساند ويدعم الولي الفقيه على حساب طموحات واموال وارواح الشعب العراقي . اي حوار مع مافيات وقتلة ماجورين باسم احزاب اسلامية مشبوهة وعميلة . واي انتخابات مبكرة مع نفس السياسيين الفاشيست ونفس الاحزاب الفاسدة ومع ميليشيات مسلحة تسيطر على مراكز الاقتراع. وتستولي على صناديق الانتخاب، لفرض نفس الوجوه الكالحة المتخلفة على برلمان كسيح، لتعيد لنا نفس عجلة الفقر، والحرمان من الخدمات والبطالة، وليعاود الشعب احتجاجاته وانتفاضاته ويعطي مجددا مئات الشهداء والاف الجرحى والمعوقين لمرات ومرات تحت خداع ومماطلة الاحزاب الحاكمة المجرمة . انها خطط تسويفية عقيمة. لقد خبرناهم مدة ستة عشر عاما وجربنا معهم كل لغات الحوار بالعالم، ولم يقدموا غير الامعان في قهر الشعب ونهب خيراته بمباركة الولي الفقيه وحماية الحرس الثوري الايراني
ان وقت الحوار قد ولى ولم يعد هناك متسع من الوقت لمزيد من العبث بمقدرات الشعب، فالحوار الان عبارة عن رمي طوق النجاة الى حكم ايل للسقوط. حكم يتداعى وهو لايراعي مصلحة الشعب ويمعن في القتل والاغتيال والاختطاف والاحتجاز
الوقت الان ليس وقت حوار فعقارب الساعة لاتدور الى الوراء، وقد حان وقت التغيير الجذري ورمي الطفيليين وكل اللصوص في مزبلة التاريخ
ان الفجوة بين سلطة الاحزاب الفاشية الحاكمة وبين الشعب المغلوب على امره قد كبرت وتوسعت. ولم يعد هناك اي حل توافقي. فاصبح الشعب في جانب آخر يختلف كليا عن جانب السلطة المعزولة، وهو يطالب الان بازاحة حكومة
عادل عبد المهدي كمطلب اولي للتغيير الشامل واعادة بناء الدولة على وفق اسس علمية حضارية، وانتخابات نزيهة خالية من الاحزاب العميلة وميليشياتها المسلحة التي ترهب المواطنين
واننا على ثقة بان الانتفاضة التشرينية قادرة على الاضطلاع بهذه المهمة لتخليص البلد من ازمات والآم امتدت لستة عشر عاما عجاف من التخبط الاعمى. والنصر المؤزر قادم باذن الله.