18 ديسمبر، 2024 8:35 م

وقائع مهمة في مجتمعنا..عاشوراء .. بـأعين الـعلمـاء

وقائع مهمة في مجتمعنا..عاشوراء .. بـأعين الـعلمـاء

أعظم مِنّة يعيشها المؤمن في يوم عاشوراء مع فضل صيامه، هي أن الله خَلّص قلوب العباد من الشرك في هذا اليوم العظيم، في يوم عاشوراء أهلك الله فرعون ونجا بني إسرائيل، فأخرج من قلوبهم كل معظم غير الله، ولنتعلم أنه لا عظيم إلا الله عزوجل.
يوم عاشوراء رسالة مفادها أن الله كافي عبده من كل ما أَهمّه، فلا يأتي عليك يوم عاشوراء وأنت تُعَظِّم شيء من همّ أو حزن أو خوف أو أي أمر، عَظِّم الله وحده دون سواه، وأشهِده على مَعِيَّته لك في المواقف عدد نعم الله.
عاشوراء يوم مهم في التاريخ وفيه استشهاد الإمام الحسين سبط الرسول صل الله عليه وسلم، ولان موضوعنا مهم وفي تاريخ عظيم نقف عند العلماء ليزودونا من علمهم بهذا اليوم كل عالم من جهته و نظرته فكان هذا التحقيق..
نظرة على هامش عاشوراء..
يقول الباحث أحمد عبده : قال تعالى :(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) .
يختلف المسلمون بشأن يوم عاشوراء فيحتفل بعضهم بنجاة نبي الله موسى وبنو إسرائيل بمثل ذلك اليوم من فرعون وجنده، وهناك من يحزن لمقتل الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة بمثل ذلك اليوم، وإذا ما كانت الاحتفالات يتم نصبها لنجاة الأنبياء، ألم يكن من الأولى أن نحتفل بنجاة أبو الأنبياء إبراهيم من النار.
ويتساءل عبده قائلا: كيف يحتفل الرسول بعاشوراء مع اليهود لنجاة موسى بينما يحذرنا دوما من إتباعهم، وكذلك تعرض السنة النبوية علينا غفران ذنوب سنة إن صمنا يوم عاشوراء، بينما يعرض القرآن غفران ذنوب كل السنين بلا صيام فقط بالتوبة والاستغفار.
صيام عاشوراء يمحو ذنوب السَّنَة الماضية لماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه : [من شاء فليصمه ومن شاء فليفطر]، ولقد أنزل الله قرأنا يقول ):وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (.
ويختتم الباحث قولة: يقول البخاري في صحيحة : أن النبي ترك صيام عاشوراء حينما نزلت فريضة صيام رمضان بالسنة الثانية من الهجرة، فعن ابن عمر رضي الله تعالى عليهما قال صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك وكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه صومه( يعنى يوافق يوم من أيام صيامه تطوعا ) صل الله عليه وسلم يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء .

 

عبرة في عاشوراء ..

يقول الشيخ منير العبيدي: من فهم حقيقة يوم عاشوراء صَغُرَ في عينه كل همّ وغمّ وحزن مهما عَظم واشتد، فليس العجب من قول موسى عليه السلام: (إن مَعِي َربّي سَيَهْدين) بل نعجب من قوله: (كلا) ، وهذا من عظيم يقين موسى بأن له رب يُربّيه بالرغم من أن كل المؤشرات الحسية تقول أنهم هَالِكون لا محالة فالعدو من خلفهم والبحر من أمامهم.
موسى عليه السلام نجّاه الله من هذا الكرب العظيم (كيف الطريقة لا يعلم) كل ما يَعْلَمه أنّ له رب وأنه في مَعِيّة الله، كل يَقينه بالله في تلك اللحظة تجمع وأنه سيهديه.
كلما زاد شعور تربية الله تعالى لك في كلّ موقف تمر به، كلّما زاد إيمانك و يقينك بالله.. •
ويضيف العبيدي: من عظيم نعم الله على بني إسرائيل أنه أهلك فرعون أمامهم بل أهلك أيضا مُلكه، وهذا من رحمة الله ببني إسرائيل حتى يشفي غليلهم وغيض قلوبهم ممن أضعفهم وبرد قلوبهم من أن يروا ملك فرعون فيتغاضوا.
كل فتنة تمر بك، تذكر قول موسى عليه السلام: ( كلاِ إن مَعِيَ ربّي سَيَهدين( واستجمع كل يقينك بالله عز وجل في علاه، إيمان موسى عليه السلام ويقينه بوعد الله تعالى انه معه أدى إلى نزول نصر الله عليه، قَالَ (لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي معكما أَسْمَعُ وَأَرَىٰ )
وعاشوراء فرصة لنراجع أنفسنا ونجدد إيماننا كما في كتاب الله ولنخلص نياتنا لله تعالى وحده في أعملنا من اجل إن ننتصر ، ( وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ ).
إشكالية الازدواج..

ويذهب الدكتور صلاح قاسم بالقول إلى إن : اعتادت الشعوب البدء بالحزن بعد وقوع الفعل، وليس قبله، ونحن نبدأ بالحزن قبل وقوع الفعل تاريخيا، اليوم استشهد الحسين، اليوم استشهاد خير شباب الأمة، نختتم الحزن على الحسين وفقا للشعائر الرسمية .
إما نحن بعيدين كل البعد عن المنهج الحقيقي، فلا يمكن إن لانتعض من هذه الثورة ونكون فعلا صادقين، بحقكم وبحق سيد الشهداء ، هل نحن شعب منطقي ؟ وهل إن توقيت وعينا مناسب زمنيا؟ وهل يرتقي الوعي المتأخر إلى مصاف الوعي العقلية ؟
إلا يكفي كذب على أنفسنا ونحن لانعي الدرس ولا نتعلم من الماضي ولازال الدرس قاسي،
لانريد إن تبقى الازدواجية في العمل فمن جهة ندعي ولا نفعل ولا نقتدي ومن جهة أخرى نحاول التأسي بسيد شباب أهل الجنة.
حقائق غائبة في الاستشهاد..

يذكر لنا الدكتور طه الزيدي مستذكرا موقف في تلك الواقعة الأليمة قائلا: لما تأكد ليزيد تصميم الحسين على الاستجابة لدعوة أهل الكوفة، كتب لابن عباس؛ لأنه شيخ بني هاشم في عصره وعالم المسلمين، قائلاً: ونحسب أن رجالاً أتوه من المشرق فمنَّوه الخلافة، فإنه عندك منهم خبرة وتجربة، فإن كان فعل فقد قطع وشائج القرابة، وأنت كبير أهل بيتك، والمنظور إليه، فاكففه عن السعي في الفرقة.
فكتب إليه ابن عباس: إني لأرجو أن لا يكون خروج الحسين لأمر تكرهه، ولست أدع النصيحة له في كل ما يجمع الله به الألفة وتطفي بها الثائرة.
وفي تلك الأثناء كانت الأحداث تتسارع، وذلك بعدما أخذ الناس يختلفون على مسلم بن عقيل ويبايعونه، وعندما أحس النعمان بن بشير الأنصاري والي الكوفة بخطورة الوضع، قام، فخطب في الناس، وقال: اتقوا الله عباد الله ولا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة؛ فإن فيها يهلك الرجال، وتسفك الدماء وتغصب الأموال، وقال: إني لم أقتل من لم يقاتلني، ولا أثب على من لا يثب عليَّ، لا أشاتمكم ولا أتحرش بكم، ولا آخذ بالقرف ولا الظنة والتهمة، ولكن إن أبديتم صفحتكم لي، ونكثتم بيعتكم، وخالفتم إمامكم، فوالله الذي لا إله غيره لا ضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولو لم يكن لي منكم ناصر، أما إني أرجو أن يكون من يعرف الحق منكم أكثر ممن يرديه الباطل. وغادر ابن زياد البصرة بعد أن اتخذ عدة احتياطات؛ خوفاً من حدوث اضطرابات، وأناب عنه أخاه عثمان بن زياد على البصرة، ثم خرج من البصرة ومعه وجوه أهل البصرة أمثال مسلم بن عمرو الباهلي، وشريك بن الأعور الحارثي وحشمه وأهل بيته.
ويضيف الزيدي قائلا:
كان في وسع ابن زياد أن يرسل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة إلى الخليفة بدمشق، وربما يسجنان أو يعفى عنهما فيما بعد بدلاً من إراقة الدماء وإيجاد الإحن والعداوات بين المسلمين.
وقد برهن ابن زياد على بطش الدولة وتعسفها، وأنها لا تبالي إلا بالحفاظ على سلطانها مهما كلفها ذلك من سفك الدماء ويبدو أن مسلماً – رحمه الله – لم يكن بالسياسي المحنك الذي ينظر للمستقبل بحذر، ويزن الأمور بميزان الوقائع السابقة ويقيس الأحداث القائمة على نظيراتها الماضية لهذا غرَّه تكاثر المبايعين، وبكاؤهم بين يديه ووعودهم الموثقة بنصرة الحسين، فأسرع وكتب إلى الحسين يستقدمه، ويحثه على سرعة الحضور فقد تمهدت له البيعة والحضور، فالعواطف وحدها لا تكفي في قلب الأنظمة وإزالة الدول، فلا بد من القيادة الراشدة، والتنظيم المحكم، والتخطيط البعيد، وتوثيق الأفراد، والإعداد المعنوي والمادي معاً جنباً إلى جنب، ونستطيع أن نقول بأن ما اعتمد عليه مسلم بن عقيل وهاني بن عروة من حسابات كانت خاطئة وغير صحيحة، فقد ظن مسلم بن عقيل أن العاطفة المحركة لكثير من العامة هي السبيل الوحيد للنصر، ولم يأخذ في الاعتبار تأييد زعماء الكوفة أو الاتصال بهم، ولم يحاول مسلم بن عقيل أن ينظم تلك الجموع، وفق اختصاصات معينة تسيطر عليها منظمة سرية تستطيع أن تتحرك في الخفاء وبدون قيود، كما أنه أخفق في توظيف الإمكانات التي توفرت له، حيث إن العاطفة المسيطرة على المجتمع الكوفي كفيلة بأن تقلب الأمور لصالحه، وذلك بعد إرادة الله.