23 ديسمبر، 2024 8:25 م

وفيق السامرائي … وبسالة مقاتلي تلعفر

وفيق السامرائي … وبسالة مقاتلي تلعفر

بعد سقوط الصنم في عام 2003 وتسليم مدينة الموصل بلا مقاومة لقمة سائغة للاحتلال الامريكي حالها حال محافظات صلاح الدين والأنبار أي المحافظات التي نالت الحصة الأكبر من اهتمام نظام صدام المقبور إذ كانت هذه المحافظات والمناطق التابعة لها تمثل ثقل النظام العسكري والاستخباري له لا سيما الأجهزة الحساسة والدقيقة كالحرس الجمهوري وجهازي الأمن والمخابرات لعقود طويلة من حقبة الحكم المباد لغاية في نفسه المريضة والمتعطشة للدم .
قضاء تلعفر واحدة من الأقضية التابعة لمحافظة نينوى لم تشهد اطلاق رصاصة واحدة ضد الأمريكان بل على العكس تماما تم استقبالهم بباقات الورود تنم عن مدى الارتياح الشعبي لوجودهم في المدينة مما ولد حالة من الشعور بالاطمئنان والراحة وبدأت الأسر التلعفرية بالتبضع من الاسواق ما يلزم احتياجاتها المادية والمعنوية على أمل تعويض ايام الحرمان والعوز الذي نالته الطبقات الفقيرة والوسطى منهم في سنوات الحرب العراقية الايرانية وحرب الخليج الثانية والحصار الاقتصادي في فترة تسعينيات القرن الماضي .
ولكن بعد عام 2004 ظهرت عمليات اغتيال تطال اشخاصا عاديين مثل الذين يشتغلون بسلك الشرطة والجيش والمقاولين والمترجمين والصياغ بذريعة تعاونهم مع قوات الاحتلال ! ثم تبين وجود مجاميع ارهابية تحمل تسميات مختلفة ” تنظيم القاعدة وجيش انصار السنة والمجاهدين وغيرها ” هي التي تقف وراء الإغتيالات بهدف ظاهري يتحجج بمقاومة الاحتلال الامريكي !
بعد ازدياد حالات الاغتيالات والانفجارات بعبوات ناسفة ولاصقة وغيرها من اساليب الارهاب المقيتة ، عقد شيوخ العشائر التلعفرية ووجهائها من كلا المذهبين مع مسؤولي المدينة وممثليهم في البرلمان العراقي سلسلة اجتماعات للبحث عن حل لتفاقم الوضع الامني والمحافظة على النسيج الاجتماعي الخليط منذ عقود طويلة من الزمن وتم الاتفاق على عدة نقاط من شأنها السيطرة على الوضع الامني وعلى ارواح المواطنين التلعفريين منها :
  – تشكيل قوة امنية من الجيش والشرطة من عشائر المدينة بلا استثناء من هذه الجهة أو تلك .
  – براءة العشائر التلعفرية من ابنائها المتورطين بقضايا الارهاب وتسليمهم الى السلطات الحكومية لدرء نار الفتنة الطائفية .
– تخويل ممثلي المدينة في البرلمان العراقي بالتباحث مع الحكومة المركزية بشأن ألية تشكيل هذه القوات العسكرية لتكون درعاً لحماية الحدود العراقية السورية من جهة ربيعة وسنجار والمناطق المتاخمة لها وغيرها من النقاط العديدة التي لا يسع المجال لذكرها.
وتم تشكيل القوات العسكرية من الجيش والحرس الوطني والشرطة الاتحادية وغيرها من التشكيلات الأمنية التي من شانها المساهمة الحفاظ على الوضع الأمني وتوفير فرص عيش آمنة ولو ضئيلة لأبناء المدينة الواحدة بعد جهود مضنية من مسؤولي القضاء في الحكومة العراقية واستمرت هذه التشكيلات العسكرية بمهامها القتالية والإنسانية لمدة عشر سنوات ونيف من ” 2004 – 2014 ” لغاية سقوط المدينة بيد تنظيم داعش بعد مؤامرة محبوكة من قبل محافظ نينوى المقال أثيل النجيفي الذي سلم المحافظة على طبق من ذهب بالتعاون مع مسعود البرزاني الى عصابات تنظيم داعش الارهابي .
وهنا بدأت الطامة الكبرى إذ اصيب أبناء تلعفر بالخيبة والصدمة بعد سنوات عديدة من التضحيات والشهداء في الموصل واطرافها لا لأجل شيء ، انما لخيانة القادة والضباط والمسؤولين الكبار الذين تحملوا ذل الخزي والعار .
” بعد صدور فتوى الجهاد الكفائي للسيد السيستاني حفظه الله استجمع مقاتلو تلعفر الأبطال قواهم وشجاعتهم المعهودة وبدأوا بالالتحاق بساحات الوغى في مواقع القتال الطاحنة كقاطع الثرثار وتكريت وديالى وبيجي والرمادي وجرف النصر وعزيز بلد والدجيل وبلد والاسحاقي وغيرها رافعين شعار ” هيهات منا الذلة ” وهم يقدمون الشهداء بالعشرات بل بالمئات على الرغم من التجاهل المتعمد والصمت الحكومي المريب وعدم تقييم حجم التضحيات الجسيمة لهم .

ولكن ما كان لله ينمو فقد أتت شهادة عسكرية مهنية من الفريق ” وفيق السامرائي ” شخص يمتلك من المعلومات والخبرة العسكرية أكثر من حجم وزارتي الدفاع والداخلية برمتيها حين أعلن من خلال شاشة العراقية الحكومية الرسمية ليضع النقاط على الحروف ويقر بشهادة يعتز بها كل مقاتل تركماني تلعفري غيور :
” هناك أكثر من 11 الف مقاتل من أبناء تلعفر الذين أعطوا أكثر من 400 شهيد بالرغم من كونهم نازحين .هذا الشيء لم نشهده في بقية المحافظات والمناطق المغتصبة ” من قبل عصابات داعش !!! .
ليتجاهل الجاهلون وليتغافل الغافلون وليتذكر الجميع بأن “الشمس لا تحجب بغربال” سيبقى المقاتلون التركمان من أحفاد مفجري ثورة العشرين مثالا للوطنية والشجاعة والإباء وشوكة في عيون الدواعش وسيأتي الغد الذي يحرر فيه أبناء تلعفر مدينتهم المغتصبة وان غدا لناظره قريب ..