إستحضرت قصيدة الشاعر العراقي الكبير أحمد مطر، وأنا أتابع إعلان المفوضية المستقلة جداً نتائج الإنتخابات، ولم أشعر الا وأنا أردد إزاء الأرقام المتورمة التي تحصدها كتلة الحكومة تلك الأبيات :
أحضِـرْ سلّـهْ
ضَـعُ فيها أربعَ تِسعا ت
ضَـعُ صُحُفاً مُنحلّـهْ
ضـعْ مذياعاً
ضَـعْ بوقَـاً، ضَـعْ طبلَـهْ
ضـعْ شمعاً أحمَـرَ
ضـعْ حبـلاً
ضَـع سكّيناً
ضَـعْ قُفْلاً .. وتذكّرْ قَفْلَـهْ
ضَـعْ كلباً يَعقِـرْ بالجُملَـةْ
يسبِقُ ظِلّـهْ
يلمَـحُ حتّى اللا أشياءَ
ويسمعُ ضِحـْكَ النّملَـةْ !
واخلِطْ هـذا كُلّـهْ
وتأكّـدْ منْ غَلـقِ السّلـةْ
ثُمَّ اسحبْ كُرسيَّاً واقعـُـدْ
فلقَـدْ صـارتْ عِنـدَكَ.. دولَـهْ !
وما دريت الا وأنا أضيف من عندي كلمات على موسيقى القصيدة، أرجو أن يستميحني شاعرنا الكبير عذراً على تجاوزاتي، فأنا لا أملك شيطان الشعراء، لكني أحاول أن أكمل فصول القصة، قصة دولة، دولة أيش، أقصد طبعاً الحكام:
أحضر سلة
وزع أرضاً
قدم سنداً
وأكتب صكاً
أو إدفع نقداً
واعلن حرباً
وأغرق شعباً
واقطع درباً
ثُمَّ اسحبْ كُرسيَّاً واقعـُـدْ
فلقَـدْ صـارتْ عِنـدَكَ.. دولَـهْ !
وفجأة إنقطعت خواطري، على الموسيقى الإحتفالية لفضائية العراقية، التي عبرت خلالها عن ولائها لولي النعم، وعدت أستمع الى النتائج، التي بدت لي للحظة أنها إنتقامية إزاء كل المشاركين في الإنتخابات، بل الشعب أيضاً، الذي كان يتطلع الى التغيير عبر صناديق الإقتراع، لكن يبدو أن الوجوه لن تغادر كراسيها، وستبقى منهجية الزعيم الأوحد والقائد الضرورة راسخة في الثقافة العراقية، لكن هذه المرة بآليات ديمقراطية الى كسر العظم.
كنت دائماً مبهوراً بالدول الديمقراطية، مثل غيري من العراقيين، وكم تمنيت أن أمارس عملية الإقتراع، وأسجل في دفتري : الحاكم الأول، الحاكم الثاني، الحاكم الثالث، مثلهم، ضمن منهجية التداول السلمي للسلطة، وكم أعجبتني تلك الروح الرياضية التي يتحلى بها المتنافسون على الرئاسة، عندما يهنيء المهزوم غريمه الفائز، من دون حقد ولاضغينة، مثلما كنت مشدوهاً إزاء ذلك الرئيس وهو يغادر منصبه بعد دورة واحدة أو دورتين من دون زيادة.
لكن، يبدو أن الدفتر في عراقنا الجديد سيبقى مغلقاً، والأسماء والوجوه لن تتغير، فيما نبقى نتطلع الى التغيير بعد عمر طويل.
وأحضر سلة .. أو لاتحضر سلة .. فأنت اليوم وحدك دولة.