تتصف الحملات الانتخابية في العالم باليات منظمة يجري تنفيذها تباعاً ، وقيام المرشحين باجراء المناظرات واللقاءت مع الناخبين وبيان برامجهم الانتخابية وعرضها على اتباعهم وقواعدهم الشعبية واطلاق العمل والمنافسة الشريفة مع المرشحين الاخرين بضراوة واستمرارها لحين ايقاف الحملات قبل الانتخابات . اما الذي نراه في العراق لا نجد مثل هذه البرامج والاليات وانما عبارة عن لافتات وصور وسير ذاتية معلقة في التقاطعات والشوارع العامة ، والمستغرب تجد بطاقات التهنئة ( بوسترات ) تُهدى من العشيرة والمكون والحزب والشخصيات بمناسبة الترشيح قبل الفوز ، وتبقى حائراً امام تقاليد وممارسات لن تجد لها اثراً في حملات وانتخابات العالم الا في عراقنا الديمقراطي الجديد . عندما تسأل المرشح كيف هي حملتك الانتخابية يجيبك ( ماشية) وبعد الاستفسار لا تجد للمرشح اي برنامج او رؤية خاصة به وانما عينه على من رشحه ودفع الاموال بدلاً عنه ، وواجبه فقط يعلق صوره في كل مكان حتى في مقابر الموتى لعلهم يستنصرونه ويدعون له اما بالويل والثبور او بالفوز وبالتالي يذكرهم ويترحم عليهم و يوزع ما تجود به نفسه ثواباً لارواحهم . امام هذه المهازل والتي تسمى الحملات الانتخابية والتي مضى عليها ثلاث جولات والكل لا يريد لها سوى دعوة من هب ودب الى اشراكه في الانتخابات ممن لا يملك ادنى قدر من الخبرة السياسية والمستوى الثقافي كي يؤهله لمواكبة حدث سياسي واجتماعي وجماهيري وصياغة برامج هادفة لمستقبل الناخبين . نعتقد ان مساواة هؤلاء المرشحين بمن يمتلك من الوعي والخبرة السياسية والثقافية فانها نوعاً من الاجحاف الشخصي قبل ان يكون غبناً يمارسه المجتمع لوضع من لا يستحق في المكان الذي ينبغي غيره ان يكون فيه ، تلك هي معضلة ان كانت يدركها العقلاء ويتغافلوا عنها بغية مشاركة ابناء العشيرة او الحزب او المكون فيها فهي مصيبة ، وان اضحت حملة لا بد ان تُقام كل اربع سنوات تُنشر الصور والمعلقات هنا وهناك تكثر فيها الولائم وتمتلىء جيوب البعض وتُفلس جيوب اخرى ، الغرض منها هو تسقيط فرض و اجراء الانتخابات واعادة نفس الوجوه باقنعة جديدة بنفس الرؤى والافكار فأقرأوا السلامة على اثرها وبالتالي نترحم على الدكتاتوريات ونقول ما لنا وديمقراطية لا نفهم كنه معرفتها ومضى ( 10) سنوات على منحنا اياها مسلفنة من الراعي الامريكي وبقيت على حالها لم يتجرأ احدنا على فتحها .