الوظيفة الدينية للدولة
الاسلام دين ودنيا ، عقيدة ومنهج عمل ، اذ كما تتناوله علوم الأديان ، فهو من الأديان ذات الحد الأعلى التي تشتمل على عقيدة وعبادة وقصة كونية ويضاف الى الاسلام القوانين والاخلاق ، ليكون شاملاً لكل مناحي الحياة لا يستثني منها جزء ، فالله تعالى قد أكمله ورضي به لنا دينا ، حيث شمل الخطوط العامة للحياة وأطرها ، ليترك لنا حرية الحركة والاجتهاد ضمن حدودها وضمن مقاصدها ، ليوجهنا ويحفظ لنا عقولنا من الانحرافات التي تصيبها ان كانت تسير في طريق ليس له اتجاه ويخلوا من علامات المرور التي تجعلنا ندرك ونميز غايتنا ، والطريق المؤدي لها
الدولة لم يتم النص عليها بالاسم ، وانما كانت من حسب بعض الاّراء ان الرسول هو من أسس اول دولة في المدينة ، واما الرأي الاخر ان الدولة أسُست في الفكر الاسلامي لما تقضيه من وظائف يعجز الفرد على تحقيقها لوحده ، وفِي كلا الرأيين مشترك هو ان الدولة ليست غاية بحد ذاتها ، وانما هي وسيلة لتحقيق عدة غايات ، ومن هذه الغايات والوظائف هي الوظيفة الدينية
الحكومة التي تتشكل وتنتخب في الدولة ذات الاغلبية المسلمة يفترض بها ان تؤدي وظيفتها الدينية المناطة بها ، للحفاظ على عقيدة ودين الاغلبية وحمايته من الانزواء او الابتعاد عن الحياة بفعل الاجتهادات الخاطئة من جهة ، والفكر المعادي للدين من جهة ثانية ، لذا كانت مهمة الحرص على تطبيق الشريعة السمحاء من مهام الحكومة التي دعى لها شهيد المحراب ، لتحرس الاسلام والمسلمين وتحفظ لهم عقيدتهم من الانحراف كما انحرفت بعض العقائد في البلاد المجاورة ، ليكون الظاهر إسلاماً بينما جوهره لا يمت لما جاء به رسولنا بصلة
العدل أخذ مساحة كبيرة جداً في فكر شهيد المحراب ، حتى عده شرطاً اساسياً لاضفاء الشرعية على الحكومة الموجودة ، ليربط بين مفردة العدل ونهضة المجتمع ، اذ لا يمكن الحديث عن النهضة في ظل غياب العدل ، فالعدل قمة مطلقة لا تطبق على فئة دون اخرى او قومية دون اخرى ، فالجميع شركاء في الوطن ، لهم ما للجميع وعليهم ما عليهم ، حيث الدولة ليست مسؤولة عن تطبيق القوانين فقط ، وانما هي مسؤولة عن ربط القوانين والتشريعات بالقيم والمثل العليا ، لتكون ذات ابعاد انسانية تربوية اكثر منها جزائية عقابية