23 ديسمبر، 2024 8:07 م

وطن مقتول لا يزال ينزف

وطن مقتول لا يزال ينزف

نكتب ما بين السطور، وفوقها وتحتها، لا ننسج من فراغ وجراحنا عميقة لا تزال تنزف، يغطينا سحاب أسود وتاريخ تخضبه صفحات النكبات، تمطر علينا الهموم والمصائب، تهاجمنا كالجراد كلما أينع محصولنا، لم تبقي للأفراح مكاناَ في القلوب وفقدنا السلام، نعتذر للأعياد ونقول إن الزهور نفذت على قبور وقوافل الشهداء.
كلامنا حقائق ليس قصائد وحروف نجمعها، عشنا المعناة ولم نسمع بها فقط ولا نزال، وزفراتنا كل يوم تنتج ألف مقال.
شهادة نسجلها للتاريخ، وتخجل كلماتنا في حضور الوطن، تعابيرنا لا تساوي لحظة إنتماء، نشمخ بحضارة تتربع وترتفع على صدورنا كالجبال في شماله، جذورها متفرعة في كل العراق، إصولها في سومر وميشان والبصرة، وطيبة الجنوب تدفع النهرين للألتقاء. مقدس كما هي المقدسات تجمعنا، اول وطن أشرقت عليه الشمس، ومنه تعلمت الأمم الرسالات السماوية والقانون والسياسية والحروف.
كلماتنا صادقة من بين أفواه الفقراء، وصوت المحرومين والمظلومين وأنين الشهداء، تطرق قلوبنا كل حين معاناة أهلنا الجياع، وهم يلعنون البترول حينما يسرق من تحت اقدامهم، ويصبح مرتع للمفسدين والإرهابين والأقزام، تخرج من قلوب الثكالى صيحات، وتدخل الى قلوبنا دون حاجز و لا إستئذان.
وقفنا فوق الكلمات كمن يقف على جبل من التاريخ، يسبق من يسيرون في الظلام، يرى خلف التل؛ وطن مقتول ينزف، والقاتل لا يزال طليق يحمل قائمة طويلة من الأسماء، نعرف إن العدو دخل بين البيوت، وأرتدى ثوب الوطنية، وقناع التضحية، يقطف الأرواح و لا يبالي، عن كان ذلك بالتفجير والغذاء السموم او تركنا في العراء حتى نموت جياع بلا مأوى في وطننا.
وقت التكتيم إنتهى، وبدأت مرحله إختيار الأصلح، والمفسدون لا يختزل بهم شعب، لم يعرف الراحة على مرّ العصور.
المواطن لا يخدع بعد هذه السنوات العشرة، فقد فشل الكثير في الإختبار، ولم يبقى سوى للمواطن حسن الإختيار، ويعرف إن المسؤول خادم وهو مخدوم، وهو مصدر السلطات، سوف تلعن الاجيال مَنْ أخطأ الخيار، ولا ينفع ندم مَنْ يشارك عودة الإنتهازين والسفاحين، ويعطي رقبته سلم يتسلقها المفسدون، ليسلبوا حرية العيش والكرامة.