23 ديسمبر، 2024 5:27 م

وطن للبيع … يا بلاااااااش !

وطن للبيع … يا بلاااااااش !

كنتُ صغيراً حين طرقت مسامعي كلمات إحدى العجائز وهي تردد باللهجة العراقية الدارجة وتقول (علتي بكبر بغداد ان حجيته شاعت بالبلاد وان ضميتهة حرمتني الزاد) حينها ضحكت ولم افهم ما تقصد بهذا القول لكن حين كبرت بدا لي المعنى واضحاً إلا انه بحاجة إلى إضافة ليكون أكثر شمولاً ودقة لينطبق على حالنا اليوم فليس اليوم علتنا بغداد وحسب بل علتنا بغداد وضواحيها وجميع المحافظات فأمست خارطة الوطن عبارة عن جرح خط على الأرض أدمى البيداء نزف أرواحه فكل يوم تتفجر فيه أحقاد و تتشظى أماني وأحلام ويزف الشباب الى مثواهم الاخير وبدل ان يحج الشيوخ الى بيت الله يحجون الى القبور دون عودة أما الاطفال تركوا المدارس وحجزت مقاعدهم في صفوف المقابر .. والذي يحز في النفس هم المسؤولين الأمنيين والمتنفذين في الحكومة فهم لا يحسنون شيئا سوى غلق الطرق وافتعال ازدحامات سير خانقة وكأنهم يعاقبون المواطن وهم متمسكون بجهاز السونار اليدوي الذي سجل نجاحاً باهراً في الكشف عن حشوات الاسنان والبلاتين والادوية ومواد التنظيف لكنه فشل وبكل جدارة عن كشف المتفجرات لذا نقترح على الحكومة تحويل هذا (السونار) الى المستشفيات قد تكون فيه فائدة … ولبجاحة هؤلاء الأمنيين وانغماسهم بالكذب فمن يراهم يظن بأن هذه الخروقات الامنية لم تحصل في بلدهم وكأنها حصلت في النصف الاخر من الكرة الارضية فكل يوم يظهر لنا مسؤول ليطرب أسماعنا بان الوضع الأمني مسيطر عليه وفي اليوم التالي تحل الطامة ولا محاسب ولا رقيب على الأجهزة الامنية وما يحدث فيها من فساد وتآمر فقد باعوا دمائنا برزم الدولارات اما المناصب المتنفذة أمنياً اليوم تباع وتشترى ومن يدفع أكثر صار له حق الجلوس على الكرسي … ومن جهة أخرى لا نعلم أهم اغبياء ام يتغابون فقد اصبح الامر واضح وجلي للقاصي والداني بأن خططهم لردع الارهاب بائسة وهزيلة وفي كل مرة يعيدون الكرة والكل ينادي ويصرخ بهم ليغيروا تلك الخطط ولكن (أسمعت لو ناديت حياً) فهل توجد مصيبة اعظم من مصيبتنا هذه، أرواحنا رهناً بأيدي أناس لا يعرفون ما يفعلون في اختصاصهم ولا يحسنون من الامن سوى أوامر ( أسآآآآعد .. أسأريح) أما صلاحياتهم ونفوذهم فلا يستخدموها إلا على الجندي المسكين الذي تحمل واجبه وواجب جندي آخر دفع الرشوة ونام رغدا في بيته وكما يطلق عليه (فضائي) … فهل نحن بحاجة الى كلام اكثر من الذي قالوه المختصون اصحاب الدراية بالوضع الامني ولهم خبرة في معالجة هكذا أمور وهل واجبنا تعليم أولئك الاشياء الماسكين بزمام الامور كيف يحافظون على الامن، وقد ذكرني موقفي هذا وانا لا اعرف ما اقول، بمشهد سينمائي كوميدي يقول فيه الممثل (ماذا أقول وكيف أقول وهل هناك ما يقال أكثر مما قيل) … فرحم الله تلك الجدة حين قالت (علتي بكبر بغداد(.