مرَّ رجل بطفلة صغيرة، ترتدي ملابس بالية جداً وتطلب حسنة، فقال في قلبه : لمَ تسمح بذلك يا رب؟ أرجوك إفعل شيئاً، وعند المساء جلس ليشاهد الأخبار فرأى صوراً، لأطفال يعانون المجاعة، في بعض الدول الفقيرة، فقال في نفسه: يا رب لماذا هذه التعاسة؟ أرجوك افعل شيئاً، وفي الليل سمع الرب يقول له: إني قد فعلتُ شيئاً لقد صنعتك أنت!
الإنسان الرسالي الهادف، هو مَنْ يستطيع إستثمار قابلياته لخدمة الناس وإصلاح المجتمع، فينتج طريقاً مشعاً بالكرامة، وهو ما تدعو إليه المرجعية الرشيدة، حين أكدت على أن مَنْ لا يستطيع تحمل المسؤولية، فليتنحَ عن المنصب فهناك أجدر منه به، فأصدق تعابير الوطنية والمواطنة، أن تخدم أهلك ومجتمعك بعيداً عن الفئوية والمذهبية، فأنت مَنْ تصنع الخير وتنشره، فيا أيها الإنسان ما غرك؟
رأب الصدع وإصلاح الخلل، يتطلب كلمات صحيحة في مواقف صحيحة، ولعل ما أشار به السيد عمار الحكيم، رئيس التحالف الوطني في الحفل التأبيني، لذكرى إستشهاد السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)، كانت تلفت الأنظار لقضايا شديدة الوضوح والخطورة، بعيداً عن الوهج المؤقت، وأهمها أن العراق وطن يقوم على حقيقة واحدة، وهي أنه خُلِقَ ليكون لنا جميعاً، فقدرنا واحد، ومصيرنا واحد.
الإنفتاح، والحوار، وقبول الآخر، والإعتدال، فرص ثمينة للقضاء على الفكر المتفسخ، الذي جعل بعض الساسة يأكلون النار ويتعجلون العار، ويرسلون رسالة إطمئنان مزيفة للجماهير، بظاهر الحدث السياسي، لئلا تذهب أعمالهم بحافظة التأريخ دون إبداع يذكر، وهذه حقيقة تثبت أن القوى الوطنية المعتدلة، هي مَنْ تسعى جاهدة، للملمة الوضع العراقي بلا كلل وملل، وتشق طريقها بثقة وصدق، فطوبى لهم وحُسن مآب.
رؤوس في مزاد الدم يقف بعضهم متفرجاً أزاءه، وشتاء العائلة يقضي على أبسط أنواع الحياة للشعور بالدفء، وعصابة من اللصوص سرقت أرضنا، وبديع مسرحنا العربي يدون سجالاً عقيماً، مترهلاً، لكن مَنْ يتصدى لهذه المشاهد، بطل للتقوى أعقبها بفتوى، وشعب معجزة، ولوحات ثرة متناغمة العطاء، توحد وطنيتنا رغم أنوف الحاقدين، وهي حقيقة أخرى تؤكد، أن عراقنا عالم لن يدمره الزمن والصراع.
لماذا نستمر بالمشاهدة حيال مايحصل، ونحن نعلم أن الرب ماخلقنا عبثاً، فبعد أن جمعنا قدراتنا لإسقاط الطاغية، كان لابدَّ من لمّ الصفوف، بدلاً من مشاهدة كل طرف قناته، حيث تمثل قوميته، ومذهبه، وأفكاره، لتقود القطيع بالكيفية التي تريدها تلك القنوات، ولنرى مشاهد الفرح والطفولة السعيدة، أذُكرّك أيها القارئ:وطننا سيبقى قائماً للأبد بحقيقة واحدة، وهي أن الله خلق العراق ليكون واحداً.