في أول ايام الاحتلال الامريكي للعراق شاع في شوارع مدينة الناصرية ( 360 كم ) جنوب بغداد أن صقرا لأمير قطري كان يتصيد طير الحباري في صحراء السلمان في بادية مدينة السماوة قد فقد توازن طيرانه وتاه وهو الان يتنقل على سطوح مدينة الناصرية ومن يمسكه ويسلمه الى صاحبه له مكافأة ( 50 الف دولار ) .
وما سمعت المدينة بالمبلغ حتى كان الناس كما افواج متجحفلة قد صعدت السطوح غير عابئة بالطيران الامريكي لتعثر وتمسك على هذا الطائر الثمين .
وهكذا سرت الشائعات ان المطاردة كانت تتم من سطح الى سطح .وما ان جاء المساء حتى اكتشف اهل الناصرية إن ليس هناك أي صقر على سطوحهم وانما الامر مجرد دعاية من احدهم اراد ان يشغل الناس ويتحدى بفطرتها وفقاريتها واملها بالحصول على الدولارات تتحدى الطيران المحتل.
يومها اكتشفت لماذا اشتهرت كثيرا اغنية ( طير الحباري هجر ارضه وهجر مرضعه ) التي غناها المطرب العراقي حميد منصور في سبعينيات القرن الماضي ، فلربما هي اهداء لتلك الحملات التي بدا فيها اهل قطار بالمجيء الى بادية السماوة وممارسة هوايتهم المحبوبة صيد الحباري بالصقور.
ولأنها هواية طبيعية وجميلة ولاتؤثر على الامن الوطني لان علاقتنا وقتها اكثر جيدة مع قطر ، فلقد كان الصيادون القطريون مرحب بهم في ممارسة ما تفننوا به . ولم نسمع طوال ذلك الزمن اي حادث اعترض هوايتهم السنوية ما دامت هي والى اليوم تتم عبر القنوات الرسمية والدبلوماسية وبحماية من المخابرات العراقية .
قبل يومين تم خطف 17 صيادا قطريا من قبل مجموعات مسلحة تضاربت الاقاويل حول نواياها ومطالبها التي بعضها يذكر انها سياسية والبعض يقول انها مادية حيث يقال ان فدية 100 مليون دولار التي طلبها الخاطفين ثمنا لتحرير الصيادين الاسرى ارتفع الى مبلغ نصف مليار دولار.
الحكومة العراقية في غاية الحرج أزاء هكذا ورطة . وحكومة السماوة تحمل وزارة الداخلية السبب ، واكثر من نائب ظهر على التلفاز يفنطز ويحلل على مزاجه.
الأمر في صورته هو انعكاس للعلاقة العاطفية المتوترة التي تخلقها الاجواء العراقية ومن يحيط بها ويضاف اليها غياب الحزم الشديد للدولة في حفظ هيبتها مما يدفع بعض الجهات لتقرر ما تراه الرد الفعل المناسب إزاء ما يحدث في العراق.
وفي أي حالة ، فأننا من باب المنطق والوطنية والضيافة ان نترك الصيادين بحالهم ،فهم لا يسرقون نفطا من ابارنا بل يصيدون طيورا في سماءنا وهم يتغنون بأغنية حميد منصور.