22 ديسمبر، 2024 3:30 م

وطن بديل.. وكارثة تلوح في الأفق!

وطن بديل.. وكارثة تلوح في الأفق!

طموحات معطلة أحلام مستحيلة, وحقوق مسلوبة وحكومات متتابعة مصابة بالصمم جوع فقر بطالة تهجير, موت مجاني ومقابر جماعية (ومسؤولين حرامية), وصورة مربكة عن وطن أصبح فيه العيش حرب دائمة, تلك صورة مختصرة عن أسباب هجرة الشباب, ولا يجرؤ احد أن يلوم المهاجرين على ذلك, الا أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن العراق بدأ يدخل في المرحلة التالية من الفوضى الخلاقة.

المرحلة الأولى لمشروع الشرق الأوسط الجديد أنطلقت منذ أستلام أوباما لرئاسة الولايات المتحدة, وفعلا قطع أوباما شوطا كبيرا , وغير خارطة الشرق الأوسط وتمكن من أدخال المنطقة العربية في دوامة من الدم, دون أن يحرك جندياً واحداً, فقد تحققت فرضية الجيوش البديلة.

عروش أُسقطت, وخريف عربي حمل في جعبته أعاصير أبتلعت الأخضر واليابس وصنعت من المنطقة العربية وادي ذئاب كبير, بنسخة طبق الأصل تحاكي المسلسل التركي المعروف, صراع مستمر, دون أن تعرف الغلبة لمن, وبقيت أسرائيل آمنة تماما وبعيدة عن وادي الموت ودوامة الدم.

المرحلة الأخرى في الفوضى الخلاقة الوطن البديل, و أجبار الشباب على الهجرة تساعد في ذلك الحكومات العربية, التي تعمل على تهجير شبابها لأنها ببساطة جزء من المؤامرة الكبرى, فالحكومة عندما تقطع سبيل العيش أمام الشباب وتحرم المواطن من أبسط مقومات الكرامة الإنسانية هذا يعني أنها تدفعهم للهجرة.

من أخطر نتائج الهجرة على المجتمع العراقي هو تغيير النسيج الأجتماعي, فالعراق بلد متعدد الأثنيات, وما يحدث من هجرة, هو أستهداف ممنهج لتلك الأثنيات, سيؤدي الى أختلال التوازن في نسب تلك الجماعات.

من جانب آخر أن عصابات التهريب لا تهدف الى أيصال الشباب لأماكن محددة, بل تسعى للأحتيال عليهم, ليواجهوا مصيرهم وهو ( الموت غرقا), وهذا هدف آخر الغاية منه تقليل نسبة السكان, في بلدان الصراع وفي مقدمتها بلاد الرافدين , لاسيما أن هناك دول في المنطقة العربية تعمل على أدخال السيارات المفخخة للعراق, من أجل أيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر, وذلك لتحقيق هدف كشفت عنه عدة مواقع أعلامية مفاده أن أمريكا وبعض الدول العربية تسعى لتقليل نسبة سكان العراق ألى النصف!

المشكلة الأهم أن معظم الدول الأوروبية التي يهاجر اليها الشباب تنشط فيها شبكات لجماعات متطرفة, تعمل على كسب وتجنيد الشباب, وتمهد لأنخراطهم ضمن ما يعرف بداعش أو جبهة النصرة والجيش الحر.

على هذا الأساس ستصبح تلك الطاقات المهاجرة وقود محرقة كبيرة في المنطقة العربية, ورافد لا يستهان به من روافد الإرهاب, لاسيما أن الجماعات المتطرفة تعرف جيدا كيف تستقطب الشباب, يساعدهم في تحقيق أهدافهم الجوع والعوز الذي سيجبر قسم كبير من اللاجئين على الأنضمام لتلك الجماعات, وهذا ما تخشى منه بعض الدول الأوروبية, ولذلك هي تعارض مرور المهاجرين من أراضيها.

المانيا سعت لأنقاذ نسبة كبيرة من المهاجرين من براثن الموت, وهي الدولة الوحيدة التي تستحق الثناء, لأنها ببساطة بحاجة اليهم , فألمانيا عضو مهم في الدول الصناعية الثمان في العالم, وتحتاج الى ما يقارب 200 الف عامل سنويا في معامل الحديد والصلب, والصناعات الإلكترونية, ووجود المهاجرين على أراضيها سيوفر عليها طلب اليد العاملة من الخارج, والتكفل بمصاريف السفر والإقامة.

بطبيعة الحال المانيا لن تستقبل جميع المهاجرين على أراضيها, وسيبقى مصير من يبقى خارج الأراضي الألمانية مجهولاً, فمن يكمل رحلته حياً الى الأراضي الأوروبية, أما سيكون صيداً سهلا للمتطرفين, أو يصبح طعما للجوع , الخاسر الوحيد في تلك المعادلة العراق الذي ينزف طاقات شبابية, ويواجه مخططات تستهدف مكوناته الأثنية, تمهيدا لمرحلة تقسيمه فيما بعد, بينما يغط أصنام المشهد السياسي العراقي في سبات عميق, ولاعجب في ذلك لأنهم ببساطة جزء من المؤامرة .