العراق وانا وطن ومواطن نبحث عن بعضنا, وجدني بقايا اغتراب مؤبد في حاويات المهجر ووجدته خارطة على جريدة قديمة, سألته عن بغداد قال “فقدتها كما فقدتها انت”, لكنها لازالت عاصمة لوطن على جريدة, اشقائنا في العروبة والأسلام اهدونا كائنات موقتة للتفجير من داخل دور العبادة ومدارس الأطفال واسواق شعبية مكتظة بفقراء الأمة, فقط لأننا شعب ما كان يشبههم ولن يكون.على الجريدة فقط تجد العراق موحداً معترفاً به دولياً واقليمياً وعضواً مؤسساً في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الأسلامي, له حدود وسيادة وعلم ودستور وديمقراطية ونشيد وطني يؤذنه بلال الحبشي في مؤسسات الدولة, غني بالنفط والنخيل, له نهرين خالدين وحضارات عريقة, فيه رئيس جمهورية وسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية وسلك دبلوماس واشياء اخرى على الجريدة.الواقع العراقي فقد روحه, كثوب ممزق يرتديه نظام ممزق استلمه من آخر ممزق, يدخل حروباً في سيوف من ورق الجريدة, يخسرها ثم يهرب ليربحها, محتفل في الجريدة بسلامة حكومة (شراكة القنفة), رؤساء الكتل منتصرون على وطنهم والعراقيون يتكاثرون بشكل مدهش ليكونوا حطباً يكفي لحرائق الأحتلالات والحصارات القادمة او اصوات يحتذيها الفساد , لا تاريخ في تاريخهم ولا حضاره في حضاراتهم, انجازات اجدادهم لاجئة في متاحف الدنيا يفهمها المارون دهشة واهلها لا يفقهونها او يدفعونها ثمناً لعملية تجميل لرفيقات ما قبل الفرهود الجهادي, انها ذات جريحة استقطعت وهربت من وطن اختزلته الأقدار خارطة على جريدة.من خارج الجريدة لا وطن نحن ولا مواطن, سفارة امريكة تكتبنا لتعيد قراءتنا بعد خمسين عاماً وسفارة ايرانية تبعث لنا مندوباً سامياً نتخذ منه امامة وسماحة وشفاعة, نتبعه نقلده ونردد بعده موعظة بلكنة مهجنة, الخليج السعودي يؤجر دواعشنا ومن يرخصنا حد الأهداء, تركيا تشرب عافيتنا من مراضع الأقليم الكردي وبه تقطع بنا اصبع اللاءات.من تلك الكيانات المهجنة تشكلت فينا وعلينا احزاب وتيارات ومجالس عليا وفيالق ومليشيات تنهى عن المنكر واتحاد قوى ومتحدون في دواعش للحل والتوافق في عملية سياسية تتشارك في اقتسامنا ثم تجعل منا عناوين وجداريات واسماء اقاليم على الجريدة.سفارات وقنصليات وشبكات مخابراتية واستخباراتية معلقة بقبضاتها رقابنا, والسراج على ظهور بغال الشراكات والتوافقات ومقبوليات المحاصصة, مراجع رشيدة تحمص لنا الماضي لنشربه حاضر يمضي, سكبت التراث وقتلت الرشيد في عقر عاصمته, غيبوبة لانصحوا منها الا اذا انفجر البركان من تحتنا ليلهب ظهورنا وتحترق الجريدة ليستعيد العراق ربيعه (وطن ومواطن) ـــ في النار تغتسل الغابات من شيخوختها واحزانها ـــ.