خلت انتخابات مجالس المحافظات من الفرح المفترض للعرس الديمقراطي بتذمر العراقيين من المشاركة حيث بات ملموسا عزوفهم عن الذهاب لمراكز الاقتراع وذلك يؤشر نتيجة مفادها فقدان الثقة بأصول العملية الانتخابية من حيث الممارسة والنتائج والقائمين عليها.
وفي خضم الاحداث المتسارعة بانفجار الاوضاع في اكثر من منطقة وتأجيل انتخابات الانبار و نينوى والوضع الامني المتدهور, ان هناك لاعبا اساسيا مرر اجندته بهدوء وبعمل منظم لم يفقهه اللاعبين الاخرين في الساحة العراقية وقد تعاون معه رجال الطبقة السياسية وشيوخ العشائر ورجال الدين في المنطقة الغربية والمناطق المتوترة الاخرى دون دراية , حيث باتوا ينفذون قراراته في التصعيد والمواجهة وكأنهم تابعين له بعمل دؤوب ومنظم يهيأ له تمرير مخططه دون عناء.
افرزت النتائج للانتخابات خسارة مرسومة للحزب الحاكم على الرغم من الامكانيات الهائلة في استخدام ادوات الدولة المالية والادارية في العملية الانتخابية وفقدان سيطرته على مجالس المحافظات لقي استحسانا لدى المتضررين من سياساته ليعود الهدوء والطمأنينة لهم تارة بالتشفي واخرى بعدم استقلاله في التفرد بالسلطة وبذلك تم امتصاص الغضب المتراكم لدى الشارع العراقي والكتل المشاركة في العملية السياسية المتضررة من سياسات المالكي.
وبذلك تمهد الطريق للمشرفين على الملف العراقي في طهران ان ينجحوا باستنساخ التجربة الايرانية على الساحة العراقية بين محافظين واصلاحيين على حد زعمهم والطرفين هم ابناء المؤسسة الدينية لولاية الفقيه فعندما تبدا مرحلة التمرد المجتمعي يقدم الاصلاحيين عنوانا للخلاص من شرور المحافظين وبالجانب الاخر حين يمارس الاصلاحيون دورا مرحليا لا يراد له الاستمرار تبدا مرحلة المحافظين.
الان صانع القرار في الملف العراقي لدى طهران جعل من حزب الدعوه تيارا محافظا كبح بواسطته الامتدادات العلمانية وتصفية الخصوم وتدجينهم حتى بات استحالة استمراره لحقبة زمنية قادمة ليقدم السيد عمار الحكيم والسيد مقتدى الصدر عنوانا جديدا بالطريقة الخاتمية لامتصاص نقمة الشارع ولكونهما اصبحوا اكثر مقبولية للاعتدال بخطابهم وتخليهم عن منظمة بدر وعصائب الحق حيث تم الحاق المنظمتين بالمحافظين الجدد بقيادة حزب الدعوة.
وبذلك سيقدم الاصلاحيين الجدد محافظين للحكومات المحلية يعملون جاهدين لتغيير بوصلة نتائج الانتخابات البرلمانية القادمة ليتمكنوا من تقديم رئيسا اصلاحيا جديدا ,(هكذا يجول في مخيلة راسم السيناريو على حد معرفتي المتواضعة) متناسي صانع القرار الاحداث الاقليمية المتسارعة وما تجنيه الايام القادمة في الملف السوري وتصرف كانه اللاعب الوحيد في الشأن العراقي.