4 نوفمبر، 2024 9:20 م
Search
Close this search box.

وضع سياسي قاتم .. والقادم اخطر..!!

وضع سياسي قاتم .. والقادم اخطر..!!

كثرة الاقاويل وكثرة المخاوف من ان يتحول الازمات الخانقة الى العنف والحرب الاهلية   بفعل تلك الصراعات السياسية الناجمة عن عدم التوافق في العراق ما زالت قائمة رغم الاتفاق المبدئي على مقترح الرئيس مام جلال بأهمية  تهدئة الاوضاع للحيلولة دون الوقوع في الاخطاء التي تنعكس سلبا على العملية السياسية برمتها ، وخلق الاجواء المناخية المناسبة  قبل الدخول في المباحثات المباشرة لمعالجة الازمة القائمة بين حكومة اقليم كوردستان والحكومة المركزية  ، لان المؤشرات على أرض الواقع توحي بان الأطراف التي دخلت على الخط المباشر للازمة لا تزال تراهن على المضي قدما لاتساع رقعة الخلاف ،  وتمرير ما يحقق اهدافها ..
الاغرب والاخطر في هذه المخاوف والاقاويل هي اللغة السخيفة التي تروج لها تلك الاطراف بان الحرب اذا قامت ستكون حربا بين الكورد والعرب ، مستندين بذلك على عقليتهم الفاشية التي ورثوها ، ولم يتم الى الان اجتثاثها بالرغم من مرور عشر سنوات على الاطاحة بنظامهم الاسود ، وهذا يعني ان الفاشية والعقلية المتحجرة لا زالت تسري في عروقهم ، ولم تسقط بل هي باقية بصورتها الحقيقية تمارس دورها من تحت قبة البرلمان ، وعبر  البعض من الوزارات ومؤسساتها في الدولة .. متجاهلين عن غباء ان العلاقة العربية الكوردية هي اكبر من ان تصنفها الاقزام من امثالهم ، فصفحات التاريخ لم تترك  مناسبة الا وتحدث بأمانة عن عمق هذه العلاقات الاخوية التي سطرتها العقول الحكيمة بأحرف من النور ، الا ان الطارئين والمحسوبين على العرب قد اساءوا اليها بشتى الطرق والاساليب لضمان مصالحهم الشخصية الخاصة التي ما كانت تتجاوز في حينها كما هو الآن حدود النزوات والشهوات للثروة والجاه والسلطة ، وباعتقادي ان العربي المدرك والمتفهم لمراحل تلك العلاقات وطبيعتها يرفض بدون شك ان يكون مادة استهلاكية للمزايدة على بساط البحث عن الحروب ليكون وقودا لها مرة اخرى مغ اخيه الكوردي..
ومن هنا يبدو لي ان اصرار الكورد والمؤيدين له على هذا النهج بعدم السماح ومنع تكرار تجارب الماضي  ، نابع من ايمانه المطلق بضرورة الاحتكام الى العقل والحكمة لمنع قيام دولة بوليسية تنفرد بقرارات من شانها ان تعيد بعقارب الزمن الى الوراء ، وتنتزع الروحية التي تشكلت عليها المعارضة العراقية في المنفى ، ووحدت صفوفها مجتمعة في حينها بحس وطني صادق بضرورة انهاء ما سببه النظام من مآسي ومعاناة للشعب العراقي ، وهي بطبيعة الحال خطوات جادة لمنع العجلة ان تلتحق بمركبتها التي انفصلت عنها، لبناء دولة جديدة على اسس وضوابط انسانية تنهي الى الابد الحقد والكراهية بين عموم مكوناتها القومية والدينية والمذهبية في ظل نظام سياسي وطني تعددي خال من بقايا عقول سياسية فاشية جردت نفسها بنفسها لمدة اربعة عقود من قيم العدالة والكرامة الوطنية  التي تحولت الى كابوس مخيف انتزعت من العراقيين حتى حق الأحلام بالمستقبل … ومن هنا ان المستقبل الذي ننشده  في ظل نظامنا السياسي دفع العراقيون من ثمنه باهظا  ، وهي اكبر من اجتهاد كائن من يكون حتى وان كان رئيسا للوزراء او وزيرا للدفاع أو الداخلية ، بل هي أكبر من بعض الذين وجدوا انفسهم نوابا في البرلمان  عن طريق المحاصصة الحزبية ، ومن تصريحاتهم النارية التي لا تدل الا على عقلية متحجرة التي تهوى الفتن والتفكك والتمزيق لهذا الوطن ، الذي وجدناه اخيرا يترنح تحت يد قبضة سلطوية تقليدية تهوى لجمع السلاح والعتاد ، وحول العراق من اجله الى ثكنة عسكرية على غرار ثكنات النظام البائد   ، وتفعيلها لمبدأ التهديد والوعيد لمعارضيها والمناوئين لسياستها ، التي تكشف يوما بعد يوم  عن مدى زيف ادعاءاتها بمبدأ الديمقراطية ، كونها سلطة عمياء ارادت من اول يوم لاختيارها أن  لا ترى الا نفسها ، وتلغي الاخرين من حولها ، وسط ضياع سياسي يعيشه البلاد ، مستعينة بأحزاب تشاطرها اجنداتها السياسية في بعض الاحيان التي تعرف(( بالأغلبية)) داخل البرلمان لتمرير قوانين جديدة التي تكمل جانب اخر لصراعاتها مع اقليم كوردستان ،وهو قانون خفض الميزانية المقررة لكوردستان البالغة %17 ، الذي يترك بلا شك انطباعا واضحا لدى الكورد ان هذه السلطة ماضية في اظهار سوء نواياها ،  دون مراعاة مكانة الكورد وحجمهم داخل العملية السياسية ، الذين يحرصون  باستمرار على اهمية الوحدة الوطنية بل ويشددون عليها لضمان مستقبل مشرق  يحقق ولو جزءا بسيطا من حلم المواطن العراقي الذي يعيش وسط المخاوف من ان يتحول حياته مرة اخرى الى جحيم لا يطاق..
ان ما لا تفهمه هذه السلطة التي تحكم البلاد منذ ثمان سنوات هي انها لا يمكن ان تستمر بانفرادها وهيمنتها بالحكم في ظل السخط والرفض الشعبي على طبيعة ادارتها للحكم في البلاد  ، والتي تمخضت عنها واقع سياسي قاتم الذي غلق فيه أبواب الخروج من محنته القائمة ،  وقادمها الأخطر التي تفسد طريقة الحلول والمعالجات للازمات العاصفة والمتلاحقة…
لذلك وفي ظل قراءتنا للواقع السياسي المتأزم الذي دخل فيه السيد مقتدى الصدر طرفا من خلال رفضه التام بزج الجيش في الصراعات السياسية ، ووصفه للمالكي بالدكتاتور.. لا نستبعد ان ينتفض انصار ومؤازري كتلة التيار الصدري ويشعلوا من لهيب ثورتهم ((الربيعية)) في حالة استمرار اساءة نوري المالكي لزعيمهم الشاب مقتدى الصدر الذي يحظى بشعبية كبيرة ما لم يحظى بها اي قائد سياسي اخر. فضلا من قدرة هذا التيار على تحريك الشارع على ضوء مستجداته السياسية الساخنة التي تلزم كل الكيانات والاحزاب السياسية باتخاذ مواقفها بوضوح تام لتجنب دخول لأطراف دولية واقليمية في الشان الوطني العراقي..
وعلى هذا الاساس نعتقد ان الوقت يمر ، وعلى حكومة السيد نوري المالكي ان تحسن قراءة الاوضاع جيدا ، ويشخص الخلل بعقلية سياسية ناضجة ، بعيدا عن المصالح الشخصية  لتفادي ما يخافه العراقيون من طوفان لا يعلمون بمجراه ومسراه….!!

أحدث المقالات