19 ديسمبر، 2024 3:18 ص

وصية فاطمة الزهراء لعلي عليهما السلام

وصية فاطمة الزهراء لعلي عليهما السلام

عن روضة الواعظين:مرضت فاطمة” سلام الله عليها”مرضاً شديداً،ومكثت أربعين ليلة في مرضها الى أن توفيت، فلمّا نعيت إليها نفسها دعت أمّ أيمن ،وأسماء بنت عميس،ووجهت خلف عليّ عليه السلام،فأحضرته،فقالت:
يا بن عمّ،إنه قد نعيت إلي نفسي، وإنني لا أرى ما بي إلاّ أنّني لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة،وأنا أوصيك بأشياء في قلبي.قال لها علي عليه السلام:أوصني بما أحببت يا بنت رسول الله”صلى الله عليه وآله”،فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت،ثم قالت:يا بن عمّ،ما عهدتني كاذبة ولا خائنة، ولا خالفتك منذ عاشرتني، فقال معاذ الله،انت أعلم بالله،وأبرّ وأتقى وأكرم وأشد خوفاً من الله أن أوبّخك بمخالفتي،قد عز عليّ مفارقتك وفقدك، إلاّ أنه أمر لا بد منه،والله جدّدت عليّ مصيبة رسول الله”صلى الله عليه وآله”،وقد عظمت وفاتك وفقدك،فإنّا لله وإنّا إليه راجعون،من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضّها وأحزنها،هذه والله مصيبة لا عزاء لها، ورزية لا خلف لها.
ثم بكيت ساعة،وأخذ علي عليه السلام ،رأسها وضمها الى صدره،ثم قال: أوصيني بما شئت،فإنّك تجدينني أمضي فيها كما أمرتني به،وأختار أمرك على أمري،ثم قالت:
جزاك الله عني خير الجزاء يا بن عم رسول الله”صلى الله عليه وآله”، أوصيك أولاً أن تتزوج بعدي بابنة أختي أمامة،فإنها تكون لولدي مثلي،فإن الرجال لابد لهم من النساء.
ثم قالت: أوصيك يا بن عم أن تتخذ لي نعشاً، فقد رأيت الملائكة صوّروا صورته ،فقال لها:صفيه لي،فوصفته فاتّخذه لها،فأوّل نعش عمل على وجه الأرض ذاك،وما رأى أحد قبله،ولا عمل أحد.
ثم قالت:أوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني وأخذوا حقي،فإنّهم عدوّي،وعدو رسول الله”صلى الله عليه وآله”،ولا يترك أن يصليّ عليّ أحد منهم،ولا من أتباعهم،وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار.
بعد ان انتشر خبر موتها”صلوات الله عليها”،فصاحت اهل المدينة صيحة واحدة،واجتمعت نساء بني هاشم في دارها،فصرخن،صرخة واحدة كادت المدينة ان تتزعزع من صراخهن،وهنّ يقلن: يا سيدتاه،يا بنت رسول الله.
وأقبل الناس مثل عرف الفرس الى علي عليه السلام،وهو جالس والحسن والحسين عليهما السلام، بين يديه يبكيان،فبكى الناس لبكائهما…فلمّا هدأت العيون،ومضى شطر من الليل أخرجها علي والحسن والحسين عليهما السلام،وعمّار والمقداد وعقيل والزبير،وسلمان وبريدة،ونفر من بني هاشم وخواصّه،صلوا عليها ودفنوها في جوف الليل،وسوّى عليّ عليه السلام،حواليها قبوراً مزوّرة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها.يروي ابن شهر آشوب وآخرون،أنه لمّا أرادوا أن يوسّدوها القبر أمتدت منه يدان أشبه بيدي رسول الله”صلى الله عليه وآله”وتناولتا جثمانها عليها السلام.

أحدث المقالات

أحدث المقالات