في تمام الساعة السادسة عصراً من أصيل اليوم الثالث على حزني بفقدان اعز مااملك،ذهبت إلى غرفتي منهكة بالأسى والضياع كنت مصابة بالخمول واشعر بالدوار والرجفان في كل أعضاء جسدي وإحساس الضيق يتملكني، شعرت كأنني في فصل الشتاء القارص، كانت سترتي مرمية على الفراش سحبتها ولبستها ووضعت يداي بجيبها ورميت نفسي على السرير لمست في احد الجيوب ورقة أخرجتها وبقيت انظر اليها وكان الزمان عاد بي الى الوراء، وتذكرت عندما كنت بجانبها في المستشفى
قالت: بصوت خافت هل لديك ورقة وقلم؟
قلت: نعم، لماذا؟
قالت: هاتيها، اريد أن اكتب شيء
مددت يدي في حقيبتي واخرجت دفتري الصغير الذي يرافقني أين ما ذهبت اكتب فيه بعض الملاحظات والأشياء المطلوبة مني، أعطيتها الدفتر ومعه قلم بقيت تنظر الي قلت لها ماذا بعد؟ قالت: اخرجي حتى اكتب ما اريده.
قلت: لها هل انت متأكدة؟
قالت: نعم.
قلت لها: هل انت…
قاطعتني، وقالت: اخرجي فحسب أنا بخير لازلت أتنفس.
قلت لها: سوف أقف أمام الغرفة، نادي علي ان احتجت شيئاً.
خرجت وجلست على باب الغرفة، كانت المستشفى تغص بالمرضى والمراجعين ورائحة الموت في كل مكان، كنت متعبه جدا ولم استطيع النوم خلال فترة دخول أمي للمستشفى أغمضت عيني لوله لأستريح قليلا، ثم سمعت صوتها يناديني نظرت إلى ساعة يدي واذا بالوقت الذي غفوت فيه كان نصف ساعة، ولم انتبه على نفسي.
وعندما دخلت اليها أعطتني الورقة وقالت:اوعديني أن لا تفتحيها آلا بعد رحيلي عنك.
اخذت الورقة ووضعتها في جيب سترتي وضحكت على كلامها ومزحت معها ولم انتبه أنها كانت تشعر بان وقت رحيلها قد قرب، وفعلا صدق شعورها ورحلت عني، وتركتني وحيدة انازع الم الفراق واصارع هذا العالم القاسي.
فتحت الرسالة وجرت معها دموعي التي لم تجف منذ رحليها إلى ألان، فاذا بها وصيتها، التي قالت فيها:
أوصيكِ يا ابنتي أن لا تحزني علي لفترة طويلة وان تلملمي شتات جأشك وروحك وترممي جراحك وتستمري بالحياة، وان تكوني قوية وتناضلي وتكافحي حتى تصلين إلى ما تريدين،اجعلي حزنك لوحات تسر الناظرين، اكتبي وانثري قصائدك أمام الجميع، اعزفي ما تريدين خططي لطريقك لتستمر الحياة، حاولي إن تصلي الى حلمك حتى وان كانت الطرق جميعها مليئة بالصعوبات والأشواك الجارحة، لا تتذمري ولا تيأسي كوني قوية بنظر الجميع فأنت لست ناقصة عقل مثل ما يقولون ولست مصدر إزعاج لأحد انت زهرة أثمرت في فصل الربيع رائحتها الزاهية تجذب القريب والبعيد.
انت لست بعانس ولست من ينظر أمام الطرقات في سبيل إن تجدي سند لك، اجعلي ثقتك بنفسك قوية وبان تثقي بإحساسك وأنوثتك وثقافتك، وان تحرري عقلك وان تثوري على من يستهزئ بك اجعلي نفسك أول همك والمجتمع والناس أخر همك لأنني اعتقد انك ِكبرتِ كثيرا على انتظار رأي احدهم بك ِكي تعيشي على مزاجه ولا تجعلي همومك تسيطر عليك ولا تدعي الآخرين يستغلون براءتك تثقفي واثبتي للعالم انك جديرة بالثقة.
ثوري على الجهل والظلام الذي يحيط بك ثابري واصبري وكوني ما تتمنين، وبالمكان الذي تستحقين، لا تجعلي حياتك محطة لانتظار احد او إرضاء شخص ما، لا تجعلي المجتمع الذكوري يؤثر على أحلامك وطموحاتك، ولا تخوضي حرب وتقاتلي المجتمع بأداة حادة وتشهري سيفك فستكونين الخاسر الأول لكن قاتلي وحاربي بفكرك وثقافتك وأهدافك وأحلامك التي تنتظرك وأنتِ حقا جديرة في النجاة بنفسك بعد كل حرب تخرجين بأقل الخسائر، لأنهم مهما حاولوا سجنك ستكون روحك حرة ولو كانت محبوسة بألاف من القضبان.
يا ابنتي انت امرأة حرة، فكوني كذلك،لا تسمحي لهم أن يستمروا بأدلجة عقلك على انك ناقصة وعورة وضعيفة، ويجب أن تكوني تابعة لبني جنسك من الذكور، انت أقوى بكثير من هذا الهراء، ولأنهم قابعون على صدر العادات عيونهم مليئة بالظلام والظلم يظنون انكِ ستتلاشين في مزاجياتهم الموبوءة، كوني عمود نفسك فأنت قوية وستبقي كذلك.
مع حبي والدتك وصديقتك المخلصة دوماً