تعتبر ظاهرة الفساد الاداري والمالي آفة مجتمعية فتاكة وهي قديمة ومخضرمة وجدت في كل العصور، وفي كل المجتمعات ، الغنية والفقيرة ، المتعلمة والأمية ، القوية والضعيفة ، وحتى يومنا هذا.فظهورها واستمرارها مرتبط برغبة الإنسان في الحصول على مكاسب مادية أو معنوية بطرق غير مشروعة وتكون واضحة بصورة كبيرة في مجتمعات العالم الثالث وخاصة في مؤسساتها الحكومية حيث انه سبب مشكلاتها الاقتصادية وتخلفها عن مسيرة التقدم . وقد جاهدت الكثير من المجتمعات الحديثة للتخلص من هذه الآفة المجتمعية ، لأنها تقف عقبة في سبيل التطورالسليم والصحيح لتلك المجتمعات،وان تفشيها في مؤسسات الدولة تعتبر من اشد العقبات خطورة في وجه الانتعاش الاقتصادي حيث انه يظهر في استغلال السلطة لأغراض خاصة سواء في تجارة الوظيفة او الابتزاز او المحاباة او اهدار المال العام او التلاعب فيه وسواء اكان ذلك مباشراً أم غير مباشر، وتنتج عنه اثار سيئة وهي تحويل الموارد والامكانات الحقيقية من مصلحة الجميع إلى مصلحــــة أشخاص حيث يتم تركيز المصلحة والثروة في يد فئة قليلة من المجتمع، وهذا ليس في صالح الدولة على المدى البعيد مما يولد مستقبلاً ذو اثارسيئة وضارة.
وهنا بعد توقيع رئيس الوزراء حيدر العبادي مذكرة تفاهم مع برنامج الامم المتحدة الانمائي بخصوص التعاقد مع 21 محقق دولي باشراف الامم المتحدة للتحقيق ومساعدته في كشف 361مليار مفقودة من موازنات 2004و2014 فضلا عن مصير الالاف من المشاريع والاستثمارات في قطاعات الكهرباء والاستثمار والزراعة ،وذلك لضمان حيادية التحقيق مع وزراء وشخصيات مهمة،من اجل دعم العبادي في مشروع الاصلاحات
وهنا اود ان ابين الملاحظات الاتية:
1- ان توقيع المذكرة من قبل العبادي هو اعتراف صريح منه لوجود مسؤولين حكوميين فاسدين
2- ان وصول المحققين الى بغداد يؤكد فساد الاجهزة الحكومية في العراق
3- بالنظر لوصول المحققين فان لاداعي لاوجود مكتب المفتش العام في كل وزارة ولجنة النزاهة البرلمانية واللجنة القانونية البرلمانية وديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة العامة ومجلس القضاء الاعلى ومكتب الادعاء العام حيث ان لكل من هذه التشكيلات مكاتب بالمحافظات وعجلات ورواتب موظفين واثاث ونثرية مالية .لاداعي لتبذيرها بسبب عدم جدوى وجودها بدون مبرر.
4- ان وصول المحققين يعتبر اهانة لدور كل الجهات الرقابية والتحقيقية في العراق بما فيها مجلس النواب الذي لم يمارس دوره الرقابي مما ادى ذلك الى هذه الحجم من الفساد الاداري والمالي
5- ان الحكومة العراقية ستصرف الاموال الطائلة للمحققين 21 من رواتب وتوفير سكن وسيارات وطائرات تنقل واجهزة للتحقيق .الخ…حيث ان البلد يعاني من التقشف وهذا وجه اخر لاهدار الاموال العراقية
6- ان هذا القرار يؤكد فساد الحكومات السابقة من وزراء وغيرهم .
لذلك اقترح الاتي
اعفاء جميع هذه التشكيلات والتحقيق مع كوادرهم بعد استبدالهم باشخاص كفؤين قادرين على تحمل المسؤولية والامانة لكي لانسمح بالفساد او حضور محققين دوليين لمساهمة مؤسسات الدولة في محاربة الفساد الاداري والمعالجة الجذرية له ومواجهته للتوصل الى بناء اقتصاد مبني على اسس متينة يصل الى مرتبة الدول المتقدمة.