لا زال الثور الأمريكي ممتنعا عن إرسال قوات برية إلى منطقة الشرق الأوسط، رغم فشل طائراته بحسم المعركة مع داعش، وكذلك فشل الجيش الحر من السوريين في مسك الأرض، وفي آخر جلسة استماع في الكونغرس الأميركي للجنرال لويد أوستن، وعند سؤاله عن مصير 5400 مقاتل سوري دربتهم القوات الأمريكية، وانفق عليهم 500 مليون دولار، اجاب الجنرال انه لم يبق منهم سوى أربعة أو خمسة أشخاص، أي فشل المشروع حتى الثمالة، وكان طيران التحالف قد قتل في بداية الحملة قبل عام، العديد من قيادات داعش المهمة والفاعلة في الميدان، إلا أن التنظيم استطاع أن يعوض ما خسره خلال فترة قصيرة، من خلال التجنيد والتدريب لعناصر جديدة، كل ذلك لم يجعل الرئيس الأمريكي باراك اوباما أن يغيّر موقفه، وينكل بوعده الذي قطعه للشعب الأمريكي أثناء الانتخابات من أنه لن يرسل قوات برية إلى منطقة الشرق الأوسط.
وأمريكا لايمكنها أن تطاول في هذه اللعبة الى المالانهاية ،لذلك عليها السماح أو إعطاء الضوء الأخضر لمن عنده استعداد من الدول الغربية، أن يرسل جيشه إلى المنطقة، ولم تفتح شهية أحد منها لهذا الأمر غير روسيا ،والتي بدات بارسال طائرات إلى مطار اللاذقية محملة بمعدات الدفاع الجوي، وقوات برية مقاتلة وآخرها وصول 28 طائرة عسكرية مقاتلة .
وقد مهد لهذا الحدث، بمشهد دراماتيكي، تم إخراجه في ستوديوهات هوليود المتطورة فنيا وتقنيا،بدأ هذا المشهد بصور الطفل السوري الغريق غيلان، والتي نقلتها إحدى محطات التلفزيون التركية الرسمية، ثم تلتها مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل، وإلغاء قانون أعادت اللاجئين السوريين الى اول دولة أوربية دخلوها ،ثم تبعتها بقية الدول الأوربية بفتح حدودها لعبور آلاف المهاجرين، في مشهد مهيب وهم يسيرون على أقدامهم في شوارع أوربا، كأنهم في زيارة الأربعين في صفر، لتتضح أمام الرأي العام المآسي العظام التي خلفها داعش والسياسات المتخبطة لحكومات المنطقة، حتى اسكت آخر صوت وهو السعودية، كان يعترض على بقاء بشار الأسد في السلطة، عندما قالت ميركل (غدا سنخبر أطفالنا أن اللاجئين السوريين هربوا من بلادهم إلى بلادنا وكانت مكة بلاد المسلمين أقرب إليهم ).
وأمام تراجع الثور الأمريكي ووصول الدب القطبي، بقي حمير المنطقة (الحكومات )لا يعرفون طريق العودة،إلا اسرئيل الدولة التي تمتلك أكثر من 250 رأس نووي والمدعومة من قبل الغرب، فقد ذهب نتنياهو إلى موسكو، يستجدي من بوتين التنسيق، من أجل عدم وصول السلاح الذي تزوده روسيا إلى سوريا بيد حزب الله، وكذلك عدم تواجد قوات إيرانية رسمية على حدودها، وطبعا هؤلاء يهود لايمكن ان يكون مثلا لحكومتنا الإسلامية، التي أبت أن تطأطأ هامتها وتنسق مع أبناء جلدتها في دول الخليج، ولا حتى مع شركائها في الوطن،من أجل حماية شعبها من الإرهاب، والذي يئن الكثير منهم تحت نير داعش، فكيف في التنسيق مع روسيا! وكذلك من الأمور التي لاحظتها ،اني لم أسمع من أحد من ساسة العراق اي رفض لتواجد القوات الروسية في سوريا، ولم يسميها أحد بالاحتلال والسبب واضح، ولكني فقط أحببت أن أبين تهافت الشعاراتية وازدواجية المعاييرعند الساسة .
على حكومة العبادي أن تسارع لاستثمار هذا التغير في السياسة الدولية والإقليمية ، من أجل مصلحة العراق، وأن تترك الاتكال على الآخرين في تسيير أمورها، وهو كلام يقال ،وان كنت واثق من النتيجة ،فهي كما قال المهوال الشعبي (لا يعبر وتنومس بية يغرك ويفرح الشامت )