23 ديسمبر، 2024 10:02 م

وصمة عراقية على جبين الديمقراطية

وصمة عراقية على جبين الديمقراطية

التجارب ايا كان نوعها , سياسية او اقتصادية او ثقافية  او غيرها , عادة ماتنضج مع التقادم الزمني , فهي ربما تبدأ باخطاء معينة , الا ان الاصرار على التشبث بها ومواصلة تقويمها مهما كان حجم الفشل الذي احاق بها مع المرة الاولى , فأنها لابد ان تتلمس طريقها الصحيح وتؤتي ثمارها ونتائجها , أي انها ستقفز الى حدود النجاح, فالتجربة التي كانت محفوفة بالاخطاء في الماضي قد تجاوزت هفواتها واشكالاتها مبتدئة مسيرة طريق جديد خال من الاخطار .
هذه هي الحقيقة في تعامل اغلب دول العالم مع التجارب حديثة العهد , لكنها في العراق تختلف تماما حيث ان التجربة الاولى ربما تبدأ بنتائج اعتيادية فيها نوع من المقبولية , لكن تكرار التجربة بعد مرحلة زمنية عادة ما يأتي بنتائج اسوء لاتصل الى مصاف ماحققته الاولى , وسرعان ماتتحول تلك التجربة الى هم كبير لاطاقة لاحد على تجاوزه , أي انها صارت وبالا بدلا من زراعة الخير والامل والاستقرار.
وعند الحديث عن التجارب العراقية الثلاث في محاولات تحسين صورة الديمقراطية وتجميلها , نجد ان الانتخابات التشريعية التي تمثل ابهى صور الديمقراطية التي تسعى الى ترسيخ حكم الشعب قد توافقت مع المفاهيم والتصورات التي طرحناها , بمعنى ان تجربة الديمقراطية تناسبت عكسيا مع عدد الاشهر والسنوات , فكلما تواترت او تسارعت حركة الايام الى الامام , تراجعت الديمقراطية الى الخلف, وهذا ما اشرته الظروف المحيطة بتجربة الانتخابات التشريعية الاولى عام 2006 والثالثة عام 2014 .
اليوم ونحن نخوض غمار اعادة تجربة ديمقراطية بعد انقضاء اربع سنوات على التجربة الثانية , نستطيع القول ان ما يجري الان لم يكن يمثل وقفة سياسية عقلانية لمراجعة اخفاقات الماضي وتأشير مواطن الخلل في سبيل الانطلاق نحو اتجاهات جديدة تختلف عن السابق تؤسس لمشروع وطني يغني هذه التجربة ويجردها من عوامل الاخفاقات والسقوط , بل انها باتت فرصة للاجهاز على ما افرزته التجربتان السابقتان بغض النظر عن ماحققته او فشلت فيه, ومعولا هداما يطيح بتطلعات الشعب المرهونة بمفاهيم الديمقراطية التي افتقدناها ردحا من الزمن .
كانت الانتخابات التشريعية اليوم وسيلة لتبادل الاتهامات بين الكتل السياسية وكأنها خط شروع لبداية حرب شرسة مهدت  لها العدوانية والتشنج واتهامات الفشل التي تحولت الى  اسلحة فتاكة يستخدمها السياسيون في كل اطراف المعادلة لتقويض ماتبقى من التجربة الديمقراطية .
لانعرف حتى اللحظة ماهي العربة التي تراهن عليها الكتل السياسية في قطار المسيرة الديمقراطية , ولانعرف ماهي المحصلة الانية او المستقبلية , فالجميع يتحدثون بلغة الانتصار ولا احد يطرق باب الهزيمة سوى الديمقراطية  المسكينة .